رسالة “محور الممانعة” من الجنوب لإسرائيل: “الاستفراد ممنوع”

رضوان عقيل

رضوان عقيل

لم يكن الإفطار الذي أقامه “حزب الله” مساء الأربعاء الفائت جلسة رمضانية عادية من حيث الوجوه التي جمعها في الضاحية الجنوبية بمشاركة كبار المسؤولين عن “محور #الممانعة والمواجهة” في الإقليم
الى جانب كبار المسؤولين عن الحزب الذين تقدمهم نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، حضر مسؤولون عن ” أنصار الله” في اليمن، و”الحشد الشعبي” من العراق، الى مجموعة من الأمناء العامين وكوادر فلسطينية من حركتي “الجهاد الاسلامي” و”#حماس”، تصدرهم زياد نخالة، واسماعيل هنية الذي وصل من غزة.
ومن أبرز الحاضرين هذا اللقاء الذي درج الحزب على إقامته في كل رمضان قائد ” فيلق القدس” العميد اسماعيل قاآني.
وجرى التشديد في الكلمات التي ألقيت على خطة العمل التي وضعت، والعمل على اتباعها على التشديد على “وحدة الساحات” في الاقليم وصولاً الى “وحدة الجبهات” عندما تدعو الحاجة من غزة مروراً بالأراضي المحتلة وتحت سيطرة الاسرائيليين أي بمعنى التحرك في قلب القدس والضفة الغربية امتداداً الى لبنان ووصولاً الى سوريا. هذا ما شددت عليه مواقف المشاركين الذين يشكلون قلبا عسكريا واحدا ويعتبرون ان استهداف اي عضو يصيب جميع اعضاء هذا المحور.
وحصلت المفاجأة في اليوم التالي بعد ظهر الخميس حين أطلقت عشرات الصواريخ في اتجاه الجليل وسقط عدد منها في مناطق حساسة في الجليل. وتبين انه تم تجهيزها بطريقة عسكرية احترافية تدل على ان من اطلقها يتمتع بخبرات في حقل هذه الصواريخ ولو كانت من طراز قديم او قد جرى تطوير حشواتها”.
في هذا الوقت، عمد هنية الى الغاء برنامج زياراته ولقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين واقتصرها على الحزب والمسؤولين عن الفصائل الفلسطينية. وكان عندما يحضر الى بيروت يلتقي المسؤولين الرسميين ويزور دار الفتوى.
وجاء توقيت اطلاق هذه الصواريح التي لم تتبناها ” حماس” ولا “المقاومة الاسلامية ” في دلالة على ممارسة “الغموض البناء ” الذي يطبقة أقطاب المحور.
وفي قراءة هذه العملية التي جاءت بعد التضييق الاسرائيلي على المصلين والمعتكفين في المسجد الأقصى في ذروة سياسات حكومة صقور اليمين الاسرائيلي بزعامة بنيامين نتنياهو الذي يعاني مشكلات داخلية عدة تمنعه من استرجاع الصورة التي كان يحظى بها في حكومات سابقة.
وتقول مصادر متابعة هنا ان اطلاق دفعة الصواريخ في اتجاه اسرائيل من محلة “المعلية” في سهل القليلة (صور) والتي تبعد مسافة قصيرة عن مخيم #الرشيدية، جاء في توقيت ولحظة سياسية “مدروستين بعناية شديدة”، وأنه ليس من مصلحة المقاومة ولا الفصائل الإعلان رسمياً عن الجهات التي قامت بهذا الفعل الذي وجه لتل أبيب اخطر رسالة عسكرية بعد عدوانه ضد لبنان في تموز 2006.
