كتبت جويل بو يونس في “الديار”:
على توقيت المقاومة يسير العالم… انه الواقع الوحيد المؤكد حتى اللحظة. فحبس الانفاس الذي تشهده المنطقة بأكملها ترقبا للرد الايراني كما اليمني وكذلك اللبناني (والذي لم يحصل بعد حتى ساعة كتابة هذه السطور) من قبل حزب الله على الاعتداءات “الاسرائيلية” على عمق الضاحية الجنوبية لبيروت وسيادة طهران، عبر اغتيال اسماعيل هنية وميناء الحديدة ، لا يظهر الا “انتظارا ثقيلا ومرهقا” للعدو الاسرائيلي ومن خلفه الولايات المتحدة، التي وان ارادت كبح جنون نتانياهو فهي طبعا قادرة على ذلك، كما روسيا التي تحاول التوسط مع ايران علّ ردّها يكون محدودا ومضبوطا ويُجنّب المدنيين.
لكن حسابات “الاسرائيليين” والاميركيين كما الروس لن تتطابق مع حسابات محور المقاومة هذه المرة ، لا سيما بعد الاعتداء الذي هز سيادة طهران عبر اغتيال هنية، كما الضاحية من خلال اغتيال احد ابرز القادة العكسريين بالحزب الحاج محسن. فتماما كما قالها امين عام حزب الله يوم الثلاثاء “ان الرد آت حتما وسيكون مؤثرا”، من دون ان يكشف عما اذا كان سيأتي موحدا بوحدة ساحات من لبنان الى ايران واليمن سوية او بشكل منفرد، حيث ترى كل جهة مصلحتها الاستراتيجية باستهداف نقاط معينة بشكل منفرد . لكن القارئ جيدا في خطاب السيد حسن نصر الله يلتمس لهجة هادئة متروية، مدركة تماما لخطورة المرحلة وخطورة اي رد قد يعطي ذريعة للعدو لتوسيع الحرب على لبنان. وعليه، فالتأخر او التريث برد الحزب بحسب ما يقول مصدر مطلع على جوه، يأتي على قاعدة ما قاله السيد نصر الله: “يواش يواش” ، لاسيما ان هذا التريث بحد ذاته هو عقاب “للاسرائيلي”.
وعما اذا كان تحييد السيد لايران عبر قوله انه ليس مطلوب منها القتال الدائم، انما المطلوب منها هو الدعم معنويا وماديا وعسكريا، وما اذا كان هذا الكلام يمهد لرد ايراني سيأتي مضبوطا ضمن سقوف معينة لا تتخطى الخطوط الحمر، والمطلوب عدم تخطيها دوليا، يشير المصدر الى ان احدا لا يمكنه ان يضمن عدم توسع الحرب الى اقليمية، طالما ان الاميركي لا يرفع الضوء الاحمر بوجه نتانياهو، ورجّح المصدر “ضربة إيرانية منضبطة”.
وفيما يترقب العالم، ومعه اللبنانيون ضمنا، طبيعة الرد المرتقب من حزب الله، بعدما المح السيد نصرالله الى المصانع “الاسرائيلية” التي استغرق انشاؤها 34 عاما والتي تساوي مليارات الدولارات، والمعرضة بحسب السيد نصر الله للزوال بغضون ساعة لا بل نصف ساعة، اشارت احدث الاحصاءات الى توسع البيئة الداعمة لحزب الله بحربه على “اسرئيل”، بعدما كانت جهات عدة داخلية لا تحبذ جبهة المساندة لغزة. وتتحدث الارقام بان نسبة السنّة كما الدروز المؤيدين لما يقوم به حزب الله ارتفعت بالفترة الاخيرة ، لاسيما على الجبهة الدرزية بعد تصريحات رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” سابقا وليد جنبلاط، الذي نجح بوأد الفتنة الدرزية – الشيعية التي كان يمهد لها العدو الاسرائيلي عبر حادثة مجدل شمس، كما مواقف جنبلاط التي اتت بعيد استهداف الضاحية واغتيال شكر، والتي بدا فيها الزعيم الوحيد الذي اعلنها صراحة بعيد الاعتداء بساعات بمواقف واضحة لا لبس فيها اذ قال: “هذا الاعتداء لن يغير بالمعادلات والمقاومة مستمرة”، واضاف: “لا يمكن فصل مسار المقاومة في لبنان عن غزة والضفة الغربية ، و”إسرائيل” هي التي تعتدي وتقتل وتتمادى في القتال”.
اكثر من ذلك، ذهب جنبلاط الذي بادر وتوجه شخصيا للتعزية بالحاج فؤاد شكر، حيث كان الى جانب رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، الشخصيتان الوحيدتان اللتان عزتا الحزب عبر الحضور الشخصي.
هذه المواقف الجنبلاطية تلقفها حزب الله سريعا، فكانت التحية من السيد للقيادات الدرزية بعدما كان قد بعث برسالة لجنبلاط ، عبر اتصال تم بين الحاج حسين الخليل وغازي العريضي. صحيح ان العلاقة اليوم بين حزب الله وجنبلاط جيدة والتواصل مستمر بين الطرفين، لكن ما قيل عن اتصال تم بالساعات الماضية بين السيد نصرالله وجنبلاط، تم خلاله الاتفاق على لقاء قريب بينهما عندما يسمح الظرف الامني هو غير صحيح، اذ تؤكد المعلومات من مصادر “الاشتراكي” كما حزب الله ان اتصالا مباشرا لم يحصل ولا علم لهما باي لقاء مرتقب. لكن مصادر الطرفين حرصت على التأكيد بان التواصل على خط حارة حريك – كليمنصو قائم عبر القنوات المعروفة، لكن لا حديث راهنا عن لقاء بين جنبلاط والسيد نصرالله.
وفي هذا الاطار، اشارت اوساط مطلعة على جو حزب الله بان الحزب قدّر عاليا زيارة جنبلاط للتعزية، كما كل مواقفه منذ السابع من اكتوبر، ولا شك ان اللقاء بين الطرفين قد يحصل عندما تحين اللحظة المؤاتية.
وبالانتظار ، وفيما تقف “اسرائيل ” كلها على “اجر وربع” مترقبة لما قد يأتيها من جبهات لبنان وايران واليمن، تفيد المعلومات عن تواصل حصل بالساعات الماضية بين الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين والمسؤولين اللبنانيين، الذين هم على تواصل معه، حيث حاول في اتصالاته التي شملت عدة اطراف، ان يحث باتجاه عدم “تكبير الرد” والالتزام برد منضبط، كي لا تتفلت الامور من دون ان يحصل على ضمانة من اي طرف.
هل يأتي الرد الايراني – اللبناني مدويّا؟ او انه سيكون “منضبطا” ايرانيا ومؤثرا لبنانيا؟ ومتى تأتي ساعة الرد؟ اسئلة لن تجد سبيلا للاجابة عنها الا في طهران وحارة حريك، وربما قد تكون الاجابة عليها قد تمت مع مرور الساعات!