صرخة الراعي!؟
كتب البير خوري:
من بيروت الى عواصم القرار الدولية والاقليمية،تنقلت ازمة انتخاب رئيس للجمهورية لتعود بعد كل مفاجأة الى نقطة الصفر. لم تأت المفاوضات ولا اللقاءات ولا التحذيرات الدولية والخارجية من مغبة الفراغ الرئاسي وةنعكاساته على البلاد-لم تأت- برئيس يعيد لملمة الشمل اللبناني المنقسم حزبيا وسياسيا وطائفيا ومناطقيا، وبالتالي تستمر اللائحة الرئاسية المارونية مدار أخذ ورد، بين قبول ورفض،الى ان يقضي الله امرا مفعولا.
جاءت زيارة البطريرك الأخيرة الى كل من حاضرة الفاتيكان وقصر الاليزيه، ومعه اللائحة المارونية الرئاسية المتفق عليها بين الأفرقاء المسيحيين،كما تردد المصادر، لتبدد الشك باليقين.. لكن الحركة ظلت محاصرة من الأحزاب المسيحية نفسها، كما من الثنائي الشيعي الذي يصر على موقفه بتأييد مرشحه سليمان فرنجية ومواجهة كل الأسماء المقترحة، بدءا من جهاد ازعور الى صلاح حنين ونعمة فرام وزياد بارود، فضلا عن الموقف الشيعي المتحفظ من قائد الجيش الجنرال جوزف عون.
كان اللبنانيون، وخصوصا الموارنة، يتوقعون ان يعود الراعي الى بكركي حاملا معه صوتا صارخا في براري الأفرقاء المنقسمين افقيا وعاموديا، يصرخ فيهم: “هذا هو الرئيس الحبيب الذي به سررت”.. ذلك ان الصوت الخافت المتحفظ، لن يضع حدا لإنهاء الفراغ الرئاسي، ولا بالتأكيد، لمزيد من انهيار البلادسياسيا وماليا واقتصادياً ومؤسسات..
وما عجز عنه سيد بكركي التي” مجد لبنان اُعطي لها”، جاء اخيرا وهادرا على لسان الادارة الأميركية. حذرت واشنطن من خطورة الاستمرار في تعطيل موقع رئاسة الجمهورية، وفرض عقوبات على كل من يعمل او يساهم في هذا التعطيل. ما كانت العاصمة الأميركية تأخذ هذا القرار”الصارم” كما وصفته مصادر داخلية وخارجية، لو لم تتأكد ادارة الرئيس بايدن من فشل الوساطات الأوروبية والعربية، الفرنسية تحديدا، وكذلك كل الوساطات العربية في جامعة الدول العريية وما نتج عن قمة جدة الأخيرة. صحيح ان بكركي دعت الرئيس بري الى فتح مجلس النواب امام السلطة التشريعية حتى يتم انتخاب رئيس للجمهوربة وفقا للدستور. وصحيح ايضا ان الادارة الأميركية هددت
بـ”القاء الحرم”على المعطلين من مسيحيين ومسلمين، وبما يهدد وجود لبنان وكيانه.. لكن الرئيس بري مصر على موقفه بعدم الدعوة الى عقد جلسة مماثلة للجلسات الفولكلورية السابقة وبحيث تبدو مسرحية متعددة الوجوه والأحداث والتطورات.
وبمعزل عن كل ذلك، يتأكد اليوم اكثر من اي وقت مضى، ان اللبنانيين مكرهون على تنفيذ اوامر الخارج، والأميركية تحديدا هذه المرة، وأن الديمقراطية التي يتمترسون خلفها، والميثاقية التي يتبارون للدفاع عنها، ليست اكثر من لعبة سمجة سقطت مفاعيلها في زحمة التغييرات الاقليمية والعربية والدولية.
وسط هذه الزحمة الرئاسية، عنادا ومكابرة وجهلا، هل تضع خطبة الراعي-راعي الموارنة ومجد بكركي، يوم غد الأحد، حدا للانقسام المسيخي والتعطيل البرلماني والفراغ الرئاسي، فيصرخ بالفم الملأن: “هذا هو الرئيس الحبيب الذي به سررت”، ام تستمر الأزمة الرئاسية مفتوحة على كل الاحتمالات الى ما بعد الخامس عشر من حزيران الحالي وفق موعد الرئيس بري؟
ماكرون في الاليزيه، اعلن تراجعه عن تأييد سليمان فرنجية. الرياض اعلنت مرارا وتكرارا رفضها التدخل في لعبة الأسماء، وكذلك حاضرة الفاتيكان التي تصر على “وطن الرسالة”، وعلى اللبنانيين وحدهم مسؤولية الحفاظ على هذه الرسالة، ما يعني ان واشنطن باتت تملك وحدها القرار الرئاسي،خصوصا وأن قنوات التواصل مع طهران حول الملف النووي تبشر بنهايات سعبدة، وبما يحول بالتالي دون جنون اسرائيل لفتح حرب مع”حزب الله” يتوازن فيها الرعب ويأخذ لبنان الى المجهول.