كتبت جريدة “الأخبار”:
ينعقد اليوم في الدوحة، اجتماع «رباعي» يضم وفوداً من الولايات المتحدة ومصر وقطر والكيان الإسرائيلي. ويرأس الوفد الأميركي، مدير «CIA» وليام بيرنز، على أن يشارك المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، في الاجتماع أيضاً. وبينما سيمثّل مصر رئيس «الاستخبارات العامة» المصرية عباس كامل، وقطر رئيس حكومتها محمد بن عبد الرحمن، يرأس الوفد الإسرائيلي رئيس «الموساد» ديفيد برنياع، وإلى جانبه رئيس «الشاباك» رونين بار، وممثّل الجيش نتسان ألوني، والمستشار السياسي لرئيس الحكومة أوفير فليك. وبحسب المعلومات، ستمتدّ جولة الدوحة على يومين، على أن تجري خلالها مناقشة النقاط الخلافية بين طرفي التفاوض، في ظل توقعات بأن يطرح الأميركيون مقترحات جديدة، قد تتيح تجاوز المسائل العالقة.وبالنسبة إلى حركة «حماس»، فهي واجهت ضغوطاً من الوسيطين القطري والمصري، لتنضمّ إلى المفاوضات غير المباشرة، لكنها أكّدت أنها غير معنية بالمشاركة في «مفاوضات جديدة»، معلنةً أن «ما وافقت عليه سابقاً، أي اتفاق الإطار الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن، هو الأساس الوحيد الصالح للتفاوض، وعلى إسرائيل أن توافق عليه، لا أن تقدّم مقترحات جديدة».
لكنّ مسؤولي الحركة، الموجودين في الدوحة، سيتلقّون تحديثات مستمرّة من قبل الوسطاء القطريين حول مجريات الاجتماعات. وأمس، شدّدت «حماس»، في بيان مشترك مع «لجان المقاومة في فلسطين» و«حركة المجاهدين الفلسطينية» و«حركة الأحرار الفلسطينية» بعد اجتماعٍ في قطاع غزة، على «ضرورة بحث آليات تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه في أوراق الإطار المُقدّمة من الوسطاء، والتي تُحقّق وقفاً شاملاً للعدوان، وانسحاباً كاملاً للاحتلال، وكسراً للحصار وفتحاً للمعابر، وإعادة الإعمار وتحقيق صفقة جادة لتبادل الأسرى». كما أكّدت أن «ما يُسمّى اليوم التالي للحرب هو شأن وطني فلسطيني خالص، يُناقش على مستديرة الكُل الوطني الفلسطيني فقط لا غير»، منبهةً إلى أن «أي محاولات من أي جهة كانت تسعى لأن تكون أداة طيّعة في يد الاحتلال وبديلاً عن إرادة الشعب الفلسطيني ستُعامل معاملة العدو الصهيوني». وقال القيادي في حركة «حماس»، أسامة حمدان، بدوره، أمس، إن «الحركة فقدت الثقة في قدرة الولايات المتحدة على التوسّط في وقف إطلاق النار في غزة». وأضاف، في مقابلة مع وكالة «أسوشيتد برس»: «لقد أبلغنا الوسطاء بأن أي اجتماع يجب أن يعتمد على الحديث عن آليّات التنفيذ وتحديد المواعيد النهائية بدلاً من التفاوض على شيء جديد، وإلا فإن حماس لا تجد سبباً للمشاركة». وتابع حمدان أن الحركة لا تعتقد بأن «الولايات المتحدة قادرة أو راغبة في ممارسة الضغط على إسرائيل لإبرام صفقة».
واجهت حركة «حماس» ضغوطاً من الوسيطين القطري والمصري، لتنضمّ إلى المفاوضات في الدوحة
على المقلب الإسرائيلي، اجتمع، أمس، رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بأعضاء الوفد المفاوض، والذي قرّر إرساله كاملاً إلى اجتماعات الدوحة، بعدما كان الحديث يدور حول تفويض رئيس «الموساد» وحده للمشاركة. وبحسب التقارير الإسرائيلية، فقد جرى منح الوفد صلاحيات أوسع هذه المرة؛ إذ نقلت «القناة 12»، عن مسؤول كبير مطّلع على المفاوضات، أنه قد «تمّ قبول هامش ضئيل للغاية للمناورة، ما يجعل من الممكن إحراز تقدم في المحادثات، ولكن ليس من المؤكّد أن يكون ذلك كافياً للتوصّل إلى اتفاق»، فيما نقلت «القناة 13» عن مسؤولين كبار في المؤسسة الأمنية، قولهم إن «هذه تغييرات مهمّة قد تساعد في التوصّل إلى اتفاق. هناك مرونة في القضايا الأساسية». وبحسب هؤلاء المسؤولين، «يعتزم فريق التفاوض الإسرائيلي البقاء في الدوحة حتى يتمّ التوصل إلى اتفاقات معيّنة بشأن الصفقة». ورأى المحلل العسكري في «القناة 13»، ألون بن دافيد، من جهته أن «غداً (اليوم) هو يوم دراماتيكي، سواء لموضوع المخطوفين أو للمنطقة كلها»، مشيراً إلى أنه «ليس من الضروري تحقيق صفقة في جولة المفاوضات هذه، فمن الواضح أنها ستأخذ وقتاً أطول». لكن، بحسب بن دافيد، «ما عرضه مسؤولون أمنيّون أمام رئيس الحكومة في سلسلة النقاشات التي حصلت اليوم (أمس)، هو أننا في الواقع نتواجد على مفترق طرق؛ بين صفقة تبادل، أو الذهاب إلى حرب إقليمية مقابل حزب الله وربما أيضاً مقابل إيران، وهذا ما يجب أخذه في الحسبان». واعتبر أن هذا «ربّما هو سبب التقارير التي نسمعها عن ليونة لدى رئيس الحكومة في المواضيع التي كان متعنّتاً فيها». كذلك، رأى المحلل العسكري الإسرائيلي أن «المسؤولين الأميركيين معنيّون بالإعلان عن حدوث تقدّم في مفاوضات الدوحة، لأنهم يعتقدون بأن هذا سيسهم في التأثير على عدة أمور في الشرق الأوسط، منها الردّ الإيراني».
وفي موازاة ذلك، عُقدت محادثات في القاهرة خلال اليومين الماضيين، شارك فيها المبعوث الأميركي الخاص، ماكغورك، وتركّزت على محورين رئيسييْن: الأوّل مرتبط بالشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر، والمساعدات الإنسانية؛ والثاني بصفقة تبادل الأسرى وآلية تطبيقها. وبحسب قناة «كان» الإسرائيلية، ناقش ممثّلون عن «الموساد» و«الشاباك» والجيش الإسرائيلي مع المصريين، «الترتيبات الأمنية في منطقة فيلادلفيا تمهيداً لصفقة التبادل»، في ظلّ تمسّك نتنياهو بشرطين قبل التوصّل إلى أي اتفاق، وهما بحسب القناة: بقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا الحدودي، وتفتيش النازحين الفلسطينيين الراغبين في العودة إلى شمال قطاع غزة. وأكّدت القناة أنه «إذا انسحبت إسرائيل من المحور، فستطالب بإجراءات تمنع اقتراب مقاتلي حماس من الحدود المصرية، مثل إجراءات تكنولوجية وطائرات استطلاع جوية وإجراءات أخرى». وبدوره، قال رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال، هرتسي هاليفي، إن «إسرائيل تعرف كيف تبقى في محور فيلادلفيا وكيف تخرج وكيف تعود»، مضيفاً أن «الجيش سيكثّف العملية حتى يعود المحتجزون».