كتبت بولا مراد في “الديار”:
«لا تستعجلوا على بعض التفاصيل، وقبل وقف إطلاق النار أي نقاش آخر لا محل له بالنسبة إلينا»… بهذه الكلمات رد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، على كل السائلين عن موقف الحزب من الملف الرئاسي، خاصة بعدما قرأ كثيرون بالمواقف التي نُقلت عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، انها تنازلات سريعة اقدم عليها «الثنائي الشيعي»، سواء لجهة التخلي عن الحوار كشرط اساسي للدعوة لجلسة انتخاب، او اعلان السير بمرشح توافقي، قرأه البعض ايضا انه تراجع عن ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية.
يبدو واضحا ان مجريات المعركة البرية التي يكبّد فيها حزب الله العدو خسائر كبيرة، اعطته الزخم اللازم للحفاظ على المعادلات السياسية القائمة داخليا، بعدما تسرع البعض بالحديث عن اختلال في توازن القوى ليس لصالح الحزب. ولعل تيقنه من انه لا يزال ممسكا بمفتاح ابواب المجلس من خلال بري، كما من ان التوازنات البرلمانية لا تزال هي هي، بما لا يسمح لاي فريق بأن يفوض الرئيس الذي يريده… كلها عوامل جعلته يتريث في مجاراة واشنطن بخططها تحت النار.
وتقول مصادر «الثنائي الشيعي» ان «البعض فسّر كلام الرئيس بري بالملف الرئاسي كما يحلو له، وظنّ انه تخلى عن فرنجية عند اول مفترق طرق… لكن الزيارة التي قام بها الاخير الى عين التينة والمواقف التي صدرت عنه، أتت بمثابة رسالة واضحة للمشككين، وردا على ما تم تداوله في الأيام الماضية، وتم نقله عن مسؤولين أميركيين أن البيت الأبيض يريد الاستفادة من الضربة القوية، التي وجهتها «إسرائيل» لقيادة حزب الله وبنيته التحتية، للضغط من أجل انتخاب رئيس لبناني جديد في الأيام المقبلة».
وتشير المصادر الى ان «حتى التخلي عن شرط الحوار الذي يسبق الجلسات، استعيض عنه باشتراط الرئيس بري تأمين تفاهم 86 نائبا على اسم رئيس معين، وهو ما لا يمكن ان يحصل اصلا الا بالتشاور والحوار».
من جهتها، ترى مصادر نيابية في قوى المعارضة ان كلام الشيخ قاسم وبالتحديد ربطه الحديث بكل الملفات الاخرى بعد وقف النار، «نسف كل الاجواء الايجابية التي اشيعت في الايام الماضية عن امكانية تحقيق خرق في جدار الرئاسة، بمعزل عن وقف النار الذي قد يطول في ظل التعنت والاجرام «الاسرائيلي» المتواصل». وتشير المصادر «الى ان اكثر ما يثير الاستفزاز هو تعاطي الشيخ قاسم مع الملف الرئاسي على انه تفصيل»، مضيفة: «كان هناك فرصة يمكن اقتناصها لانتخاب رئيس توافقي، يفاوض باسم لبنان في المرحلة الحالية وتلك المقبلة، لكن يبدو واضحا ان الحزب لا يريد ان يكون هناك من يفاوض باسمه الا رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يمتلك ثقة عمياء به، وهو ما عبّر عنه صراحة الشيخ قاسم».
وتضيف المصادر: «الضربة القاضية بهذا الملف هي بحق المسيحيين، الذين بات هناك من يحيدهم تماما عن دائرة القرار، وهو ما تجلى بوضوح في اللقاء الشهير الذي انعقد في عين التينة وضم رئيس الحكومة ورئيس المجلس والزعيم الدرزي وليد جنبلاط.. اما التحجج بأنه لا يمكن دعوة احد الزعماء المسيحيين دون سواه، فحجة واهية اذ كان يمكن عقد هذا الاجتماع، ولو كان حقيقة مَن هو حريص على المسيحيين، في البطريركية المارونية!»
بالمحصلة، يُرجح ان يكون لبنان فوّت مجددا فرصة كانت لتؤدي لانتخاب رئيس عشية الذكرى الثانية لفراغ سدة الرئاسة، وقد بات محسوما ان اي حل للازمة الرئاسية سيكون باطار سلة حلول متكاملة تبدأ بوقف النار.