كتب د قاسم قصير في “الأفضل نيوز”:
في ظل التطورات المتسارعة في لبنان والمنطقة ، منذ معركة طوفان الأقصى والحرب على لبنان وسقوط نظام بشار الأسد ، تقوم الأوساط الشيعية الفكرية والثقافية والدينية في لبنان في عقد لقاءات بعيدا عن الإعلام للبحث والنقاش والحوار الداخلي حول مستقبل ودور الشيعة في لبنان والمنطقة ، في ظل انتشار المخاوف على الوجود الشيعي ومستقبل الشيعة في لبنان ودول المنطقة .
وفي إطار البحث حول تداعيات التطورات وانعكاساتها الآنية والمستقبلية عقدت لقاءات حوارية بين العديد من الكوادر الشيعية ومرجعيات دينية وسياسية وأمنية بعيدا عن الإعلام ، وذلك بهدف تقييم التطورات المتسارعة والبحث في كيفية مقاربة مختلف التطورات في لبنان والمنطقة .
وهنا أبرز الخلاصات التي برزت خلال هذه اللقاءات الحوارية ، وإن كان النقاش مستمرا بانتظار بلورة رؤية مشتركة يمكن أن يتم إطلاقها من قبل بعض الجهات الدينية أو القوى السياسية والحزبية الفاعلة .
أولا : حول معركة طوفان الأقصى ومعركة الإسناد وصولا للحرب الإسرائيلية المدمرة على لبنان رغم حجم التضحيات التي قدمت والعدد الكبير من الشهداء وصولا لاستشهاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله واستهداف البنية الاقتصادية والاجتماعية والصحية والمالية للبيئة الشيعة ، فإن هناك توافقا بأن هذه المعركة كانت محقة وضرورية لأنها تعبر عن الموقف الشيعي والإسلامي والإنساني المبدئي تجاه القضية الفلسطينية، ولأن العدو الإسرائيلي كان يريد استهداف المقاومة ولبنان ، وعملية البيجر التي تم التحضير لها منذ سنوات دليل واضح على ذلك .
ويؤكد المشاركون على ضرورة تقييم المعركة والحرب المستمرة إلى اليوم وكشف الأخطاء والثغرات التي حصلت لكن ذلك لن يؤدي إلى توقف دعم الشعب الفلسطيني بكل الأشكال الممكنة وكذلك التمسك بخيار المقاومة لمواجهة العدو الإسرائيلي في حال فشلت الجهود الدولية والداخلية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه .
ثانيا : حول الموقف من الدولة والجيش اللبناني والدور المستقبلي للشيعة : كانت الآراء متوافقة على ضرورة التمسك والحفاظ على دور الدولة وتعزيز وتفعيل مؤسساتها لأنه لا بديل عن الدولة وخصوصا الجيش اللبناني ، وأن وجود المقاومة كان بسبب تقصير الدولة ومؤسساتها ، وإذا كانت الدولة قادرة على مواجهة العدو الإسرائيلي وتحرير الأراضي المحتلة فأهلا وسهلا بها، وهذا يساعد في تخفيف الأعباء عن المقاومة ودورها ، وأن المطلوب في المرحلة المقبلة تعزيز الحضور الشيعي في مؤسسات الدولة مع الاستعداد للانخراط في الحوار الوطني حول تطبيق اتفاق الطائف والاستراتيجية الدفاعية واستكمال الإصلاحات الداخلية ، وأن الشيعة اللبنانيين متمسكون بقيام الدولة المدنية ومستعدون لأي حوار مستقبلي حول الإصلاحات المطلوبة لقيام الدولة المدنية والتطبيق الكامل لاتفاق الطائف.
ثالثا : عن المخاوف على وجود الشيعة ودورهم في لبنان والمنطقة في ظل التطورات المتسارعة ولا سيما بعد سقوط نظام بشار الأسد والخوف من استهداف العراق وإيران ، كانت وجهات التظر متقاربة على أن لا خوف على مستقبل الشيعة ودورهم ووجودهم في لبنان والمنطقة ، لأن هذا الوجود أصيل وتاريخي وأنه مهما جرت من محاولات لإضعاف الدور الشيعي فلن تنجح ، وأن التمسك بخيار الدولة هو الأساس ، ولكن الشيعة لن يتخلوا عن مواقفهم الوطنية والقومية والدينية وخصوصا في مواجهة المشروع الصهيوني المدعوم من الغرب ، وهم منفتحون على شركائهم في الوطن ومستعدون للتعاون في مواجهة مختلف التحديات ، خصوصا في ظل استمرار العربدة الإسرائيلية والمخاوف من تطورات أمنية متسارعة في سوريا ودول المنطقة والذهاب إلى حروب أهلية أو إلى التقسيم أو عودة الجماعات الإرهابية للتحرك مجددا .
هذه بعض الخلاصات الأولية للنقاشات الدائرة في الأوساط الشيعية وهي ستستكمل في الأيام القادمة على ضوء التطورات المتسارعة وقد يتم إطلاق مبادرات حوارية أو وثائق تتضمن هذه الخلاصات تمهيدا لعقد مؤتمر وطني شامل أو الدعوة لحوارات وطنية مع مختلف المكونات اللبنانية وعلى الصعيد العربي والإسلامي والمسيحي.