دراسة مصرفية: أعداد الموظفين والفروع تتراجع
نشرت المجلة الشهرية الصادرة عن جمعية المصارف، دراسة محدّثة حول اوضاع الموظفين في القطاع المصرفي، أظهرت تراجعاً كبيراً في أعدادهم، بالإضافة الى تقليص أعمال المصارف، وتراجع أعداد الفروع…
لم يكن عام 2021، شأن العام الذي سبقه، جيداً بالنسبة إلى العاملين في القطاع المصرفي، الذي عانى كسائر القطاعات من الأزمات الاقتصادية والمالية والصحية. في الواقع، وصل عدد العاملين إلى 18815 موظفاً في نهاية عام 2021 مقابل 22325 شخصاً في نهاية عام 2020 (-3510 موظفين أو -15,7%) و24886 شخصاً في نهاية عام 2019 (-2561 شخصاً أو -10,3%). وكان عدد العاملين بدأ بالانخفاض بشكل طفيف في عام 2018 (-97 شخصاً أو -0,4%) ثم في عام 2019 (-1022 شخصاً أو-3,9%)،علماً أنّ معّدل زيادة العمالة المصرفية كان راوح بين 2,5% و3,1% سنوياً في فترة 2013-2017، حيث كانت المصارف توظّف أعداداً من ذوي الاختصاصات تبعاً لتطّورالمهام في بعض الأقسام. ومن المرّجح أن يزداد عدد الخارجين من القطاع أكثر في الفترة المقبلة، إما بسبب تسريحهم أو لبلوغهم سّن التقاعدالقانونية، أو لتفضيلهم ترك العمل مسبقاً لقاء تعويضاٍت معّينة أو لأسباب أخرى، منها اختيار وظيفة أخرى في الداخل أو الخارج، نظراً لتدهور القدرة الشرائية لرواتبهم.
وتعود المعطيات الإحصائية عن العدد الإجمالي للعاملين في القطاع المصرفي إلى 57 مصرفاً عاملاً في نهاية عام 2021، موزّعة على 45 مصرفاً تجارياً و12 مصرف أعمال. وتوزّعت المصارف التجارية على 30 شركة مساهمة لبنانية، و7 مصارف لبنانية ذات مساهمة عربية أكثرية، و6 مصارف عربية ومصرفَْين غير عربَّيْين (بعد توقّف أحد فروع المصارف الأجنبية/غير العربية، في انتظار تصفية أعمال فرعه في لبنان). وفي ما يتعلّق بمصارف الأعمال، فقد أوقف ثلاثة منها نشاطها في عام 2021 من دون أن يكون قد شُطب بعد عن اللائحة رسمياً، وذلك في إطار بحث المجموعات المصرفية في لبنان في تقليص النفقات التشغيلية، عبر دمج وحداتها ضمن المجموعة الواحدة وتحويلها إلى أقسام داخل المصرف الرئيسي.
في العام 2021، تّم إقفال المزيد من الفروع المصرفية في الداخل، بحيث انخفض عددها في نهاية العام المذكور إلى 914 فرعاً مقابل 1014 في نهاية 2020(-100فرع) و1080 في نهاية العام 2019 (-66 فرعاً)، ومن المتوقّع أن يُقَفل المزيد منها في المرحلة القادمة. كما انخفض عدد أجهزة الصراف الآلي إلى 1724 جهازاً في نهاية عام 2021 مقابل 1874 و2003 أجهزة في نهاية عاَمْي 2020 و2019 على التوالي.
وعن استراتيجيات المصارف في ما يتعلق بالانتشار في الخارج، لجأ عدد إضافي منها في عام 2021 إلى بيع وحداته، على غرار ما حصل مع بعضها في العام الذي سبق، تحّسباً للاستحقاقات التي تنتظرها لناحية السيولة والملاءة، وتطبيقاً لتعاميم مصرف لبنان. للتذكير، فرض مصرف لبنان على المصارف من خلال التعميم 154 زيادة رساميلها بنسبة 20% وتخصيص سيولة لدى مراسليها توازي 3% من مجموع الودائع كما في حزيران 2020. فالمصارف تسعى إلى خفض الكلفة التشغيلية بعد تراجع أعمالها وأرباحها، لا بل بعد تسجيل خسائر تكّبدتها من جّراء توظيفاتها في سندات اليوروبوند وإيداعاتها لدى مصرف لبنان، فضلاً عن الخسائر المتوقّعة من محفظة القروض للقطاع الخاص.
