كتب ناصر قنديل
– المقاومة في لبنان هي المعنية بالسؤال متى تندلع الحرب الكبرى؟ والمقصود واضح وهو متى تبدأ الصواريخ بالسقوط على المنشآت الحيوية في كيان الاحتلال؟ والمقاومة في لبنان تدرك أن في السؤال خليطاً من تدفق عاطفي وخبث سياسي وأمني، وهي في حساباتها وقراراتها لا تنطلق من الانفعالات العاطفية رغم تقدير خلفياتها وأصحابها، بل تقيم حساباً بارداً للمعادلات والضرورات والإجابة عن أسئلة متى وكيف وأين، وهي تضع في حسابها أصحاب الخبث السياسي والأمني، وتزيد من الغموض، خصوصاً أن مصير فلسطين والتصدّي لعدوانية الاحتلال ومجازره مسؤولية تطال مقتدرين عرباً لديهم ترسانات من الأسلحة وخزائن مليئة بالأموال، وأصحاب الأسئلة الخبيثة يسبّحون بحمد هؤلاء المقتدرين، ويعفونهم من مسؤولية نصرة غزة، رغم أن ما أنفقه هؤلاء على حرب سورية واليمن يكفي لتحرير فلسطين، ورغم أنهم أظهروا القدرة على تعبئة مئات الآلاف للقتال في سورية وأصدر شيوخهم مئات فتاوى الموت والقتل، فبرروا قتل ثلث الشعب السوري، فأفتوا بالعمليات الانتحارية للآلاف، بينما لم يفعلوا شيئاً من هذا لفلسطين، ورغم أنهم يملكون أدوات ضغط على الأميركي الذي لا يتردد في الظهور طرفاً في هذه الحرب الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني وضد غزة، وتدفق النفط وتحديد سعره وما يترتب عليهما على اقتصادات الغرب بين أيديهم، ولم يلوحوا ولو تلويحاً بفعل شيء، ولذلك فإن المقاومة معنية برد السؤال لأصحابه اولاً وطرح السؤال: لماذا لا توضع مقدرات الأمة كلها في خدمة قضية فلسطين، والمقاومة حاضرة وجاهزة لتكون جزءاً من هذه المسؤولية، وأن تُساءَل بحجم ما تملك وما تمثل بالمقارنة والقياس مع سواها.
– المقاومة وقد بدأت من اليوم الأول بإشعال الفتيل على الحدود وبناء رأس جسر ينمو كل يوم لتوسيع نطاق دورها ومدى نيرانها تأخذ في حسابها أن أحداً سواها ومن خلفها محور المقاومة، لن يتحرك لنصرة فلسطين وغزة، وتعتبر أن هذا واجبها بلا منّة، ولا تطلب مقابل ذلك جزاء ولا شكوراً، إلا الإنصاف، والإنصاف يقتضي الاعتراف بخيبة الأمل من سواها، وتمييزها كقوة شريفة يوجّه إليها السؤال لأنها متميزة هكذا، وهنا من ينتظر جواباً من نوع تحديد مهلة زمنية، أو معادلة عسكرية، يرتبط بها توسيع مدى النار ونوعيته، فلن يسمع جواباً! لكن الكلام الذي قاله رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين، يرسم معادلة تتيح فهم كيف تفكر المقاومة، وهي غير الطريقة التي يفكر بها أصحاب السؤال. فالسيد صفي الدين يقول عملياً إن الأمر لا يرتبط بموعد أو بحدث، بل بسقف رسمته المقاومة لنهايات هذه الحرب، كان أول عناوينه أن غزة لن تترك وحدها، وهي ليست وحدها، بمجرد أن يتضمّن بيان المقاومة المرفق بعمليتها الأولى في 8 تشرين الأول أي بعد يوم من طوفان الأقصى، من أنها ليست على الحياد، والسيد صفي الدين يقول اليوم، إن مشروع التهجير لن يمرّ. وهنا رسالة واضحة مضمونها أن تهرب جيش الاحتلال من المواجهة البرية، التي أعدت لها المقاومة في غزة وتنتظرها بفارغ الصبر، نحو عمليات القتل المفتوح لوضع مشروع التهجير باباً وحيداً أمام الفلسطينيين، مستقوياً بفارق القدرة النارية بينه وبين المقاومة في فلسطين، لن تسمح المقاومة في لبنان بنجاحه. وهذا يحمل ضمنا إشارة الى ان ظهور إشارات على المضي بهذا المشروع بقوة التفوق الناري، سوف يعني اقتراب لحظة تدخل المقاومة بالنار اللازمة بنوعها وكميتها ومداها وأهدافها المناسبة.
– المقاومة في لبنان وفقاً لما قال الأميركي الذي أصبح مدير الحرب، ووفقاً لما قاله رئيس مجلس الأمن القومي في كيان الاحتلال، سوف تكون في مواجهة خطر النيران الأميركية إذا قررت توسيع تدخلها ومدى وحجم نيرانها، وهذا الكلام وسط حملة إعلامية أميركية يشترك فيها عرب ولبنانيون عن مفهوم الردع الأميركي. فتأتي المقاومة التي وسعت نطاق عملياتها ومدى نارها تدريجياً خلال الأيام التي مضت، كماً ونوعاً، لتقول إنها لا تقيم حسابا لهذا المسمّى بالردع الأميركي، ولمن لم يفهم الرسالة يأتي كلام السيد صفي الدين، ليقول بالوضوح الذي لا لبس فيه، ففي كلام وجّهه صفي الدين للأميركيين والأوروبيين، شدد على أنّه «إن كنتم تحذروننا فإن جوابنا لكم أنه عليكم أن تحذروا منّا، فالخطأ الذي قد ترتكبونه مع مقاومتنا سيكون الجواب عليه مدويًا وصاخبًا، وما عندنا هو أقوى مما عندكم بكثير، وما لدينا هو أكثر مما لديكم». وهنا فليحلل ويستنتج من يريدون التحليل والاستنتاج، لمعرفة القصد بعبارة ما عندنا أقوى مما عندكم وما لدينا هو أكثر لديكم.
– سينال كلام السيد صفي الدين نصيباً وافراً من الاهتمام حيث غرف العمليات التي تحلل وتستنتج، وربما لا يثير اهتمام الذين ينشغلون بلعبة الترويج ويتلقون تعليمات الدكتيلو.