الاخبار الرئيسيةالصحافة اليوممقالات

“حزب الله” ما بعد 23 شباط: مرحلة جديدة وأولويات مختلفة.. إيران تحفظ الإمداد عبر تركيا وتتحالف معها إقليمياً وإفريقياً

"حزب الله" ما بعد 23 شباط: مرحلة جديدة وأولويات مختلفة.. إيران تحفظ الإمداد عبر تركيا وتتحالف معها إقليمياً وإفريقياً

سيشكل تشييع الأمينين العامين لـ”حزب الله” السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، غدا، موعدا مفصليا، ما بعده لن يكون كما قبله.

ربما لم يكن الموعد المثالي لكنه كان الاحد الاخير قبل شهر رمضان وحلول الاعياد، ولا يجوز تأخير التشييع حتى شهر نيسان اقله وسط ظروف غير منتظرة، وهو التشييع الذي تأخر أصلا منذ 27 ايلول تاريخ استشهاد نصر الله والثالث من تشرين الاول تاريخ استهداف صفي الدين ثم الاعلان عن استشهاده في 23 منه.

إستفتاء على المشروعية

للتشييع دلالاته الكبرى. على صعيد الحشد لإثبات ان جمهور ومحبي الحزب هم على العهد معه وبأنه لم يضعف، ولكن الأهم، لتدشين هذا الاستفتاء مرحلة مستجدة مختلفة وصعبة، ليس على الحزب فقط بل على المحور بكامله، إلا أنها ستُتابَع كمسيرة مشروعة مع الناس بغض النظر عن الأشخاص.

قد تكون المرحلة الاصعب او قد لا تكون، لكنها الأمرّ.

ففي الانطلاقة خلال السنوات الاولى بين العامين 1982 و1985، فقد الحزب، الذي لم يكن معلنا، قيادات كثيرة كان زعيمه الشيخ راغب حرب ابرزها، لكن ايران، المنخرطة حينها في حرب وجود مع العراق، كانت في صعود وثورتها في سطوع وكان العالم منقسما بين شرق بزعامة الاتحاد السوفياتي وغرب بزعامة الولايات المتحدة الاميركية. وكان الى جانب ايران حليف قوي في الاقليم هو سورية. وفي لبنان كانت ثمة ثورة شعبية عارمة اسقطت الحكم الذي كان سائدا انذاك وقلبت الموازين.

بعد وضع الحرب الاهلية أوزارها وحلول اتفاق الطائف، كانت نقطة التحول الاكبر بالنسبة الى “حزب الله” دخل معها مرحلته الثانية.

قررت القيادة التلبنن، وتم ابعاد الامين العام المتطرف (حينذاك) الشيخ صبحي الطفيلي، وانتُخب السيد عباس الموسوي امينا عاما وبرزت قيادات صاعدة مثل نصر الله (الذي كان في استطاعته الحلول امينا عاما حينها، لكنه رفض احتراما لأستاذه الموسوي) وصفي الدين والشيخ نعيم قاسم وعماد مغنية..

شكْل التلبنن تمظهر في مناح مختلفة كان ابرزها تشريع النظام اللبناني والانخراط في برلمانه بما يعني اقرارا باتفاق الطائف الذي كانت شرائح كبيرة في “حزب الله” تعارضه واستمرت على ذلك فترة طويلة حتى بعد تلبنن الحزب.

إستمر الحزب على تأدلجه ومبدأيته سنوات طويلة طبعت التسعينيات خلال معارضته للسلطة.. حتى بروز متغيرات دراماتيكية مع الاحتلال الاميركي للعراق العام 2003 ثم صدور القرار 1559 في العام الذي تلاه، حين اتخذ الحزب قراره الاكبر والمثير للجدل والذي أعلن ولادته الثالثةمع تظاهرة 8 آذار 2005.

حتى ذلك الحين كان الحزب يتمدد بهدوء ويحتكر المقاومة عن جدارة نائيا بنفسه عن السلطة وكاسبا بذلك احترام الجميع، حتى المعارضين الشرسين للنظام السوري اللبناني المنفيين عن البلاد، المسيحيين بمعظمهم.

عندها اختار نصر الله ومن معه تدشين مرحلة جديدة ليشكلوا رأس حربة محور الممانعة فيها في لبنان، حدث ذلك قبيل الانسحاب السوري وبعد زلزال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

كان التاريخ رمزيا: 8 آذار. تاريخ وصول حزب “البعث العربي الإشتراكي” إلى السلطة في سورية العام 1963. وفي الشكل كانت تظاهرة كبيرة في ساحة رياض الصلح رفعت شعارات منها تلك التيعلت شاكرة سورية.

