سبولياريتش خلال دورة مجلس حقوق الانسان: لجنة الصليب الاحمر لن ترضخ للضغوط وإلا فقدت قدرتها على مساعدة الناس لأي طرف انتموا
قالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش خلال الدورة الثامنة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان: “من دواعي القلق أن الانتهاكات التي كانت يوماً تُعتبر أمراً بغيضاً تحولت اليوم إلى أمر عادي في النزاعات حول العالم. وإنني أقف أمامكم اليوم لأذكركم بحقيقة لا يمكن لأحد إنكارها: إن كل مريض يُقتل على سرير في مستشفى، وكل عائلة تُدفن تحت أنقاض منزلها، وكل رهينة تُسلب من أحبائها، وكل سجين يتعرض للتعذيب ويُحرم من أبسط حقوقه بالكرامة، وكل مدينة تُسوّى بالأرض، وكل قرية تُدمّر، كل هذا ليس مجرد وقائع مؤسفة من الحرب، بل هو خيانة للأمانة”.
اضافت: “يجب علينا ألا نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا الواقع وإلا فسنصبح كمن يسير غافلا في عالم أزيلت منه الحواجز التي كانت يوما تمنع استشراء الوحشية في الحروب. وليس نطاق المعاناة التي نشهدها اليوم شرا لا بد منه، بل هو نتيجة مباشرة للتفسيرات الهادفة إلى الالتفاف على القانون الدولي الإنساني. ويمتلك الناس القوة اللازمة لتغيير المسار، لكن تخطي الانقسامات السابقة وتجديد الالتزام بالإيمان الراسخ بأن حياة البشر يجب أن تعلو فوق كل انقسام سياسي، في الحرب كما في السلم، سيتطلبان شجاعة وروحا قيادية”.
وتابعت: “يجتمع القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان على هدف مشترك، ألا وهو حماية حياة البشر وصحتهم وكرامتهم، أياً كان البلد الذي ولدوا فيه وأياً كان الجانب الذي يقيمون فيه عند خطوط المواجهة. وتدعم هذه المجموعات من القوانين بعضها البعض، وتحتاج كل منها للأخرى، بينما يسهم تآكل احترام إحداها في تآكل احترام الأخرى. وكيف يمكن في الحرب إعمال الحق في الصحة إذا كانت المستشفيات تتعرض للقصف؟ وكيف يمكن أن يمنع الحق في الغذاء الجوع إذا كانت المحاصيل تتعرض للإتلاف؟ وكيف يمكن للأطفال أن يتمتعوا بحقهم في التعليم إذا كانت المدارس تتعرض للهجوم؟ ويُغفل الحق في الحياة حين يتعرض المدنيون والبنى التحتية التي يعتمدون عليها للبقاء لهجمات ممنهجة. والقانون الدولي الإنساني وُجد لحمايتهم في أوقات الحرب”.
واردفت: “ستُحدد طريقة خوض الحروب اليوم كيف ستُخاض الحروب غدا. وحين تُنتهك القواعد الإنسانية الأساسية، ترتفع تكاليف إعادة البناء وتتفشى مخاطر أمنية جديدة. وبمقدورنا أن نختار مسارا مختلفا، مسار يعطي مكانة للحياة والاستقرار والازدهار. ويبدأ هذا المسار بالالتزام بالقانون الدولي الإنساني وجعله أولوية سياسية”.
وأشارت الى أن “اللجنة الدولية أطلقت إلى جانب البرازيل والصين وفرنسا والأردن وكازاخستان وجنوب أفريقيا في شهر أيلول الماضي، مبادرة عالمية تهدف إلى تجديد الالتزام السياسي بالقانون الدولي الإنساني. وقد انضمت عدة دول أخرى إلى المبادرة منذ ذلك التاريخ، ويحدوني الأمل بأن تنضم دول أخرى إليها”.
وأشارت الى أنه “في وقت يشهد تحولات سياسية جذرية، تستعر الضغوط على المنظمات الإنسانية لتقف في صف طرف أو آخر. ولن ترضخ اللجنة الدولية لهذه الضغوط، لأنها لو فعلت لفقدت قدرتها على مساعدة الناس لأي طرف انتموا، في أغلب ساحات النزاعات المسلحة حول العالم. ولا تحتاج الدول لأن تكون محايدة لكنها تحتاج إلى أن تؤدي اللجنة الدولية دورها. ويشكل وجود هيئة إنسانية محايدة لبنة أساسية في بنية السلام الدولي، يُضعف غيابها النظام برمته”.
وأكدت “أننا حين نلتزم بصرامة بعدم تحيزنا والسرية في عملنا نكفل قدرتنا على مناصرة الإنسانية”.