وجاء هذا التطور بعد قيام اسرائيل بعمليات وممارسات قاسية ضد الفلسطينيين في القدس ومحيطها وفي أكثر من مدينة عربية الى مخيم جنين وأخواته حيث يتصدى الفلسطينيون بـ”اللحم الحي” لماكينة الموت الاسرائيلية، فيقوم الشباب الفلسطيني بعمليات مقاومة بعيدة فاجأت أركان الأمن الاسرائيلي وسط حالة من التخبط داخل السلطة الفلسطينية في رام الله وعدم قدرتها على مواجهة ما يحصل من تبدلات وتطورات في هذه المشهدية داخل الأراضي المحتلة مع استفادة المقاومين من عناصر الارباك بين الاجهزة الساسية والامنية في حكومة نتنياهو التي لم تعمد الى توجيه اتهامات لـ” حزب الله” باطلاق دفعة الصواريخ من القليلة بل وجهت اصابع الاتهام الى”حماس”.
وتزامنت التطورات الاخيرة في غزة والقدس مع تصاعد الهجمات الاسرائيلية في سوريا والتي استهدفت مواقع ونقاطا عسكرية ايرانية وتم توجيه اكثر هذه الضربات والغارات من الاجواء اللبنانية.
وبعد دقائق على سقوط تلك الصواريخ في الجليل، أبلغت اسرائيل قيادة “اليونفيل” في الجنوب بأنها ستقدم على ” ضربة محدودة” في الجنوب وتحديدا في النقاط التي انطلقت منها تلك الصواريخ. ونقلت قيادة القوة الدولية كل هذه الاجواء الى المسؤولين اللبنانيين وقيادة الجيش.
وكان الهدف من رسالة افطار “حزب الله” وبإجماع كل الحاضرين واستكمالا لجلسات سابقة بين مكونات هذا المحور، توجيه رسالة الى القيادة في اسرائيل لضرورة التحسب الى أن هذا المحور لن يقف متفرجاً في المستقبل على أسلوب “الاستفراد العسكري” الذي تمارسه آلة الحرب الاسرائيلية ضد افرقاء هذا المحور وانه عليها ان تتحسب جيدا لكل عملية تقدم على تنفيذها في المستقبل مع توقع ان تشتعل كل جبهات المحور الذي نجح في الضغط “على اليد المكسورة” لنتنياهو في زحمة خلافاته مع المعارضة الاسرائيلية وحالة التخبط التي تشهدها الاجهزة الامنية والعسكرية في اسرائيل مع معرفة انه يقدر على جمعها في المواجهة الحقيقية ويستفيد من هذه اللحظة، ولو ان الحسابات التي يضعها لا تتلاقى مع المخطط الذي يضعه في توقيت لا يخدمه.
في غضون ذلك، يشهد “البيت الفلسطيني” حالة من الانسجام بين فصائله رغم توجيه المزيد من الانتقادات لسياسات الرئيس محمود عباس ومعاونيه الذين لا يواجهون ممارسات الاسرائيلي “كما يجب”، بحسب مصادر فلسطينية، تدعو الجميع الى الوحدة حيال مشهدية ما يحصل في المسجد الاقصى.
وكان تشديد هنية في لقاءاته الفلسطينية في بيروت على ضرورة “توحيد الموقف والخروج من التباينات القائمة بين الفصائل”. ولم تتلق السلطة في رام الله بارتياح ما اقدم عليه عضو قيادة الساحة في حركة ” فتح” منير المقدح من تأييده لأعمال المقاومة ودعوته الى ضرورة جبه اسرائيل ومقاومتها على هامش تخريجه دورة عسكرية في مخيم عين الحلوة.
وتفيد المصادر المواكبة هنا أن الجمهور الأغلب من “فتح” لا يتلاقى مع توجهات قيادته التي وقعت في احراج كبير في تعاطيها مع كل التطورات وما يقوم به محور المقاومة الذي يبدو اليوم انه في “كباش ” مع اسرائيل وخصوصا من جهة “حزب الله” الذي يتعاطى مع كل هذه التطورات بـ “ميزان” لا يعرف الخطأ.
ولذلك ستبقى كل هذه التطورات تحت السيطرة في انتظار “المعركة الكبرى” التي لم يحن موعدها بعد وأقله في هذ المرحلة الجديدة التي تعيشها المنطقة.

Radwan.aakil@annahar.com.lb

Exit mobile version