رئيس “أمان” السابق: إستراتيجية إسرائيل ضد إيران فشلت
أشار رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، تَمير هايمَن، إلى فشل الإستراتيجية الإسرائيلية المركزية ضد إيران – الدعوة إلى فرض عقوبات اقتصادية مشددة ووضع خطة لردع عسكري أميركي. واعتبر أنه في حال طوّرت إيران قنبلة نووية، “فإننا سندخل لأول مرة إلى وضع يوجد فيه تهديد وجودي محتمل على دولة إسرائيل”.
وقال هايمن، مدير “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، في مقابلة نشرتها صحيفة “هآرتس” اليوم الأحد، إن “على الحكومة الجديدة أن تدرك أن الإستراتيجية الحالية ليست ناجحة”، وأن المستوى السياسي في إسرائيل “يدرك خطورة التهديد النووي الإيراني، لكنه يظهر اطمئنانا بالتعامل معه، ويوجد حرج هائل وعدم مثابرة إستراتيجية لا أتمكن من فهمه”.
وأضاف أن “الوضع اليوم هو أنه توجد ساعتان تسيران إلى الوراء: ساعة حياة النظام في إيران وساعة حياة القنبلة النووية. وإذا سقط النظام قبل تطوير القنبلة، فإننا نكون قد حققنا نجاحا كبيرا. لكن إذا ساعة القنبلة سبقت سقوط النظام، فإننا سندخل إلى وضع يكون فيه لأول مرة تهديد وجودي محتمل على دولة إسرائيل”.
واعتبر أن إيران نووية سيعيد طرح مصطلح “إرهاب نووي”، وأن هذا يعني وجود “قنبلة قذرة” بأيدي حزب الله أو فصائل فلسطينية. “ونشر تكنولوجيا نووية هو أمر معقد للغاية. وحتى توقيع الاتفاق النووي (عام 2015)، كان التأجيل هو الإستراتيجية. والاعتقاد هو أننا نكسب الوقت من خلال عمليات عسكرية سرية وعمليات أخرى. ونحن نكسب الوقت ونقوم بإعداد بديل عسكري هجومي، سنستخدمه إذا تجاوزت إيران عتبة معينة”.
إستراتيجة إسرائيل ضد إيران فشلت (Getty Images)
ويرى هايمن أن سياسة العقوبات، في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، لم تستهدف محفزات إيران. “وعزل إيران السياسي والاقتصادي ليس عزلا حقيقيا. فهي تتلقى دعما اقتصاديا من روسيا والصين. وهم لا يرون أنفسهم معزولين اقتصاديا”.
وأضاف أن “أي أحد قرأ الوثيقة الإستراتيجية للأمن القومي الأخير للولايات المتحدة، يدرك أن الأميركيين لا يعتزمون استخدام قوة عسكرية من أجل إسقاط النظام. وكتبوا ذلك علنا، وهذا ليس سرا. وأي أحد يعرف جيوسياسية العالم يدرك أن الولايات المتحدة لا تتجه إلى بداية حرب جديدة في الشرق الأوسط. والإستراتيجية الحالية التي تستند إلى هذين الساقين – العقوبات والردع – انهارت. وهي غير موجودة”.
وشدد هايمن على أنه كان يحظر على الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي، وأنه كان يجب التوقيع عليه مجدد في العام الماضي من أجل كسب الهدوء، وذلك خلافا لموقف رؤساء الحكومة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، بنيامين نتنياهو ويائير لبيد ونفتالي بينيت. ورأى أن إيران كانت ستلتزم بالاتفاق الأصلي إلى حين انتهاء سريانه، في العام 2030.
وتابع “أنا لا أصدق الإيرانيين أبدا. وفي مرحلة ما سيستغلون الفرصة الأولى من أجل تحصين نظامهم، والوصول إلى قدرات نووية تسمح بهذا الأمر. واعتقدت أن الوقت الذي سنكسبه سيتيح لنا ليونة بالعمل بالإستراتيجية التي نريدها، سواء بطريقة عسكرية أو أن ننتظر ونرى ما سيحدث”.
وأضاف هايمن أنه لو توصلت المفاوضات النووية بين القوى العظمى وإيران إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي لالتزم الجانبان به، “ولم نكن سنصل إلى الواقع الذي باعتقادي وصلنا إليه، وهو أن إيران دولة عتبة (نووية) فيما العالم منشغل بأمور أخرى. وسنضطر في نهاية الأمر تنفيذ الأمر الوحيد الذي يجب تنفيذه، وهو مهاجمة إيران”.
المفاوضات النووية في فيينا، نهاية العام 2021 (Getty Images)
وبحسب هايمن، فإن “الولايات المتحدة لن توقع على اتفاق نووي مع إيران لأن هذا يعني ضعف هائل مقابل أوروبا والصين وروسيا. وزعيم إيران لن يوقع. ويبدو لي أنه راضٍ من الوضع كما هو الآن، الذي يحصل فيه على كافة المنافع من دون أن يُهان. ولذلك هو يضع المصاعب”.
ويعتقد هايمن أن لدى إسرائيل قدرة على مهاجمة إيران الآن، لكنه أشار إلى أن ثمن ذلك سيكون باهظا للغاية. “فهذه لن تكون مهاجمة مفاعل نووي” مثل الهجومين الإسرائيليين ضد المفاعلين النوويين العراقي والسوري. “والبرنامج النووي الإيراني بُني على استخلاص الدروس من هجماتنا. وانطلاقا من إدراكهم أننا عازمون على الهجوم، بنوا خطة مختلفة، ونشر البرنامج في عشرات المواقع. وهي محصنة وفي باطن الأرض ومحمية، بحيث أن هجوما كهذا سيعتبر كحرب ضد إيران ويمكن أن تتسع إلى حرب إقليمية. وحزب الله سيكون ضالعا في الحرب. وبنظر الإيرانيين، فإن هذا يردع كثيرا ويخفف من إقدام إسرائيل على ذلك لأن عواقبه معروفة. وقدرات حزب الله الصاروخية وترسانة القذائف الصاروخية لديه معروفة لدى أي مواطن في إسرائيل”.