كتب مبارك بيضون
لم تزل نيران الحرب الإسرائيلية على غزة مشتعلة، تحرق قادة تل أبيب بصمود الشعب الفلسطيني ومن خلفه مقاومته وحلفائها الذين فتحوا على عليهم معارك لم تكن في الحسبان، الى أن طالت النيران ساكن البيت الأبيض الذي أضحى دفاعه المجنون عن اسرائيل نوعًا من الهذيان أفصح عن التبعية العمياء للإدارة الأمريكية لحكومة الكيان المؤقت، مهما ظهر من خلافات إلى العلن والتي جلها خلافات عن طريقة إدارة المعركة لا أهدافها.
حرب غزة وضعت الإدارة الأمريكية في مأزق، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في واشنطن والمقرر إجراؤها في نوفمبر القادم، مما جعل من واشنطن المفاوض والمتكلم باسم تل أبيب، خاصة فيما يحصل في كواليس صناعة القرارات في الدوحة والقاهرة، مع ضعف التأثير على جميع الدول، والذي تمظهر في رفض الدول للانخراط في مسار السياسة الخارجية الأمريكية، لإيجاد حلول للحرب المفروضة على غزة تدعم إسرائيل في تحقيق ما لم تستطع آلة الحرب تحقيقه.
هذا الابتعاد العالمي عن المحور الأمريكي يعود إلى رفض الشعوب لما يجري على المدنيين في القطاع المحاصر، مما جعل من القرارات الدولية عاجزة عن الموازنة بين نفوذ تل أبيب ومطالب الشعوب، فوقفت عاجزة عن وقف المذبحة القائمة في غزة، وإن لم تخل من رفع أصوات الإدانة عما كانت عليه في السابع من أكتوبر، وهذا ما ظهر جليًا في فرط عقد تحالف “حارس الازدهار” الذي أعلن البنتاغون عن تشكيله بهدف حماية الملاحة في البحر الأحمر عقب إعلان “أنصار الله” اغلاق باب المندب أمام حركة الملاحة الإسرائيلية، إلا أن وقع المفاجأة كان مدويًا على رأس واشنطن، عقب نأي الدول العربية بنفسها عن المشاركة فيه باستثناء البحرين، وتهرب كل من فرنسا وايطاليا من المشاركة في أي من عملياته.
التأثير على الشعوب جاء من خلال الصورة التي تمكن الشعب الفلسطيني من نقلها الى العالم أجمع، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وسرعة انتشارها، مما أجبر عددُا من وسائل الإعلام العالمية على تغيير سياستها المنحازة تجاه تل أبيب، وفتحت حيزًا للرواية الفلسطينية لتنتشر على صعيد العالم، وانقلب السحر على الساحر، وفضحت البروباغندا الإسرائيلية والتي صورت الفلسطينيين كشعوب معتدية على الإنسان الأرقى اي الإسرائيلي.
توازيًا مع ذلك، طفت الخلافات بين مجلس الحرب على سطح الأحداث في الداخل المحتل، مما أكد المؤكد في أن إسرائيل تعيش أزمة وجودية إن لم تكن خارجية، فهي بكل تأكيد داخلية، ليستفيد يائير لابيد منها كونه المعارض الأبرز لما يجري من حرب عبثية على غزة، فهو يريد حربًا من نوع آخر تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين دون إراقة دماء.
وفي محاولة لرأب الصدع الداخلي ياتي التصعيد الإسرائيلي على كل الجبهات، عل هذه الحرب تتحول إلى إقليمية، وتأتي الولايات المتحدة بجيوشها لنشل ما يمكن نشله من دويلة باتت تغارقةً في مستنقع غزة، ليبقى السؤال المطروح هل يمكن لهذا الكيان من أن يتعايش في وقت لاحق مع الجار الفلسطيني في إطار حل الدولتين؟ وهل حل الدولتين ما زال قائمًا أصلا؟ ؟؟