سلام استوعب حرد الثنائي.. الحزب والحركة نحو المشاركة بـ ٦ وزراء
كتب انطوان الأسمر في “اللواء”:
ساعد اللقاء أمس بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نواف سلام في بلورة مسار التأليف الذي لا تزال عقدته الأساس موقف كُلٍّ من حركة أمل وحزب الله من نتيجة الاستشارات النيابية في القصر الجمهوري، ومما يعتبرانه خديعة تعرّضا لها أوصلت سلام بدلا من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
ولا ريب أن الرئيس المكلّف يقارب بسلاسة واستيعاب موقف الثنائي الشيعي، وهو نجح في كسر الجليد مع رئيس مجلس النواب بإصراره على ثنائية التوافق ثم التوافق، ومن ثم بإعلانه بعد اللقاء به أنه يعتبر أن الاستشارات النيابية التي قاطعتها كتلتا حركة أمل وحزب الله، قد انتهت بلقاء بري وليس بانتهاء لقاءاته مع النواب يومي الأربعاء والخميس. فرد بري على تلك اللفتة بالتأكيد أن اللقاء مع سلام كان واعداً.
غير أن مشكلة الثنائي الشيعي ليست لا مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ولا مع الرئيس المكلف، بل حصرا مع من ينظر إليه إلى أنه أخلف الوعد، على غرار النائب السابق وليد جنبلاط الذي وعد بري بتسمية ميقاتي ومن ثمّ تخلّف نتيجة الضغط الخارجي والتباين مع نجله رئيس اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط الذي يعتبر أن ميقاتي لا يخدم فكرة التغيير ولا يتناسب مع الزخم المحلي والخارجي الذي نتج من انتخاب عون.
ولا شك أن الدينامية التي نتجت من تلاقي كتل المعارضة والتيار الوطني الحر على دعم سلام استقطبت كُتلاً أخرى سبق أن وعدت الثنائي بتسمية ميقاتي، وخصوصاً الكتلة السنيّة.
وتعتقد أكثر من جهة سياسية أن على الثنائي معالجة مشكلته مع من وعده ولم يفِ، لا أن يجعل الحكومة رهن إرادته والبلد رهينة البازار الحكومي الذي بدأ بالفعل من أجل أن يحصّل الحزب والحركة القدر الأكبر من المكاسب لقاء فكّ أسر الحكومة.
الواضح أن عون وسلام على بيّنة ممّا ينطوي عليه موقف الثنائي، لذا شدّدا كلٌّ من موقعه على أن لا إقصاء ولا إبعاد لأي من الأفرقاء والمكوّنات، مع عدم التسليم بالبازار الحاصل. بمعنى أن ثمة حرصا رئاسيا على صيغة حكومية متوازنة تراعي الأحجام، لكن مع عدم السماح لأحد بالتعطيل والتخريب وخلخلة انطلاقة العهد الجديد وتبديد الزخم الناتج من الموقف الدولي. وهذا الواقع هو ما دفع سلام إلى إبلاغ المعنيين والكتل النيابية التي اجتمع بها في الاستشارات النيابية غير الملزمة، أن لا حل إلا التفاهم لتأليف حكومة.
وتبيّن أن التواصل بين بري وسلام ظلّ قائما منذ الاثنين، أي مباشرة بعد التكليف، وهو أسّس لمجموعة من التفاهمات.
وتردد في هذا السياق أنه تم التوافق على أن تكون حصة الثنائي في حكومة من ٢٤ وزيرا، ٤ وزراء شيعة ووزيرا مسيحيا ووزيرا سنّيا، ويبقى توزيع الوزارات الذي لم يكن قد انتهى حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، علما أن الثنائي قد لا يحصل على كل ما يسعى إليه، خصوصا على مستوى الاستئثار بالوزارات الأساسية والخدماتية، إذ ينوي المطالبة بوزارتيّ الأشغال والاتصالات وهو أمر صعب المنال.
وبرز في هذا السياق التنافس على وزارات الخدمات بفعل استحقاقيّ الانتخابات البلدية والاختيارية هذه السنة، والانتخابات النيابية ربيع سنة ٢٠٢٦ سنة. أما وزارة المال فعلى الأرجح سيتولاها وزير شيعي يُتّفق عليه مع الثنائي.
ولعل هذه الإيجابية هي كانت الدافع في إعلان رئيس مجلس النواب أن المسار متجه نحو الحل وسلام متعاون، لكنه أوضح أنه لم يتطرق البحث بعد إلى الحقائب وأسماء الوزراء، لافتا إلى أن الرئيس المكلّف هو من يحدّد شكل الحكومة، سواءٌ سياسية وحزبية أو تكنوقراط. وأشار إلى أنه عندما يعرضُ علينا الرئيس المكلف الأسماء نوافق إذا كان الشخص كفوءًا، ونرفضه إذا لم يكن كفوءًا «حتى لو كان خيِّي». وأكّد رفضه عزل حزب الله.
ويعتبر مسؤول بارز أنه ليس تفصيلا أن يعلن بري أنه ينتظر أن يعرض عليه سلام الأسماء لإعطاء رأيه فيه، خلافا لما كان سائدا في السابق ومنذ توليه رئاسة المجلس سنة ١٩٩٢، حين كان يحتفظ بأسماء وزرائه ولا يسلّمها إلا في اللقاء النهائي الذي يجمعه برئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وبعد تأكدّه من أن التشكيلة الحكومية صارت في حكم المنجزة.