كتب محمد علوش في “الديار”:
منذ أيام وخلال التفاوض الذي كان يقوده المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين، برز مطلب “إسرائيلي” جديد عنوانه «الوصاية على لبنان»، وفي تفاصيله أن العدو “الإسرائيلي” يُريد أن تُقدم له الولايات المتحدة الأميركية ضمانات بشأن حرية عملها في البر والبحر والجو اللبناني متى وجد ذلك حاجة وضرورة، خلال الأيام الستين الأولى للإتفاق وما يليها، بحال اكتشف العدو خرق لبنان للقرار 1701، وهو ما لا يمكن للبنان قبوله، وهذا ما جعل العدو يسعى لتحقيق هذا الهدف من خلال النار والاستعراضات العسكرية.
يسيطر العدو اليوم بالنار على الحدود اللبنانية مع سوريا، فكلّما فُتح طريق أقفله بغاراته، وآخرها الغارة “الإسرائيلية” التي استهدفت معبر القاع – جوسيه خلال الساعات الماضية، كما يسيطر على سمائه من خلال أسراب الطائرات الحربية التي تحلق بشكل دائم في الأجواء اللبنانية، وأسراب المسيّرات وطائرات الاستطلاع المتواجدة على مدار الساعة فوق الكثير من المناطق اللبنانية، لذلك كان لا بد “للإسرائيلي” من تنفيذ عملية بحرية تُظهر يده العليا في البحر أيضاً، لذلك جاءت عملية “الإبرار” في البترون وخطف عماد أمهز.
بحسب مصادر متابعة فإن العدو أراد من خلال العملية إرسال رسالة أساسية بأنه «مالك» الحدود البحرية اللبنانية أيضاً، وان قوات “اليونيفيل” التي تتولى ألمانيا بشكل أساسي فيها مهمة مراقبة البحر اللبناني، غير قادرة على تغيير هذا الواقع أو حتى تعديله أو تغييره، وبالتالي ما رفضه لبنان خلال المفاوضات التي حصلت مؤخراً عبر هوكشتاين وفشلت، يستطيع العدو أن يطبقه دون رضى لبنان وبالقوة العسكرية.
لا يُريد نتانياهو أن يصل الى اتفاق مع لبنان يُعيدنا الى ما قبل 7 تشرين الأول 2023، بل يُريد الاستفادة من كل الدعم الأميركي الحالي، لتغيير الواقع الأمني في الشرق الأوسط، هو قال ذلك أكثر من مرة، وتحدث عن “الشرق الأوسط الجديد”، وبالتالي ترى المصادر أن نتانياهو يحاول استنساخ غزة في لبنان، ونقل تجربة الضفة الغربية إليه أيضاً، ليس لناحية التدمير والمجازر والبطش العسكري وحسب، بل بالأهداف والرغبات “الإسرائيلية”. فالعدو “الإسرائيلي” يرى بغزة منطقة تعيش وتحيا وفق الرغبة “الإسرائيلية” والرحمة “الإسرائيلية”، وهو يُريد أن يكون الأمر نفسه في لبنان.
يُريد نتانياهو أن يكون لبنان تحت رعايته الأمنية، فكما يحصل في الضفة عندما يشعر «بقلق» أمني ما، ويتحرك بجيشه وآلياته لدرء «القلق»، يُريد أن يحصل في لبنان، الى جانب وضع لبنان في سجن غير مرئيّ، فتكون حدوده خاضعة لمراقبة “إسرائيلية” أو دولية، لأجل هدف أساسي وهو منع المقاومة من التسلح.
بالطبع لن يوافق لبنان على هذا الواقع، وبالتالي فإن هذه المعركة ستكون قاسية للغاية، فالأهداف “الإسرائيلية” كبيرة، والمواجهة اللبنانية مقتصرة على فريق المقاومة، لاعتقاد خصومها أن هزيمتها ستشكل انتصاراً لهم، وهم الذين تعاملوا مع إنزال البترون ببرودة لافتة. هذا المسار يؤكد الحاجة الى «الميدان» لكي تكون مساهماته بتغيير الوقائع وتبديل المشهد.