حرب كونيّة على لبنان والمقاومة: تساؤلات وتطلعات
كتب: مبارك بيضون
يعيش لبنان حربًا عسكرية أشبه ما تكون بالحرب الكونيّة التي شردت جزءًا كبيرًا من شعبه إلى مختلف مناطق لبنان، إضافة إلى العاصمة بيروت والبلدان المجاورة، وهي طاقة لا يمكن للبنان تحملّها بسبب المشاكل التي أقل ما يُقال فيها إنها نقطة صغيرة في ظلّ ما يجري في المنطقة، خاصة على الصعيدين الدولي والإقليمي. بالمقابل ما نشهده اليوم من عنفوان وإردات ومواجهات ميدانية من محور المقاومة، وخاصة المقاومة اللبنانية التي ما زالت صامدة وتدافع عن أرضها وشعبها.
من هنا لا نستطيع القول إن هذه الحرب حربًا اختارتها المقاومة بنفسها، بل هي دفاع عن النفس والأرض بوجه العدوان.
فما قامت به المقاومة من تطويرٍ لقدراتها على مدار 20 عاما في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية الموجودة في المنطقة والتي تعزز قوتها عبر الادارة الأمريكية من وقت إلى آخر لمحاربة كل شعوب المنطقة، وليس الشعوب العربية فقط.
وما قامت به أمريكا من دعم لإسرائيل التي تعمل بشكل لا متناهٍ من أجل تنفيذ مخططات لها علاقة بإستراتيجية الإدارة الأمريكية في المنطقة وآخرها في سورية والمصالح العليا بالنفط والغاز.
فكل ما نراه من تركيز حول موضوع الغاز في المنطقة له علاقة بالمناطق النفطية والمسطحات المائية والثروات والمقدرات الاقليمية الدفينة وغيرها التي من شأنها أن تُعزز الوضع الاقتصادي العام المُهم جدًا للإدارة الأمريكية، وبالتالي يتم التصرف بناءً لعوامل متفرقة كالترسيم وموضوع السلاح و عملية تسليح المقاومة عبر سوريا او العراق.
لذلك نرى أن كلّ الضربات لها علاقة بالمخططات السابقة الطويلة الأمد التي بدأت بتنفيذها في تلك المراحل، وتظهر أن القرار متخذ قبل اعلان قراراتها، وقبل ضلوع بنيامين نتنياهو بفترة طويلة بالحرب ولها علاقة بمدة التخطيط والدراسات العمليّة التي يريد القيام بها، إذ أن العرب يقولون إنه لا علاقة لهم بما يجري بالمنطقة، وبما معناه أن المقاومة هي التي بدأت، والفلسطيني هو الذي بدأ في السابع من إكتوبر الماضي.
ففي الحروب التي شنتها إسرائيل على مدار 30 عاما نجد أن لبنان حتى لو لم يكن بوارد عملية إسناد غزة وفلسطين وكل ما له علاقة بعملية الاشغال التي من شأنها أن تؤخر أو تضعف الجيش الإسرائيلي، فإن إسرائيل كانت ستتوجه نحو الجنوب لإعادة احتلاله. ويظهر ذلك من خلال التحضيرات التي تُعدها دائما إسرائيل على أنها تحضيرات لها علاقة بالتدريبات والمناورات التي سوف تقوم من خلالها بتدمير كل ما له علاقة بالمقاومة في منطقة كانت، سواء في فلسطين او لبنان.
من هنا، نعتقد أن مخططات ودراسات تقوم على أساس واحد وهو أن الوقت عامل أساسي فيها. مع التأكيد على أن كل العمليات التي كانت تقوم بها إسرائيل في الآونة الاخيرة كانت مُعدة ولها وقتها ودراساتها مع التخطيط المسبق لها، مما يؤكد لنا أننا لا نستطيع أن نقول إن المقاومة هي التي بدأت أو ما شابه ذلك.
فعمليات الاسناد أو عمليات اطلاق الصواريخ على الضاحية وارتكاب المجازر الكبرى واستهداف الأمين العام وغيرها من المخططات معدة منذ شهور كما صرّح المسؤولون الإسرائيليون ولم تكن ردا على عمليات الاسناد التي نُفذت.
بالفعل إنها حربا كونية على لبنان لما لها من تداعيات وارتباطات في المنطقة، وكأن لبنان لا تكفيه محنته والصراع السياسي الداخلي بين القوى المتنافسة حول موضوع النزاع مع إسرائيل او إسرائيل نفسها.
وأعتقد ان منطقة الشرق الاوسط هي من تُحدد البوصلة بكل الاتجاهات سواء أكانت الإقليمية أو الدولية، أينما كانت متجهة سواء إلى حرب أم إلى السلام. وهذا ما أثبتته الأيام وسيثبته المستقبل.