حول جدلية النصر والهزيمة… هل انتصرت المقاومة؟
كتب محمد علوش في “الديار”:
توقفت الحرب “الإسرائيلية” على لبنان، ولم يتوقف النقاش داخل لبنان وبين القوى السياسية حول نتيجة هذه الحرب، ومَن انتصر فيها ومَن لم ينتصر، فما يراه البعض انتصاراً اليوم يراه البعض الآخر في لبنان هزيمة مدويّة، لذلك لا بد من الحديث عن نتيجة هذه الحرب، ومعنى الانتصار والهزيمة فيها.
بعد انتهاء الحرب خرج أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم للحديث عن انتصار يفوق بحجمه انتصار تموز عام 2006، الأمر الذي وجده البعض غريباً نسبة للخسائر التي ألمّت بالمقاومة وقياداتها، وصولاً إلى اغتيال أمين عام حزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله، ولكن ما قصده قاسم كان بحسب مصادر متابعة، هو قدرة المقاومة على الصمود وإفشال الاهداف “الإسرائيلية”، وقراءة هذه القدرة بعد الضربات القاسية التي تعرضت لها.
في بداية الحرب، وخلال الأيام الأولى لها، قبل اغتيال السيد نصر الله وبعدها، انقطع التواصل بين الدولة اللبنانية والدول الغربية المؤثرة في مسار الحرب، يومها وقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة وقال أمام زواره: “لا أمل لدينا سوى بصمود المقاومين على الجبهة”. لم يفقد بري الأمل من صمود المقاومة، إذ كان يعتبره الشرط الأول والأهم والأبرز لبدء مرحلة التفاوض حول الحرب، وهذا بالفعل ما حصل.
إذا، بحال كان العنوان إفشال الاهداف “الإسرائيلية”، التي وصلت مع اغتيال السيد نصر الله، حد المطالبة باستسلام المقاومة وإلقاء سلاحها وانتخاب رئيس للجمهورية تحت النار، والتفكير بمرحلة ما بعد حزب الله في لبنان، يمكن القول بحسب المصادر، أن المقاومة حققت انتصاراً كبيراً بعد لملمة حالها وصمود رجالها في الميدان، وعودة إطلاق الصواريخ الى وسط الكيان، ومنع عودة المستوطنين إلى الشمال قبل توقف الحرب.
أما بحال كان العنوان تحقيق المقاومة نصراً يزعزع كيان العدو ووجوده، وهو ما كانت تتحضّر له منذ 15 آب عام 2006 إلى 6 تشرين الأول من العام 2023، يمكن القول أن المقاومة لم تنجح بمشروعها، وهذا الأمر لا يمكن تغييبه أو إخفاءه، فالمقاومة بعد عملية طوفان الأقصى وبدء حرب الإسناد تبدلت خططها التي كانت تعمل لأجلها، وبعد عملية تفجير “البايجرز” والأجهزة، تبدلت مرة أخرى، إذ علمت المقاومة أن الخرق الذي تمكن العدو “الاسرائيلي” من تحقيقه كان كبيراً للغاية، وهو ما دفع الشهيد السيد نصر الله في خطابه الاخير إلى تحديد اهداف محددة، ويمكن القول خجولة لعمل المقاومة، وهو منع عودة المستوطنين إلى الشمال.
ترجمت “اسرائيل” هذا الخرق بعمليات الاغتيال الكبيرة التي نفذتها، وببنك الاهداف الواسع والكبير في 23 أيلول والذي تضمن بحسب المصادر حوالى 2500 هدف كانت بمعظمها اهدافا عسكرية للمقاومة في الجنوب، وتُشير المصادر إلى أن “إسرائيل” نجحت بإفشال مخطط المقاومة الأساسي، والمقاومة بدورها تمكنت من إفشال مخطط العدو الأساسي بتدميرها.
بالصمود الأسطوري تمكن المقاومة من تحقيق نصر لم يكن على قدر طموحاتها، وما يراه البعض خسارة، تراه المقاومة خسائر وتضحيات في الخط الذي رسمته لنفسها، وبالخلاصة يمكن القول أن الجولة الحالية انتهت بلا نصر مطلق لأحد ولا هزيمة مطلقة لأحد.