شالوم .. مسرحية احتجاجية تعبر عن الهم الدائم لشعب فلسطين

شفقنا- قيمة الإنسان بموقفه بالحياة من قضايا وطنه وشعبه وأمته ، وليس أي اعتبارات للمادة والمنصب، فكل ذلك يزول ويخلده الموقف والحشد الشعبي العراقي خير الأدلة المعاصرة بالوقوف بوجه أبشع هجمة تعرض لها العراق المقدس.

والأدب والفن الجاد الهادف يقف لنصرة الحق ، ومع الشعوب ضد الظلم والقهر والاستبداد .. فكيف بحرب الإبادة على الأشقاء بفلسطين! إنها المأساة الحقيقية والفجائع المؤلمة لكل من يهتم بقضايا أمته والإنسانية !؟ فبعد أكثر من  150 يوماً من المآسي بغزة وفلسطين وبعد أن خلفت حرب الإبادة مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعاقين مع تدمير البنى العمرانية وتهشيم المدينة على رؤوس سكانها بقطاع غزة ،وأمام صمت الحكام العرب ،انبرى الأحرار بجنوب أفريقيا لتشكيل محكمة دولية لمحاكمة إسرائيل على تلك الجرائم، وفي أمريكا قام الطيار الأمريكي أرون بوشنيل بحرق نفسه احتجاجاً على الجرائم بغزة ووقوف بلده مع الأشرار على حساب حقوق الشعب الفلسطيني .

وفي ندوة شاركتُ بها بجامعة أصفهان بمعية اكاديميين من مصر ولبنان والعالم عبر الانترنيت (الأدب ودعم غزة) أكدت أهمية وقوف كل الشعراء والكتاب والمسرحيين والتشكيليين والسينمائيين والصحفيين مع حق الشعب الفلسطيني ..

وفي هذا الصدد قدمت فرقة تشرين بالناصرية بحدائق بهو الناصرية عرضا يعد من مسرح الشارع الذي يتفاعل مع المتلقي والحضور، وبحضور جماهيري ليومين متتاليين العرض المسرحي “شالوم”.. ولقد برعت الكاتبة سمية ياسر البراك ووالدها المخرج بتقديم العمل الاحتجاجي المتضامن مع أبناء النكبة وقد تفاعل وتعاطف وتآزر معه الجمهور بالرغم من مسحة الألم للحضور على تلك المشاهد وما يراه من عنف ضد الأبرياء بأرضهم ..وعبر العرض عن هم دام أكثر من 70 عاماً من الوحشية والقتل بين حرب وأخرى تلد حروب دموية ضد الفلسطينيين بأبشع الأسلحة الفتاكة المقدمة من أمريكا وحلفاء الصهاينة . كما برع جميع المؤدين لأدوارهم من خلال مقاربة اللهجة الفلسطينية بالأناشيد والحوار لتفضح جبروت الاحتلال . .

وقد أكد الدكتور ياسر البراك بالفولدر المرفق مع العرض ما يلي :

(1)

مازلنا نواصل منهجنا الاحتجاجي في المسرح عبر تقديم أعمال مسرحية هاجسها الأساس التوجه للجمهور العام في الفضاء العمومي ، وقاسمها المشترك تغيير نمط العلاقة التقليدية بين المسرح والناس لخلق نوع من التشاركية التي تُخرج العرض المسرحي من نخبويته وقاعاته المغلقة إلى شعبوية الفضاءات المفتوحة .

(2)

يتخذ الاحتجاج في عملنا المسرحي الجديد ( شالوم ) ففي هذا العمل نحتج على السلطة العالمية التي تقتل أبناء غزّة وتدمر منازلهم ومستشفياتهم من دون أي رادع إنساني أو أخلاقي أو قانوني ، وقضيتنا هي : الإنتصار للإنسان وكرامته وحقه في العيش الحر .

كلمة المؤلفة ..  هل يُمكن أن يُؤرَّخ الألم ؟؟؟

هذا ما وددتُ الوصول إليه من خلال تجسيده على خشبة مسرح الحياة لأنهُ المكان الوحيد المسموح فيه بالاحتجاج و الصراخ من دون أن يمنعك أحد ، أن يُسمع بكاء الأرض ، أن تُرى صلابتها .

إن من الخيانةِ أن تُدفن آلامهم تحت الصخور وبين طيّات تواريخ مضت من دون أن نقوم نحن بتدوين ذلك ….

تنطلق تجربتنا الإخراجية الثانية في المسرح الاحتجاجي من التأكيد على هوية الضحية وفضح حقيقة الجلاد عبر الإفادة من الإرث الثقافي للنضال الفلسطيني ضد الاحتلال واستحضار رموزه وأيقوناته السمعية والبصرية لخلق حالة من الاحتجاج المصحوب بصياغة فنية ودرامية قائمة على الاجتهاد في التخييل السينوغرافي بما يتلاءم وطبيعة الفضاءات المفتوحة وجمهورها المتنوع ، الأمر الذي يجعلنا نعيد الأسئلة الجوهرية في المسرح من قبيل : ما المسرح ؟ وما علاقته بالجمهور ؟ وكيف يعبر عن الحياة الاجتماعية ؟ وهل يمكن أن نجعل منه سلاحاً للثورة على الظلم والطغيان ؟ …

وغيرها من الأسئلة التي نجد صدى إجاباتها في هذه التجربة التي تطمح أن تكون موقفاً سياسياً وتأريخياً معلناً لنا كأفراد ، ولفرقتنا الفتية..

نجاح المخرج الدكتور ياسر البراك بخبرته الإخراجية بإدارة حركة الممثلين في مسرحية “شالوم” التي هي عاكست معناها بالسلام والأمن ، بين من فقد ابنه تحت الأنقاض ويبحث عنه بمرارة وأنين ،وبين امرأة تنتظر وليدها عند حاجز الجيش الذي لا يسمح بالمرور للمشفى ، جنود الحواجز هؤلاء من المتوحشين للقتل والقنص ، وفي رمزية للقناص من خلال أرضية المسرح المكشوف .. مكان العرض والذي هو عبارة عن دوائر ثلاثة يتقاطع معها علامة زائد بوسطها دائرة حمراء إشارة ودلالة على ناظور القناص بإيحاء تحيلنا أن الجميع تحت هدف مرمى نيران القتلة !! فاللون الأحمر والحواجز توحي الجميع بخطر القنص ضمن طائلة العقاب الجماعي لشعب يريد تقرير مصيره وإثبات هويته بأرضه تتصاعد الدراما مع قرع الطبول والأناشيد الفلسطينية بلهجتها المحببة (( يلي عليك القلب حزين يلي عليك تدمع العين ))..العقاب الجماعي بقطع الإمدادات بالحواجز وعدم وصول المواد الغذائية فضلاً عن الوحشية التي يمارسها الجنود تعكس كمية الألم والمحنة طوال القرن لما عاناه شعب فلسطين ويتدخل العامل الديني بالابتهال لنصرة أهل الحق والصبر على تلك التضحيات الجسيمة .

وفي التفاته ذكية بولادة المرأة تشارك الممثلون مع الجمهور بإطلاق اسم غزة على المولودة .. ومسرحية شالوم نري فيها صمود حماس وكل القوى الوطنية ومن خلفهم كل عربي يمتلك الضمير الحي بعدالة وشرعية مقاومة الاحتلال وعودة الحق لأهله بالأقصى.

-صباح محسن كاظم

انتهى

 

المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-03-24 06:45:27
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version