سفك دماء… أين “عرين الأسود”؟
كتب زاهر أبو حمدة:
ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين بنيران جيش الاحتلال والمستوطنين إلى 162 شهيداً، بينهم 36 في قطاع غزة و26 طفلاً. أما في أراضي الـ48 فعدد الضحايا، جراء الجريمة المنظمة ضد الفلسطينيين 78 شهيداً. هذا كله في أقل من 5 أشهر. لكن لماذا سيزداد العدد وتُسفك دماء كثيرة في المرحلة المقبلة؟
في ظل إطلاق جيش الاحتلال، مناورات عسكرية شاملة تحاكي حرباً متعددة الجبهات، تشمل جبهة لبنان وسوريا وغزة والضفة الغربية، اقتحمت وحدات من الجيش و”الشاباك” مخيمي عسكر (نابلس) ونور شمس (طولكرم). لم تستطع القوات المدججة بجميع أنواع الحماية والأسلحة وبمشاركة الطيران المُسير والمروحي اعتقال أي من المطاردين، ولم يستشهد أحد. هذه نقلة نوعية في الميدان من ناحية المراقبة والرصد ونصب الكمائن والتصدي لهم. كانت ليلة صعبة، واعترف الاحتلال بإصابة ضابط. وفي النهار التالي نفذت كتائب “شهداء الأقصى” عملية فدائية فقتلت مستوطناً ولم يصل الاحتلال إلى المنفذين. هذا يعني أنه في المرة المقبلة سيهاجم الاحتلال ومستوطنوه بصورة أعنف وأكبر، لكن المعنويات مرتفعة وكلما صمد مخيم سند آخر.
وبالعودة الى المناورة العسكرية، التي تستمر لأسبوعين وتشارك فيها أذرع الجيش كافة، البرية والجوية والبحرية، كما ستشمل تدريبات تحاكي إدارة عمليات الجيش من هيئة الأركان العامة، لم يستطع ادعاء الاحتلال الجاهزية التامة منع عملية فدائية في الضفة ولم ينجح في تجفيف منابع المقاومة في المخيمات أو المدن والقرى. صحيح أن عدد الفدائيين ليس كبيراً، إلا أن التجربة خلال الأعوام السابقة جعلت منهم أكثر حذراً ومعرفة بطبيعة الميدان وطرق المواجهة. وبالتالي، يمكن التوقع أن الاحتلال يريد تأمين مستوطنيه في الضفة لا سيما بعد إعادة شرعنة حكومة بنيامين نتنياهو 9 بؤر استيطانية والمصادقة في الكنيست على مشروع قرار لإلغاء “قانون فك الارتباط” والعودة الى مستوطنات شمال الضفة (حومش، جانيم، كاديم، ترسلّه، ومعسكر دوتان عرابة)، وذلك من خلال القضاء على مصادر النيران الفلسطينية عبر الاقتحام المتكرر وربما إطلاق عدوان أكبر من “كاسر الأمواج” يشبه “السور الواقي” أثناء الانتفاضة الثانية. وعليه سيكون على الفلسطينيين الدفاع وكذلك الهجوم، على الرغم من الضحايا وقطع طرقات وهدم بيوت.
في المقابل، لم تصدر مجموعات “عرين الأسود” أي بيان منذ أكثر من 20 يوماً، علماً أن قناتها في “تلغرام” كانت مصدر تلك البيانات حيث توثق عملها وتبدي رأيها في الأحداث وتحث الناس على الاشتباك. هذا الغياب يطرح تساؤلات: هل هذا لأسباب أمنية؟ هل يحضر الفدائيون لعمل ما؟ أما السؤال الصعب: هل انتهت هذه الظاهرة؟ لا يملك أحد إجابات واضحة، لأن التكهن بقدرات “عرين الأسود” أو استمراريتها مرتبط بالميدان. لكن فرض هذه الأسئلة يبدو مقلقاً لأن الاحتلال اقتحم نابلس أكثر من مرة في الأيام الماضية ولم يصدر أي شيء منها. هنا يصبح الواقع هو الحكم، وانتهاء ظاهرة كهذه شكلت علامة فارقة في لحظة مهمة واجماعاً واحتضاناً شعبياً؛ ضربة معنوية وميدانية كبيرة. ولكن أمام سفك الدماء الفلسطينية وعمليات تهويد المسجد الأقصى وتدنيسه المستمرة، ربما يستعيد العرين نشاطه بمكوناته أو بفدائيين آخرين.