ردة فعل للجيش والمقاومة الشعبية … أما المقاومة المسلّحة فالتزمت القرار
كتبت فاطمة شكر في “الديار”:
إذاً لم ينسحب العدو “الإسرائيلي” من الجنوب اللبناني بعد انتهاء مهلة الستين يوماً، لا بل مدد وجوده حتى الثامن عشر من شهر شباط المقبل ، وبدعمٍ وموافقةٍ أميركية من إدارة دونالد ترامب الجديدة، التي وعد من خلالها بإنهاء الفوضى وانهاء الحروب ، ما يعني أن الأسابيع الثلاثة المقبلة هي ترحيل وتأجيلٌ من أجل هدفٍ ما ، فهل هذا الهدف مرتبط بغزة ؟
أو بالضفة الغربية ؟ أم أنه مرتبطٌ بالواقع اللبناني ؟
فمن ضمن المشهد المستجد في الآونة الأخيرة المتعلق بموضوع نهاية الستين يوماً، كان من المفترض على العدو “الاسرائيلي” الالتزام بعملية الانسحاب ووقف لإطلاق النار ، من هنا يرى مصدر سياسي مطلع على مجريات الأمور، أن “اسرائيل” لن تستطيع ان تتجاوز ما جرى في الآونة الأخيرة، من عودة النازحين اللبنانيين إلى بلداتهم الحدودية، بالشكل الذي فاجأ الاحتلال، معتبراً من خلال التصريحات المتعددة للإعلام العبري او لليمين المتطرف داخل الحكومة، أن ذلك له وقعٌ صاعق وتأثير مدو على كل المستويات ، لا سيما أن كل ما حصل عليه جيش العدو الاسرائيلي ما هو إلا فشل ذريع يتعلق بموضوع الميدان، لجهة عودة المستوطنين إلى الشمال، والتي كان من المفترض أن تتمَ بصورةٍ دراماتيكية وبتسهيلاتٍ لوجيستية مع اطمئنانٍ امني.
لكن كل ذلك لم يحصل منه سوى تشرذم وارباك، مع الخلافات التي ظهرت مع اللجان البلدية والمدنية، التي رفضت العودة في ظل هذه الظروف ، خاصةً دون تأمين حالةٍ من الارتياح لدى المستوطنين، الذي عكسه المشهد المقابل لعودة النازحين، والذي يشبه ردة فعلٍ مقاومة. ولكن هذه المرة تمثلت العودة باللحم الحي، بالرغم من سقوط العديد من الشهداء والجرحى، حتى عدنا بالذاكرة إلى عام 2000 يوم كان التحرير بمواكبة الجيش اللبناني، الذي التحمَ وشارك ميدانياً، وترافقت خطواته مع تقدم المدنيين وحمايتهم في أماكن أخرى، وذلك تأكيداً على المقاومة الشعبية والجيش ، وتلك هي المعاني التي تؤكد على المقولة الذهبية ” جيش شعب مقاومة” ، مع الالتزام للمقاومة المسلحة بعدم الرد، التزاماً منها بالوعود التي قطعتها على الراعي المسؤول داخل “اللجنة الخماسيّة”، الذي بقي مراقباً لما يحصل مع تصريحاتٍ لبعض المسؤولين، بأن المقاومة ما زالت على جهوزيتها، وهي ليست بعيدةً عن بيئتها بكل مكوناتها الجنوبية دون حصرها بشيعية الطائفة.
هذا من ناحية ، باعتبار هذا التوصيف جزءٌ من المشكلة لدى العدو “الاسرائيلي” ، لذلك يضيف المصدر بأن ما جرى البارحة من اعتداءات خارج الإطار المحدد بجنوب الليطاني، ليتمدد القصف إلى محافظة النبطية بعدة عمليات، مع خرقٍ للقصف المدفعي ورميات متعددة بأسلحة مختلفة، كل ذلك يعتبرُ ردة فعلٍ انتقامية لمجريات الأمور، التي لم تكن على مستوى ارضاء جيش الكيان ولا حتى المستوطنين، خاصةً ان الإطار للأمر الواقعي الحالي يشير إلى عودةِ الغزاويين داخل فلسطين المحتلة ، و يترافق ذلك مع عودة جنوبية مباغتة لقوات الاحتلال، دون أي من المخاوف مع كل الاعتداءات التي قامت بها قوات الاحتلال ضد المدنيين العزل.
لذلك جاءت تصريحات البيت الأبيض بتمديد المهلة والتهديدات “الاسرائيلية” المرافقة لها، بعدم الانسحاب من مناطق محددة، للتعويض عن بعض من المعنويات التي سيطرت عليها الهزيمة لدى المستوطنيين “الاسرائيليين” ، لان الحرب التي بدأت منذ السابع من أكتوبر لم تحقق أياً من أهدافها ، وباتت الأمور واضحة.
فالفشل المتراكم الذي قام به العدو من بداية المرحلة الأولى وحتى يومنا هذا، مؤشرٌ على مدى الخيبة “الاسرائيلية”، كما أن الصورة باتت أكثر سوداوية بعد مشاهد عودة اللبنانيين إلى قراهم ومناطقهم الحدودية. لذا فإن الكيان والإدارة الأميركية لا تزالان تفتشان عن مخرجٍ يليقُ بهيبة هذا “الجيش الذي لا يُقهر” .