الأخبار- راجانا حمية
منذ مطلع العام الجاري، توقفت الأعمال في مرفأ بيروت سواء لناحية التنظيف ورفع الركام من الجهة الشمالية، أو لناحية تقرير مصير الجهة الجنوبية وما إذا كانت ستبقى أم لا.
لا شيء يحصل في المكان منذ أربعة أشهرٍ، ولا يبدو في الأصل أن ثمّة ما يمكن التعويل عليه لتغيير الواقع هناك، بحسب قول الدكتور محمد أبيض، رئيس اللجنة العلمية لمعالجة الحبوب في مرفأ بيروت. «باستثناء بعض الأعمال الجانبية، لم يتحرّك شيء لا شمالاً ولا جنوباً»، يحسم أبيض. ففي ما يتعلق بالجهة الجنوبية التي كان قد اتّخذ بشأنها قرار حكومي «معجّل مكرّر» بالطلب من وزارة الأشغال العامة تكليف شركة «خطيب وعلمي» إعادة النظر في وضعية الجزء المتبقي من مبنى الأهراءات، توقّف البحث عند طلب الشركة لمبلغ مالي لقاء القيام بهذا الأمر، من دون أن يكون هناك ردّ في المقابل من وزارة الأشغال العامة لعدم توفّر المطلوب.
أما في ما يتعلّق بالجهة الشمالية، فلا يجد أبيض تعبيراً أدقّ من ذلك: «على حطّة الإيد». فما كان مخطّطاً له لم يسر بسلاسة، إذ إنه بعد الانتهاء من أعمال التكسير ورفع الركام وتنظيف الصوامع التي انهارت، لم يُنقل شيء خارج المرفأ كما كان مقرراً. وكان منتظراً أن تقسّم الردميات ما بين طمر الحفرة التي خلّفها انفجار الرابع من آب، وما بين مطمرَيْ الجديدة والكوستابرافا، وذلك بعد حصول مجلس الإنماء والإعمار على كتاب موافقة خطي من وزارة الأشغال. إلا أنه حتى اللحظة «لا جواب»، يقول أبيض. خلال فترة الانتظار تلك، قامت شركة «سي جي إم سي أم آي» بالعمل على فصل الركام عن الحديد وفرزه «على نفقتها»، إلا أن كلّ شيء بقي مكانه. ولهذا السبب، يطلب أبيض من وزارة الأشغال اتّخاذ خطوة إلى الأمام لحلّ العقدة.
المطامر: مغامرة غير محسوبة
مع ذلك، ليس سبب بقاء الأمور على حالها عدم قدرة وزارة الأشغال على تأكيد الموافقة، وإنما في المشكلات التي تعاني منها المطامر، وتحديداً المطمرَين المستهدفين بقدرتهما الاستيعابيّة التي «مطّت» مراتٍ عدّة، بالإضافة إلى الأزمات المتلاحقة التي تسببت بها الأزمة الاقتصادية. وثمة سبب آخر يتعلّق برفض غير معلن من البلديات القيّمة على تلك المطامر بنقل هذه الردميات إليها، فهي لا ترغب بحمل هذا الوزر باعتباره مغامرة… غير محسوبة.
ففي ما يتعلق بمطمر الكوستابرافا على سبيل المثال، يكمن جوهر الخلاف في سببين أساسيين: أولهما ما يتوجّس منه المعنيون لناحية نوعية المواد المراد طمرها، فبحسب هؤلاء «لم يوضح مجلس الإنماء والإعمار، ولا الجهة التي ستعمل على نقل تلك المواد، ماهيتها»، متسائلين «من حدّد النوعية وماذا تقول دراسة الأثر البيئي؟ وهل المواصفات المطلوبة متوافقة؟ وأين ستوضع؟». مردّ هذه الأسئلة إلى أن هذه الردميات ستنقل «إلى المكان المحدّد لمحطّة تكرير الصرف الجديدة، وقد تبيّن من خلال التدقيق أن مواصفات المواد المنقولة تختلف عن المواصفات الفنية لما سيكون هناك»، ويعني هذا «أننا مقبلون على أزمة أخرى تتعلق بمعضلة إعادة نقل هذه الردميات وترحيلها إلى مكانٍ آخر في وقتٍ لاحق لأنها غير مناسبة»!
أما الهاجس الأكبر، فيتعلق بسؤال لم يُجب عليه أحد من المعنيين «هل المطامر قادرة على استيعاب هذه الكميات في الوقت الذي نحن فيه أمام مشكلة نفايات قادمة، فما يهمنا في المرحلة الحالية الحفاظ على كل متر في تلك المطامر كي لا نغرق بالنفايات». في الخلاصة، وبرأي هؤلاء «لا يمكن فكّ مشكل ردميات المرفأ بتحميلنا إياه».