لم يعد خافيا على احد ان الكلمة الفصل في غزة والجنوب هي للميدان، وكل الإبادة الجماعية والقصف في غزة ضد الشعب الفلسطيني والجنوب لم تسفر عن أي تطور عسكري لمصلحة العدو، وكل ما يحصل في الجبهتين هو استنزاف للوقت وتكتيك عسكري تخوضه المقاومة بكل جدارة وذكاء. كل ذلك الإخفاق الاسرائيلي قابله قرار حكومة العدو برئاسة نتنياهو الذي نسف اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه المقاومة باقتراح من الوسطاء وبموافقة أميركية.
وعليه وامام هذه القرارات الإسرائيلية غير الواعية والتي لا تمت للإدراك بصلة ستبقى الكلمة الفصل للميدان التي ستقرر نتائج الحرب، وكيفية انتهائها، لذا فإن عمليات المقاومة صارت أكثر بأساً في غزة وفي الجنوب، بعد ان أظهر حزب الله تكتيكاً عسكرياً جديداً يظهر قدرة المقاومة على مقاومة الاحتلال ولو استمرت الحرب لمدة طويلة.
يشير مصدرٌ سياسي خاص إلى أن “الحرب على غزة هي حرب انتقامية ولا أهداف واضحة لها، والنقاش يدور حول ماذا عن اليوم التالي للحرب فيما لو “حققت اسرائيل نصراً في غزة” واستطاعت تحقيق الإنجازات التي ادعت انها ستحققها”؟
ماذا عن الالية والصيغة التي ستنتهي اليها هذه الحرب؟
وهل سيهجَّرُ أهل غزة ويعاد الاستيطان في غزة؟
هل سيحكم غزة السلطة الفلسطينية أم ستدخل قوات فصلٍ عربية، أو قوات طوارىء دولية؟
كل هذا الضياع والتخبط الاسرائيلي دليلٌ على أن لا أفقَ في هذه الحرب، وهي حرب غوغائية وانتقامية، حرب ردة الفعل غير المحسوبة، وما نشهده داخل حكومة العدو من خلافات والتي انتقلت إلى الخلاف الملفت داخل حزب الليكود نفسه بين وزير الحرب يؤاف غالانت ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، هذا الانقسام وهذه التصريحات العلنية التي جاءت على لسان وزير الحرب غالانت والتي أكدَّ فيها أن “اسرائيل” لا تريد احتلال غزة علماً ان هذا ينافي وجهة نظر نتنياهو، و هذا الانقسام إن دلَّ على شيء فانه يدل على عدم وجود رؤية واستراتيجية واضحة لهذه الحرب، ويتوقع أن تتجذر الخلافات أكثر فأكثر، ويتابع المصدر أن “فشل الجولة الاخيرة من المفاوضات ما هي إلا من اجل الضغط على غزة والحصول على بعض التحفيزات التي يمكن أن تستخدمها حكومة العدو المستنزفة”، علما أنه وبحسب المصدر فإن “الوسيط الاميركي كان جاداً هذه المرة بالوصول إلى انهاء هذه الحرب، لكن تعنت نتنياهو هو الذي أفشل هذه المفاوضات، وعليه فان الخلافات ستكبر أكثر وبخاصة أن جيش العدو لديه وجهة نظرٍ مختلفة، ناهيك بأن كل هذه المنظومة تمتلك قراءة وتقييماً مختلفاً عن شخص نتنياهو”.
وفي ظل هذا التخبط فإن العدو الاسرائيلي ليس لديه رؤية واستراتيجية واضحة، وكل هذا ناتجٌ من تراكم الفشل في غزة منذ الفشل الاول في السابع من اكتوبر، والفشل المستمر على مدى الأشهر المتتالية للحرب، إضافة إلى الفشل بعد أن اعلن جيش العدو عملية عسكرية جديدة شمال غزة كان قد أعلن السيطرة عليها.
وعلى الجانب اللبناني يؤكد المصدر السياسي أن “التطور الابرز هو باستهداف العمق 35 كم، وهذا ما أثار القلق، وما بدأه حزب الله منذ اليوم الاول للحرب باستهداف الكاميرات على الحافة ومنظومات التجسس على طول الحدود تستكمل اليوم بضرب أهم مركز تجسس واستشعار مسبق لدى الكيان، وعن الغارة التي نفذها حزب الله داخل الأراضي المحتلة يقول المصدر انها دليلٌ دامغٌ على قوة المقاومة وعلى قلق العدو، سيما ان الحزب قد رفع من وتيرة عمله كماً ونوعاً، ويكشف شيئاً فشيئاً عن المزيد من المفاجآت، وكل ما شهدناه سابقاً ما زال ضمن اطار المقبِّلات، أما الوجبات الدسمة فلم يقدمها حزب الله حتى اليوم، وفي حال ارتكب العدو حماقة وذهب إلى فتح جبهة واسعة في لبنان فسيجد امامه مواجهات شرسة، وسيتفرج العالم كله على ما ستفعله المقاومة بهذا الكيان”.
في المحصلة، كل ما نراه من المقاومة هي رسائل واضحة للعدو من جهة، ورسائل دعم لغزة وشعبها من جهة أخرى، وهذا التصعيد مرتبط بما يحصل في رفح، وبتطور الميدان في لبنان، لذا نحن أمام رسم خطوط الاشتباك وقواعد الاشتباك بالنار بين المقاومة والاحتلال، وستبقى يد المقاومة هي العليا فهي من تنفذ العمليات في العمق كماً ونوعاً وتستهدف جيش العدو من حيث لا يحتسب، وهذا يُسجلُ للمقاومة حيث القدرة للوصول إلى الأهداف من جهة، والقدرة الاستخباراتية العالية التي كشفتها المقاومة والتي فاجأت العدو من جهةٍ أخرى.
المصدر: الديار – فاطمة شكر