كان خيارها منذ البداية المعركة من أجل مكافحة الفساد ، و فضحُ الملفات التي هدر فيها المال العام وإخراجها من الأدراج المنسية في مؤسسات الدولة . كتلة الوفاء للمقاومة التي أخذت على عاتقها منذ البداية خوض هذه المعركة ومحاربة كل من أسس للفساد على مر السنين من خلال السياسات المتعاقبة التي حكمت البلد وأنتجت هذه الإدارات التي إستشرى وإستفحلَ فيها الفساد صممت وذهبت لتكشف عن ما أوصل البلد الى ما وصلَ اليه .
عملت كتلة الوفاء للمقاومة على فضح ١٤ ملفاً مليئاً بهدر المليارات من الدولارات ، ومع هذه الكشف عن هذه الملفات تم الإدعاء على ٤٤ جهة وفرد .
فما هي أبرز الملفات التي تم التحقيق فيها ؟
١-على المستوى المالي :
أولاً : الهدر في الهبات ، وعدم تسجيلها في القيود للمحاسبة ، وبالتالي عدم معرفةِ طريقة صرفها ، وقد اتضح أن ٩٢٪ بين الأعوام ١٩٩٧ و ٢٠١٠ لم يتم تقييدها، وهذا ما نتج عنه ضياع مبلغ مالي يتجاوز المليار و ٧٠٠ مليون دولار. وتحديداً في الأعوام ٢٠٠٥، ٢٠٠٦، ٢٠٠٧ ، حيثُ دخلت هبات بقيمة ٣ مليار دولار لكنها لم تتحوّل الى خزينة الدولة !
ثانياً : تمّت إستدانة مبالغ كبيرة بشكلٍ عشوائي وغير مدروسة ودون تحديد الأولويات وكيفية صرفها ما سبب فجوة مالية بقيمة ٦ مليون دولار ، لا بل وزادت الديون على الدولة اللبنانية دون أي مبرر .
ثالثاً : إمدادات تعطى من موجودات الخزينة لغايات محددة حصراً ، ولها وقتٌ ومهلٌ محددة ، فوصل رصيد سلفات الخزينة غير المسددة لغاية العام ٢٠١٨ حوالي الـ ٨ مليار ليرة لبنانية (وفق تقرير صادر عن ديوان المحاسبة) ، فأين هذه الإمدادات ؟
رابعاً : التباين الواضح الذي كشف عن خللٍ صارخٍ بالأرقام بمستندات وزارة المال ، وضياع أو إخفاء الكثير من الحوالات والشيكات .
خامساً : التلاعب الممنهج بسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية وذلك من خلال اصدار قرارات لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتعامله مع بعض الصرافين المتورطين بشراء وجمع الدولارات من السوق منذ آب العام ٢٠١٩ أي ما قبل التحركات في تشرين الأول من العام نفسه ، وبأسعار مرتفعة ما أدى الى انهيار الليرة أمام الدولار ، ما يعني أن المخطط كان مدروساً وواضحاً ، و أحيل هذا الملف الى الهيئة العامة الإتهامية في بيروت.
وتم إيقافُ قرض دون جدوى بقيمة ٤٠٠ مليون دولار، كانت قد تريد سحبه الحكومة اللبنانية عام ٢٠١٩ ، وفي العام ٢٠١٧ بعد التدقيق في الموازنة العامة تم الكشف عن إنفاقٍ غير مجدٍ يشكّل هدراً بـقيمة ١٥٠ مليون دولار.
سادساً :رصد مبلغ ۱۲۰ مليون دولار للمجلس الأعلى للخصخصة أغلبه للمستشارين، إضافةً الى صعوبة تحقيق إدارة الإحصاء المركزي للمؤشرات المرتبطة بالمبالغ ، كما أن المبالغ الموزعة على بنود نفقات عدد من الوزارات هي أكبر من حاجات الإدارات والمؤسسات العامة ، علماً أن هذا المشروع يمول عددًا من الوزارات التي تم إلغاؤها في حكومات لاحقة كوزارة شؤون المرأة ووزارة مكافحة الفساد .
٢-على المستوى الإنمائي:
أولاً : هدر وصلَ الى المليار دولار والمسؤول عنه هو “مجلس الانماء والاعمار” و شركات متعهدة هدفها معالجة موضوع الصرف الصحي .
ثانياً: عدم سداد قرض أخذ من البنك الدولي والحصول على قرض إضافي من أجل مشروع النقل الحضري، وهو عبارة عن اتفاقية أبرمت بين الحكومة اللبنانية (ممثلة بمجلس الانماء والإعمار) والبنك الدولي بحوالي الـ ٧٠ مليون دولار . وبعد التدقيق فإن مبلغاً يصرفُ بقيمة ٨ ملايين دولار سنوياً من دون أي تدقيق فتُحرم خزينة الدولة من الفائض، بالإضافة الى مخالفات أخرى بهذا الملف .
ثالثاً : الهدر الممنهج في ملف الرسوم الجمركية الذي وصل الى ٢٢ مليون دولار ، أما المسؤول عن هذا الهدر فهي وزارة الطاقة، والجمارك وشركات تستورد النفط . و تم الإدعاء على ١٠ شركات مستوردة للنفط لدى قاضي التحقيق الأول في بيروت.
رابعاً : أم الهدر والفساد ملف قطاع الإتصالات ومخالفات
العقود في “ليبان بوست” والهدر في مشروع “الفايبر أوبتيك” الذي كلّف الدولة مئات ملايين الدولارات.
وعلى ضوأ ما تقدم ، كل هذه الملفات الفاسدة والجهات المسؤولة عن الفساد مع تفاصيلها وغيرها من الملفات التي سيكشف النقابُ عنها والموثقة بالوثائق الرسمية ما هي إلا أدلةٌ واضحة على مدى الهدر والفساد الذي تغلغل في الدولة منذ سنين ، وما على الجهات القضائية المعنية الا التحرك بشكلٍ فعليٍ وجدي لمحاكمة الفاسدين بطريقة قانونية .
حزب الله الذي رفعَ شعار محاربة الفساد ، من أجل بناء مجتمعٍ متعدد الطوائف والإنتماءات ، إنطلاقاً من مبدأ أساسي الإيمان بالوطن والمحافظة على مؤسسات الدولة وعدم تمريرِ كل ما هو مشبوه ، ووضع النقاط على الحروف وعدم تضييع الحقوق والتلاعب بمصير الشعب اللبناني سيستمرُ في هذه المعركة حتى الرمق الأخير .