دلالات نجاح المقاومة بإيقاع جيش الاحتلال في كمائنها وتكبيده الخسائر الفادحة
كتب حسن حردان في “البناء”:
خسائر كبيرة تكبّدها جيش الاحتلال في أولى محاولات دخوله إلى بعض البلدات الجنوبية الحدودية، في العديسة، ومارون الراس، ويارون، وكفر كلا وغيرها… حيث وقع جنود العدو في كمائن المقاومة ونيرانها، وسقط العشرات منهم بين قتيل وجريح، ودمّرت لهم ثلاث دبابات ميركافا، واعترف جيش الاحتلال بمقتل ثمانية من جنوده بينهم ثلاثة ضباط كبار، وإصابة سبعة آخرين بجراح خطيرة.. ووصف إذاعة جيش العدو المعارك بأنها صعبة وكارثة أصابت الجيش، فيما أقرّ رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بـ «أننا في ذروة حرب صعبة» متعهّداً بالاستمرار حتى تحقيق الأهداف، لكنه يعيش في صدمة نتيجة الخسائر في صفوف قواته، وهو أمر طالما حذر منه ضباط وخبراء صهاينة.
إذا كانت قوة الإيغور المختصة بحرب العصابات، والعمليات الخاصة، التي تولت القيام بعملية استطلاع بالنار والتحضير لتقدّم قوات العدو، تعرّضت لضربات قاسية، ومُنيت بخسائر كبيرة، تقدّر بأكثر من 80 ضابط وجندي بين قتيل وجريح، فإنّ ذلك يدلل على ما يلي:
أولاً، إنّ ما حصل حتى الآن عبارة عن نموذج مصغر لما ينتظر جيش الاحتلال في كلّ منطقة يحاول الدخول إليها، ما يعني انه سيتعرّض لخسائر كبيرة غير مسبوقة في تاريخه، وستؤدي إلى إحداث تحوّل سريع وانقلاب في موقف الرأي العام بسبب حساسيته إزاء سقوط قتلى وجرح بإعداد كبيرة في صفوف الضباط والجنود الصهاينة، مما يؤثر على معنويات الصهاينة، على غرار ما حصل في قطاع غزة.
ثانياً، انّ المقاومة تثبت أنها أعدّت جيداً للحرب البرية، ووضعت خطة دفاعية محكمة، وهي بحالة متماسكة وروح معنوية عالية واستعداد وجاهزية لخوض القتال وتلقين العدو دروساً قاسية في القتال المواجهة حيث الغلبة لمن يملك القضية العادلة والعقيدة والإيمان والجرأة والشجاعة والاقدام، والاستعداد للتضحية، وهي صفات يتمتع بها المقاومون، ولا يملكها جنود العدو.. واكدت المواجهات الأولى بين المقاومة وقوات الاحتلال عن مسافات قريبة انّ النتائج لمصلحة المقاومة، وانّ المقاومين متواجدون على الحدود مباشرة، رغم كلّ الغارات الصهيونية والقصف المدفعي الذي مهّد لتقدّم هذه الوحدة الصهيونية من القوات الخاصة.. وقد اختار المقاومون الأساليب والأسلحة المناسبة والفعّالة لمواجهة ايّ محاولات تقدّم إسرائيلية.. وهو ما جعل جيش العدو يتكبّد خسائر فادحة سيؤدّي استمرار تعرّضه لها إلى إصابة روحه المعنوية بالضعف، وتنال من عزيمته على القتال، وتعيد تذكيره بما واجهه من قتال ضار في مارون الراس وعيتا الشعب وبنت جبيل.. وغيرها من البلدات والقرى الحدودية، وصوَر احتراق دباباته في حرب تموز ـ آب عام 2006.
ثالثاً، إنّ الحرب البرية، كما تظهر النتائج الأولية لبداياتها، تشير إلى أنه سيكون من الصعب، إذا لم نقل من المستحيل على جيش الاحتلال تحقيق أهدافه، التي عجز طيرانه عن تحقيقها من خلال قصفه العنيف، حيث من المنتظر ان يعلق جيش الاحتلال، في حال واصل وأصرّ على الدخول إلى بعض مناطق الجنوب، في فخاخ حقيقية، تجعله يقبع في ما يشبه حقل رماية يصطاد فيه المقاومون دباباته وجنوده.. بما يمكن المقاومون من تحقيق وعد سيدهم وقائدهم سماحة السيد الشهيد حسن نصر الله، بجعل المناطق الجنوبية مقبرة لجيش الاحتلال.. وبالتالي قلب المشهد ليصبح العدو غارقاً في مستنقع من الاستنزاف يفوق ما واجهه في غزة، عشرات المرات.
رابعاً، إنّ إصرار العدو على الدخول البري سيكبّده المزيد من الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد، الأمر الذي سيعيد مشهد تفجّر التناقضات داخل الكيان، بين من يدعو إلى عدم العودة التورط أكثر في المستنقع اللبناني.. وبين من يصرّ على ذلك لتحقيق أهداف الحرب، لأنّ التراجع يعني الهزيمة من أوّل مواجهة، ولكن دخول جيش الاحتلال إلى بعض المناطق لن يجعله قادراً على السيطرة والوصول إلى أهدافه، وسيكون عرضة لاستنزاف مستمرّ وارتفاع كبير في حجم خسائره، وفي نهاية المطاف لن يكون أمام حكومة العدو إلا التسليم بالعجز عن الوصول إلى صواريخ المقاومة وأنفاقها، وعدم القدرة على السيطرة والاستقرار في ايّ منطقة ينجح في الدخول إليها، وبالتالي الفشل في منع استمرار سقوط صواريخها على مدن الاحتلال ومستعمراته في الشمال، واستطراداً لن تتمكن حكومة نتنياهو من إعادة المستوطنين إلى مستعمراتهم، او تحقيق هدفها بالفصل بين جبهتي الجنوب وغزة، لتصبح أمام خيار وحيد وهو قبول شرط المقاومة بوقف حرب الإبادة في غزة وتلبية مطالب المقاومة الفلسطينية باعتباره الممر الإلزامي لوقف جبهة الإسناد من جنوب لبنان.. كما قال سيد المقاومة قبل استشهاده.