كتبت صحيفة “الأخبار”:
تداولت وسائل إعلام أميركية عدة، في الأيام الماضية، معلومات تفيد بأن الرئيس السابق، دونالد ترامب، أجرى مكالمة هاتفية مع رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، حثه عبرها على عدم المضي قدماً في أي اتفاق لوقف إطلاق النار، باعتبار أن التوصل إلى مثل ذلك الاتفاق، في الوقت الراهن، سيصب في مصلحة المرشحة الديموقراطية للرئاسة، كامالا هاريس، ويجعلها تفوز في انتخابات تشرين الثاني القادم.
وكان موقع «أكسيوس» قد أكد، نقلاً عن مصادر أميركية مطلعة، أن المكاملة الأخيرة جرت في 14 آب وشكّل الكلام المتقدم فحواها، قبل أن تُعيد شبكة «بي بي أس» الأميركية (PBS) إثارة الموضوع الإثنين. ولفتت مذيعة الشبكة، جودي وودروف، إلى أنه في حال ثبُت أن تلك المعلومات دقيقة، من الممكن أن يتعرض ترامب لملاحقة قضائية، مرة جديدة، في قضية خرق «قانون لوغان»، الذي يحظر على أي شخص، لا يتمتع بصفة رسمية، التفاوض مع أي حكومة أجنبية حول قضايا متنازع عليها مع واشنطن. وفي حال حصول ذلك، سيزيد ترامب إلى رصيده تهمة جديدة لم يدَن بها أي أحد من قبل، وقد تُراوح عقوبتها بين غرامة مالية أو السجن لمدة تصل إلى 3 سنوات، أو كلاهما.
وبالفعل، سرعان ما استغلت لجنة «أميركان موكراكرز»، وهي لجنة غير حكومية مهمتها التقصي في الانتهاكات التي يرتكبها الجمهوريون، الأنباء عن المكالمة، لتتقدم إلى الخارجية الأميركية ووزارة العدل بطلب إجراء تحقيق مع المرشح الجمهوري بتهمة انتهاك القانون المشار إليه، علماً أنّ اللجنة تسببت، قبل سنتين تقريباً، بخسارة أحد المرشحين الجمهوريين في انتخابات الكونغرس. وإذا صحّت تلك الأنباء، فإن الرجل نفسه الذي تعهد بإنهاء الحروب بـ«مكالمة هاتفية واحدة»، يعمد، على الغالب، إلى تأجيجها وإطالة أمد المعاناة الإنسانية الكارثية في غزة، لمصالحه الشخصية. ويأتي ذلك فيما يبدو أكيداً أن ترامب يعرف، بشكل كافٍ، «قانون لوغان»، إذ استخدمه، بنفسه، خلال عهده، في محاولة للهجوم على وزير الخارجية السابق، جون كيري. وفي الواقع، أعرب الرئيس السابق، في غير محطة، عن «غضبه» من تفاعل المسؤولين الأميركيين مع مسؤولين أجانب، من دون التنسيق مع إدارته، محاولاً إقناع وزارة العدل بمحاكمتهم مراراً. ومن بين هؤلاء، الوزير كيري، الذي أصر ترامب، عام 2019، على أنّه يجب أن يحاكم لانتهاكه «قانون لوغان»، قائلاً، آنذاك: «إن جون يتحدث إلى إيران وقد عقد عدداً من الاجتماعات، وأجرى عدداً من المكالمات الهاتفية معهم، ويقول لهم ما يجب عليهم فعله. وهذا انتهاك تام لقانون (لوغان)».
الرجل نفسه الذي تعهد بإنهاء الحروب بـ«مكالمة هاتفية»، يحاول على الغالب تأجيجها
على أنّه حالياً، من غير المرجح أن يتم اتخاذ أي إجراء ضد الرئيس السابق، علماً أنه تم، تاريخياً، اتهام شخصين بانتهاك القانون، أحدهما عام 1803، والآخر عام 1852، من دون أن تتم محاكمة أي منهما. والأربعاء، اعتذرت مذيعة «بي بي أس» حول إثارتها القضية، مؤكدةً أنّها لم تستند إلى معلومات حصلت عليها بنفسها، بل تلك التي أوردها موقع «أكسيوس»، فيما نفى كل من مكتبَي نتنياهو وترامب إجراء تلك المكالمة. على أنّ مثل تلك الاتهامات تصبح معقولة، بالنظر إلى أن ترامب هاجم اتفاق وقف إطلاق النار في غير محطة، كان آخرها أثناء مؤتمره الصحافي، الأسبوع الماضي، إذ انتقد دعوات الديموقراطيين إلى إبرام الاتفاق، قائلاً: «منذ البداية، عملت هاريس على تقييد يد إسرائيل خلف ظهرها، مطالبةً بوقف فوري لإطلاق النار (…) الأمر الذي لن يؤدي سوى إلى منح (حماس) الوقت لإعادة تجميع صفوفها، وشن هجوم جديد على غرار 7 أكتوبر». وأضاف: «سأمنح إسرائيل الدعم الذي تحتاجه للفوز، لكني أريدها أن تفوز بسرعة».
وفور صدور معلومات عن اتصال ترامب – نتنياهو، تعرض المرشح الجمهوري لعدد من الانتقادات، من مسؤولين ومؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بينهم المعلق السياسي وعضو اللجنة الوطنية الديموقراطية، ديفيد أتكينز، الذي اعتبر أنه في حال كانت تلك المزاعم صحيحة، فإن ترامب سيكون قد ارتكب ««جريمة ضخمة». وتأتي هذه المعلومات في وقت تكتسب فيه هاريس المزيد من الزخم في حملتها الانتخابية، وترتفع قيمة التبرعات التي تجمعها، إضافة إلى إشارة عدد من استطلاعات الرأي إلى أنها باتت تتقدم على منافسها الجمهوري، بما في ذلك في عدد من الولايات المتأرجحة الحاسمة.