كتبت صفاء درويش في الجمهورية:
دخلت المعركة بين لبنان والعدو منذ أسبوعين وحتى اليوم مساراً أقسى ممّا كانت عليه طوال الـ 11 شهراً الماضية.
سيناريوهان يفرضان المشهد اليوم، مع الحاجة طبعاً إلى التسليم بأنّ المبادرة في شكل القتال باتت بيد الإسرائيلي، وتحديداً بعد عدوان «البيجر» الذي رفع من بعده منسوب التوسعة، وصولاً إلى عمليّة التهجير التي حصلت من الجنوب.
السيناريو الأوّل لمرحلة ما بعد التوسعة، هو فرض الإسرائيلي معادلة «النازح مقابل النازح» كإطار للمفاوضات السياسية، وذلك بغية تحقيق ما تحدّث عنه رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو في الآونة الأخيرة، وهو إعادة «مهجّري الشمال» من منطقة غوش دان إلى الجليل.
هذه المعادلة، وفي حال كان الإسرائيلي يعمل من أجل إرسائها، فيمكن التسليم أنّه نجح بفرضها، فما المانع من إطلاق مفاوضات جدّية في هذا الإطار، ولو تحت النار؟
السيناريو الثاني، والذي بات مدعوماً بمعطيات أكبر، بعد ليلتَين قاسيتَين على لبنان، هو سعي نتنياهو إلى تقديم نفسه كالمؤسّس الثاني للدولة بعد بن غوريون، وهذا الأمر يتطلّب منه تثبيت وجود الكيان لعشرين أو ثلاثين عاماً مقبلة.
هذا الأمر يعني أنّ معادلة «نازح مقابل نازح» لن تُشبع استراتيجيّة نتنياهو المتنامية شعبيّته كثيراً في الآونة الأخيرة، فتثبيت وجود الكيان طويلاً يعني إبعاد «حزب الله» عن الحدود أوّلاً، والحَدّ من قدراته بشكل كبير ثانياً.
هذا الأمر، وبعيداً من إمكانيّة حصوله من عدمها، يتطلّب اجتياحاً برّياً للبنان لم تقرّ إسرائيل بعد بنيّتها القيام به، لكن بحسب خبراء، فإنّ قساوة القصف والعدوان على البقاع هو مقدّمة لتحويله إلى أرض محروقة، قد يكون الإسرائيلي يخطّط لاستخدامها كمنطقة إنزالات لقطع طرق الإمداد بين سوريا ولبنان.
أمام هذَين السيناريوهَين، انطلقت مساعٍ أميركيّة لوقف إطلاق النار، أوحى الإسرائيلي خلالها أنّه منفتح على الحلول. وتفيد المعلومات أنّ المبادرة الأميركيّة تقترح هدنة لأيّام، لكن لم يتمّ إدراج غزّة من ضمن بنود البحث، وهذا ما يؤشّر إلى أنّ المبادر يدفع «حزب الله» إلى الإحراج، فإمّا يقبل ويكون تراجع عمّا تحدّث عنه أمين عام «حزب الله» السيّد حسن نصر الله طوال شهور من ربط للجبهة اللبنانيّة مع غزّة تحت عنوان وحدة الساحات، أو يكون يدفع الحزب نحو رفض المبادرة، إخراجاً لمشهد التوسعة تحت ذريعة عدم موافقة «حزب الله» على المبادرة الأميركيّة، وهو مشهد شبيه بما حصل في غزّة طوال أشهر.
ساعات حاسمة، قد تحمل معها تأطيراً للمشهد السياسي، لتنطلق بعده مفاوضات جدّية، أو يكون لبنان قد دخل فعلاً في نفق حرب طويلة، لن يكون ما حصل في غزّة، طوال عام كامل، سوى فصل واحد من فصولها.