سوف نعتمد في تفصيل الخصائص والكلفة على المعطيات المستقاة من 53 مصرفاً كانت تستخدم 16447 موظفاً، أرسلت لنا الإحصاءات كاملة، كون أربعة مصارف اكتفت بتزويدنا فقط بعدد الموظفين لديها في نهاية عام 2021.
خصائص العاملين في المصارف
على صعيد الجنس (جندر)، كما بات معلوماً، يتوزّع العاملون في المصارف حسب الجنس على نسبة مرتفعة من الإناث بلغت48,1% في العام 2021 (مقارنة مع حوالى 25% من العمالة الإجمالية في لبنان) لتشّكل حصة الذكور 51,9%. على صعيد الوضع العائلي، سّجلت نسبة العازبين مزيداً من الانخفاض، إذ شّكلت 28,4% من المجموع المتوافر في نهاية العام 2021، ربما مع خروج أكبر للعازبين من العمل في القطاع، بحثاً عن فرصة أفضل في الداخل أو الخارج، أو كونهم لا تقع على عاتقهم مسؤوليات على غرار المتزّوجين. وعلى صعيد هرم الأعمار، لا تزال حصّة الذين هم دون سّن الأربعين تحتّل الصدارة من مجموع العمالة المصرفية في لبنان، على رغم تراجعها إلى حوالى 53% من المجموع المتوافر في نهاية العام 2021، مع ترك الشباب العمل في القطاع. وبلغت حصة الذين تراوح أعمارهم بين 40 و60 سنة 41%، لتشّكل حصّة الذين تجاوزوا سنّ 60 ما يقارب 6% في نهاية العام 2021. ويبّين توزع العاملين في المصارف حسب الجنس وضمن الفئات العمرية المختلفة، أنّ حصة الذكور تفوق حصّة الإناث في الفئات العمرية من 40 سنة وما فوق، فيما تتفوق نسبة الإناث في الفئات العمرية ما دون الـ40 عاماً.
في العام 2021، واستناداً إلى المعطيات المتوافرة، شّكلت قيمة الرواتب قبل الضريبة حوالى 59% من الكلفة الإجمالية، وبلغ متوسط الراتب الأساسي للموظف 3,6 ملايين ليرة يُدفع 16 شهراً كما ينص عقد العمل الجماعي. وشّكلت التعويضات العائلية 1,8% من الكلفة الإجمالية. وتمثّل هذه التعويضات اشتراكات المصارف في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التي هي مرتبطة بأجر العاملين، من جهة أولى، وفائض المبالغ التي تدفعها المصارف إلى الموظفين زيادة على معدل اشتراك الضمان. من جهة ثانية، وبحسب عقد العمل الجماعي، تدفع المصارف التعويض المعتمد من قِبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (33 ألف ليرة للولد و60 ألف ليرة للزوجة) ُمضافاً إليه 50% من تعويض الولد و75% من تعويض الزوجة. وبلغت تعويضات المرض والأمومة، أو ما يُعرف بالضمان الصحي، حوالى 5,6% من الكلفة الإجمالية، وتشمل هذه التعويضات اشتراكات المصارف للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث تبلغ مساهمتها حالياً 8% من أجر العاملين (مقابل 3% يتحّملها الموظف)، والإضافات التي تسّددها المصارف للموظفين زيادة عما يحصلون عليه من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ثلث تعويضات نهاية الخدمة حوالى10,7% من الكلفة الإجمالية، وتشمل الاشتراكات المدفوعة إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والمؤونات، مع التذكير بأنّ مساهمة المصارف في هذا الفرع هي 8,5% من كامل الأجور الخاضعة للضريبة. وشّكلت حصّة التعويضات الأخرى 22,6% من الكلفة الإجمالية. وتشمل هذه التعويضات المنح المدرسية (%22 من مجموع هذه التعويضات) وتعويض النقل (23% من المجموع) بالإضافة إلى تعويض الصندوق ومنح الزواج والولادة وغيرها من التعويضات وبدلات التمثيل والملابس. وفي تفصيل المنح المدرسية، بلغ متوسط المنحة المدرسية لأولاد الموظفين في كل من المدارس الخاصة وذوي الاحتياجات الخاصة 4,9 ملايين ليرة، والمدارس المجانية 1,8 مليون ليرة، والجامعة اللبنانية حوالى 3,5 ملايين ليرة والجامعات الخاصة 8,5 ملايين ليرة. وقد تجاوزت قيمة بعض هذه المنح ما هو منصوص عليه في عقد العمل الجماعي، في إشارة إلى زيادة بعض المصارف هذه التقديمات للتعويض على الموظفين لجزء من ارتفاع الأقساط في المدارس والجامعات الخاصة.