«صانعو الرئيس»: حان وقت القطاف
كتبت رلى ابراهيم في “الأخبار:
من أوصل نواف سلام إلى السراي الحكومي؟
بعيداً عن الثنائي، الجواب بـ«نحن» تتبناه كل الأحزاب والكتل، بما فيها «السياديون» و«المعارضون» و«الموالون» و«التغييريون» و«التقليديون» والـ«نص نص»، ومجموعات المجتمع المدني بما فيها من «جديين» و«طفيليين» وانتهازيين وشخصيات مغمورة… وحتى من لا يعرفون من رئيس الحكومة المُكلّف سوى اسمه!
يكاد يصعب العثور على من لا ينسب إلى نفسه، شخصياً، تسمية نواف سلام وتسويقه والترويج له. لا تخلو المقابلات الإعلامية والاجتماعات الداخلية والسهرات الاجتماعية من تبجّح حزبيين ونواب وإعلاميين وناشطين وأصحاب محطات تلفزيونية بفضلهم في استدعاء الرئيس المكلّف من لاهاي إلى بيروت على جناح السرعة.
فلولا تسمية التيار الوطني الحر لسلام لما كرّت سبحة التسمية للرئيس المكلّف، ولولا الخلاف «الديمقراطي» داخل الحزب التقدمي الاشتراكي بين جنبلاط الأب وجنبلاط الابن، لما كان سلام رئيساً مكلّفاً. ولولا ثبات «صاحب المبدأ» سمير جعجع الذي بدّل ثلاثة مرشحين بين ليلة وضحاها لما «تحوّل الحلم إلى حقيقة»، ولولا بقاء حزب الكتائب على موقفه لما كان رئيس المحكمة الدولية يشكّل حكومته اليوم. وبالطبع، لولا «التضحية الكبرى» لنائب بيروت فؤاد مخزومي لكان هو اليوم من ينهمك في ملف التأليف والتشكيل. إلا أن «الرفيق مخزومي»، كما أطلق عليه سامي الجميل، آثر الترفّع عن المناصب وعن المصالح الشخصية! ولا ينبغي بالطبع نسيان أن النائب أشرف ريفي هو من «كسر الشرّ» وتنازل عن حقه في الرئاسة الثالثة التي «تليق به وحده» كرمى للمصلحة الوطنية.
غير أن هذا كله، بالنسبة إلى «التغييريين»، ليس سوى ترّهات. فالكل يدرك أن سلام هو «مرشح 17 تشرين وهو من صناعة قوى التغيير». ولولا مارك ضو ووضاح الصادق وميشال دويهي، لما كان أحد أساساً قد سمع باسمه. ولو لم ينسحب إبراهيم منيمنة من السباق «ويضع القطار على السكة الصحيحة ويمنع تشتّت الأصوات»، لكان سلام يتدثّر معطفه في برد أوروبا وأميركا، أمّا أي كلام عن «تعليمة» خارجية فمردود إلى أصحابه، إذ تحدّى الصادق هؤلاء بإبراز دليل على مزاعمهم، وذهب أبعد من ذلك بالتأكيد في مقابلة تلفزيونية أنه، بنفسه، اتّصل بالسعوديين وسألهم عن صحة الأمر فنفوا ذلك!
وإلى جانب النواب، هناك ناشطون وإعلاميون وصحافيون ممن ملأوا صفحاتهم بصور السيلفي مع الرئيس المكلّف محتفين بتكليفه. ومنذ تسمية سلام، يردّد صاحب محطة تلفزيونية «سيادية» أمام موظفيه يومياً بأنه لم ينم ليلة الأحد الماضي وهو يجري اتصالات بالنواب لحثّهم على تسمية سلام، مهدّداً إياهم بشنّ حملة إعلامية عليهم إن لم يفعلوا.
وعليه، فقد آن الأوان لأن يردّ الرئيس المكلّف «الجميل إلى صانعيه»، وقد تحوّلَ «صانعو سلام» من نواب إلى مستوزرين، وكل منهم يطالب بحقه في أن يتمثّل في الحكومة العتيدة. وتحت عنوان «نحن اللي جبناه»، فُتح بازار الاستيزار على مصراعيه، وكلٌّ يرى في نفسه «بروفيلاً» يتناسب والحقبة المقبلة.
فبدأت السير الذاتية تنهمر على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى مكاتب الأحزاب والنواب، يضع أصحابها أنفسهم في تصرف «الوطن»، ويبدون استعدادهم لتوظيف خبراتهم وخدماتهم لبناء «لبنان الحلم». ومنذ تكليف سلام، تحوّلت مكاتب الجمعيات والمجموعات إلى خلايا نحل يملأ البخار قاعات الاجتماعات فيها، حيث يعقد الناشطون حلقات نقاش يعلنون فيها «ترشّحهم»، وتشهد في غالبية الأحيان ملاسنات وحرداً نتيجة عدم رغبة أحد في التنحّي لأحد! وتتنافس مواقع إلكترونية وحسابات على مواقع التواصل في إعداد استفتاءات للتصويت حول من يرغب الجمهور بتوزيره في كل وزارة، عارضة 4 أسماء لكل حقيبة لأنه «في لبنان الجديد، وحدها إرادة الشعب تصنع القادة»!.