حكومة سلام قاب قوسين.. وتفاؤل خليجي بمستقبل لبنان في العهد الجديد
قلق أممي من رفض إسرائيل الانسحاب.. وواشنطن ملتزمة باتفاق وقف النار
كتب عمر البردان في “اللواء”:
غداة المواقف المستفزة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد لقائه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في واشنطن بشأن سيطرة بلاده على قطاع غزة، وما أثارته من ردود فعل عربية وإسلامية رافضة، تحط في بيروت، اليوم، المبعوثة الأميركية للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، في زيارة هي الأولى لها بعد توليها منصبها الجديد. وستكون الزيارة مناسبة لوضع المسؤولين اللبنانيين في صورة التوجهات الأميركية الجديدة تجاه لبنان والمنطقة. وفي مقدمها حرص واشنطن على دعم وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، إلى جانب التزام أميركي بتوفير المساعدات للجيش اللبناني، لبسط سيطرته على كامل الأراضي اللبنانية، انطلاقاً من الجنوب في إطار تطبيق القرار 1701، بعدما كانت استبقت المسؤولة الأميركية زيارتها بيروت، بالتأكيد على أنه في إطار جهود الولايات المتحدة لدعم لبنان، تسعى واشنطن إلى مساعدته في تشكيل حكومة تتمتع بالكفاءة والقدرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة. وهو أمر أكد عليه رئيس الجمهورية جوزاف عون، بأن ولادة الحكومة باتت قريبة، في وقت يعمل الرئيس المكلف على حل تعقيدات تشكيل الحكومة، مشدداً على أنه يجب الاستفادة من الفرص المتاحة، بما في ذلك الدعم العربي والدولي للبنان في هذه المرحلة.
وأشارت المعلومات المتوافرة لـ”اللواء” إلى أن الرئيس سلام وبعد جهود مضنية، استطاع التوصل إلى صيغة مقبولة للتشكيلة الحكومية، قد تُفضي للإعلان عنها في الساعات المقبلة، بعد جلسة تشاور قد تكون الأخيرة مع الرئيس عون، قبل الإعلان الرسمي عن الحكومة العتيدة. وجاءت الانفراجة الحكومية، اذا ما سار كل شيء على ما يرام، بعد حسم عقدة “القوات اللبنانية” التي كانت عالقة، حيث تمت صيغة الحل، بحصول هذا الفريق على وزارة الخارجية، لكن بعد التشاور بينه وبين الرئيسين عون وسلام، إضافة إلى موضوع المقعد الشيعي الخامس، والذي من المفترض أن يسمّيه الرئيس عون بعد إطلاع الرئيس نبيه بري عليه. وكشفت المعلومات أن الرئيس المكلف يحمل معه إلى قصر بعبدا التصوّر النهائي للحكومة، وإذا ما حصل توافق بينه وبين رئيس الجمهورية، فعندها سيتم الإعلان عن التشكيلة المنتظرة، بعد إطلاع رئيس البرلمان عليها، دون استبعاد حصول تغيير في بعض الحقائب والأسماء، إذا اقتضت عملية الولادة ذلك.
وكانت الرؤية الحكومية بدأت بالانقشاع، بعد الاجتماع الذي جمع الرئيس المكلف بممثلي حزب “القوات اللبنانية”، أول أمس، حيث كشف النقاب بعد الاجتماع أن الأمور في طريقها إلى الحلحلة، بعدما قبل الرئيس سلام بأحد الأسماء التي قدمتها “القوات” لتسلُّم حقيبة وزارة الخارجية، على أن يأخذ موافقة رئيس الجمهورية على الاسم المذكور. وإذا لم يحصل أي تغيير في اللحظات الأخيرة، فإن حصة “القوات” ستكون على الشكل التالي، وزارة الخارجيّة: يوسف رجّي، وزارة الطاقة والمياه: جو صدي، وزارة الاتصالات: كمال شحادة ووزارة الصناعة: جو عيسى الخوري. أما ما يتصل بحصة “التيار الوطني الحر”، فستكون وزيراً واحداً، يرجح أن تكون وزارة السياحة، على أن يتسلم حزب “الطاشناق»”وزارة الشباب والرياضة. أما حزب “الكتائب”، فقد تم التوافق على أن تكون وزارة العدل من حصته، من غير الأسماء الحزبية. أما باقي العقدتين الشيعية والسنية، فإن المعلومات المتوافرة، تشير إلى حصول تقدم جوهري بهذا الخصوص، من شأنه إزالة الاعتراضات التي كانت موجودة عند بعض الأطراف التي أبدت ليونة على طريق الإعلان عن الحكومة.
وكشفت معلومات “اللواء”، أن الأجواء التي سادت لقاءات رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في بيروت، كانت إيجابية وتدعو إلى التفاؤل بعد المحادثات التي أجراها مع عدد من المسؤولين، مشيرة إلى أن الضيف القطري أبلغ من التقاهم، وقوف بلاده إلى جانب لبنان والعهد الجديد، لتجاوز الظروف الصعبة التي يواجهها لبنان، وهذا ما يحتم على المسؤولين والقيادات السياسية تسهيل ولادة الحكومة، والقيام بواجبهم لتحقيق هذا الأمر، على طريق عملية تفعيل المؤسسات وتحقيق تطلعات اللبنانيين. وعُلم أن رئيس الوزراء القطري أبدى استعداد بلاده لتقديم كل أنواع الدعم التي يحتاجها لبنان، في إطار عملية إخراجه من الأزمات التي يمر بها. كذلك أبدى تفاؤل قطر ودول مجلس التعاون الخليجي بمستقبل لبنان في ظل العهد الجديد، مؤكداً دعم الدوحة الكامل لسيادة لبنان واستقلاله، وحرصها على استمرار وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وعلى وجوب انسحاب جيش الاحتلال من جميع الأراضي اللبنانية. كما تعهد المسؤول القطري بدعم بلاده الثابت للجيش اللبناني، ليتمكن من الانتشار على طول مساحة الوطن، وتنفيذ مضمون القرار الدولي 1701.
ووسط ترقب ثقيل لموعد الثامن عشر من الحالي، وما يمكن أن تحمله معها المبعوثة الأميركية أورتاغوس على هذا الصعيد، تبلَّغ لبنان موقفاً أممياً يشدد على ضرورة أن تسحب إسرائيل جيشها بالكامل مع نهاية هذه المدة، وأن الأمم المتحدة حريصة على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بكامل بنوده، وبما يؤكد على التزام جميع الفرقاء بمندرجات وقف إطلاق النار. ولا يُخفي مسؤولون أمميون قلقهم، من خطورة أي خطوة إسرائيلية للبقاء في لبنان، خلافاً لما ينص عليه هذا الاتفاق، لأن هناك خشية حقيقية من أن تأخذ الأمور منحًى تصعيدياً، في حال لم تنسحب إسرائيل، وما قد يقابل ذلك من ردة فعل من جانب “حزب الله”، ما يهدد الاتفاق برمته. وهذا ما يفرض على الجميع الالتزام بنصوص القرار 1701 الذي يمثل حجر الزاوية لتحقيق الاستقرار الدائم، ما يرتب على كافة الأطراف، ضرورة اتخاذ كل ما يلزم من أجل احترام وتنفيذ بنوده لتأمين الاستقرار والسلام في جنوب لبنان.