بعدها بأيام كاد “حزب الله” ان يترجم سياسته الجديدة بالتدخل على الارض في وجه اخصامه، بعد التظاهرة الكبرى ضده في 14 آذار، اذ شعر بالخطر، لكن الرأي استقر على احتواء المرحلة ثم استيعاب الأخصام في حلف رباعي فعل في تهدئة الاجواء وكسب الوقت وسط المتغيرات الاقليمية.

في تلك المرحلة التي يمكن لنا تأريخها منذ العام 2005 حتى العام 2024، نما الحزب وعاش اوجه. انتصر داخليا وحكم من دون اعلان. انتشر اقليميا وكبر عسكريا. تطور خططيا، لا سيما في سوريا وانطلق منها ليصبح قوة اقليمية ودرة التاج للمحور، وجاء ذلك بعد انتصاره في حرب تموز 2006.

اليوم، بعد الحرب الكبرى ونتائجها بعد شن “جبهة الإسناد” في 8 أكتوبر 2023، يبدو الحزب امام مرحلة رابعة.

هو في تراجع، لكنه استوعب الضربة التي تلقاها المحور بمجمله، ويمكن القول إن سقوط النظام في سورية شكل ضربة أشد وقعا مما حدث في لبنان او في غزة او في ايران، لناحية فقدان شريان بالغ الاهمية كان يمد الحزب في لبنان بالحياة، وقد حدث هذا السقوط بالفعل نتيجة الضربة التي تلقاها الحزب في لبنان.

وفي الوقت الذي اتخذ فيه حكام سورية موقفا عدائيا من المحور، نُسج تفاهم ايراني تركي على بعض التعويض في العتاد والسلاح، وثمة رهان من المحور على الحكم التركي في سورية المنقسمة والمتعبة والمدمر جيشها، لإرغام حكام دمشق على التعاون. وقد حصل بالفعل ان طورت طهران وأنقرة من تحالفهما نحو مناطق في الإقليم وصولا إلى إفريقيا كما في السودان مؤخرا.

واذا تمكنت إيران وتركيا من تعزيز حلفهما الممتد في اماكن اقليمية عديدة، يمكن للمحور تنفس الصعداء. ومع العمل على تأمين ظهر المقاومة، يعمل الحزب في الموازاة على الانطلاق من جديد لبنانيا لاستيعاب الضربات، شرط مقاربة مختلفة للواقع اللبناني بعيدة عن الماضي.

مراجعة شاملة

شرع الحزب في مراجعة داخلية شاملة هي الاهم منذ الانطلاقة نتيجة هول ما حدث. فيها التقييم والتحقيق والمراجعات، بينما بدأت عملية الترميم العسكرية فور انقضاء الايام الاولى على الحرب الكبرى وخاصة اغتيال نصر الله، كان ذلك في التوازي مع الصد السريع لمحاولة الاجتياح الاسرائيلية في الجنوب..

ستستمر مرحلة التقييم والمراجعة في ظل اولوية اعمار ما تدمر واعادة النازحين، وهو ما سيتطلب سنوات تقتضي ترميما مماثلا في السياسة مع الداخل وهدنة مع الخصوم، مهما كانت الهجمات، فالحزب بغنى عن ازمات في مرحلة متغيرات وتزكية لعهد جديد قال إنه سيواجه العدو ديبلوماسيا وسيكون على الحزب الوقوف وراءه وتفويت الفرصة على فتن داخلية يخرج الجميع خاسرا منها.

فاليوم الدعم الدولي والعربي في غاية الاهمية لنهوض البلاد، وحشد 23 شباط سيشكل دعوة للجمع وليست للتفرقة في الوقت الذي تمضي فيه إسرائيل في خروقاتها وتفسيرها لاتفاق وقف اطلاق النار، وتحتفظ بالنقاط الخمس المحتلة التي يقف “حزب الله” وراء العهد، رئيسا وحكومة، لتحريرها.

هذا العهد نفسه هو الذي سينخرط معه الحزب في حوار حول مستقبل سلاحه، مع تسليم اعتى الأخصام باستحالة نزع السلاح الذي سيشكل احد العناوين الهامة لتسوية ايرانية اميركية تحيّد لبنان عن ملفات المنطقة، قبل الاتفاق على اخراج المنطقة من واقع التوتر نحو تفاهمات موضعية على الملفات طالما كان الاتفاق حاصلا على الملف النووي وعلى تجنيب المنطقة الحرب.

هي اذا مرحلة جديدة لـ”حزب الله” سيكون من عناوينها إنفتاح البلد والعمل مع الآخرين على النهوض والإصلاح الإقتصادي والسياسي.. والأهم تطبيق إتفاق الطائف.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى