حرب تيئيس الغزيين: العدو يتابع مسلسل الإخلاء
كتب يوسف فارس في “الأخبار”:
كرّر جيش العدو مسلسل الإخلاء القسري، مساء أول من أمس، للمرة الثالثة في مدينة خانيونس، حيث أنذر الأهالي في منطقة الجلاء شمال غربي المدينة، وتحديداً المربع 36 الذي يتضمّن مدينة حمد السكنية وما يحيط بها من مساحات واسعة، بنى عليها النازحون المئات من الخيام، بمغادرة أماكنهم. ووفقاً لنبيل الحميدي، وهو أحد النازحين في المنطقة، فقد تلقّى الأهالي اتصالات بعد منتصف الليل، أُبلغوا فيها من قِبَل ضباط في الاستخبارات الإسرائيلية، بأن المربع المذكور أُخرج من المنطقة الإنسانية بدعوى استخدامه لإطلاق صواريخ وتنفيذ أعمال قتالية من جانب فصائل المقاومة، وأن عليهم الخروج منه سريعاً إلى مناطق مواصي خانيونس، لأنه سيتحول إلى منطقة قتال خطيرة. يقول الحميدي، لـ»الأخبار»: «استقرّت الآلاف من الأسر في هذه المنطقة منذ أشهر، نصبوا الخيام وبنوا حمامات المياه، ونصبوا ألواح الطاقة الشمسية، حاولوا تحسين ظروف النزوح القاسية على قدر ما استطاعوا، وقد اضطرّوا في منتصف الليل، لتفكيك خيامهم، والخروج في الظلام الحالك من دون وجهة أو هدف محدّد. عشرات الآلاف وجدوا أنفسهم في الشوارع والعراء، من دون مأوى يلجأون إليه».وفي شمال القطاع، أنذر جيش الاحتلال، مطلع الأسبوع الجاري، سكان بلدات بيت حانون والشيخ زايد وبيت لاهيا بالإخلاء التام، تمهيداً لبدء عملية عسكرية، وبثّ الآلاف من الرسائل الصوتية على هواتف المواطنين، يخبرهم فيها بأن سبب إخلاء مناطقهم، هو استخدامها من قِبَل حركة «الجهاد الإسلامي» في إطلاق مقذوفات صاروخية. وعلى رغم تنفيذ العدو حملة قصف جوي عنيفة هناك، لم ينصَع الأهالي لأوامر الإخلاء. إلا أن جيش الاحتلال يقصد من عمليات الإخلاء المستمرة، تحقيق جملة من الأهداف:
– صناعة ارتباط شَرطي بين أيّ عملية تقوم بها المقاومة، سواء كانت إطلاق صواريخ أو تفجير آليات عسكرية، وعمليات الإخلاء والقصف والمجازر الجماعية، لتعزيز فكرة أن السبب في العذاب والمأساة المستمرَّين هو المقاومة وليس الاحتلال. ويهدف الأخير من تكرار عمليات النزوح القاسية، إلى صناعة رأي عام ضاغط، لا يكتفي باستقبال بطولات المقاومة بالكثير من البرود واللامبالاة، إنّما يرفض ويستنكر إطلاق ولو رصاصة واحدة على الاحتلال. وقد أثنى العشرات من الكتاب والمحللين العسكريين الإسرائيليين على تلك المعادلة، بل وطالبوا بأن تدخل الدبابات وتدمّر كل بلدة تنطلق منها رصاصة تجاه قوات الجيش.
– زيادة إنهاك الأهالي وتعميم الأذى الشخصي على كل شرائح المجتمع، إذ من المهمّ، بالنسبة إلى العدو، أن تترك هذه الحرب الطويلة ندوباً لدى كل سكان القطاع، تزيد لديهم الدافع إلى الهجرة الطوعية في حال انتهى القتال، على اعتبار أن هذه البلاد ليست صالحة للحياة أو تكوين مستقبل.
– توسيع رقعة الخراب، حيث يتعمّد الاحتلال العودة إلى المناطق التي انسحب منها، لتدمير مساحة أكبر من المباني السكنية والبنية التحتية، الأمر الذي يضاعف حجم العائلات المهجّرة، ويزيد من تبعات الحرب، وإشغال أهالي غزة وفصائل المقاومة بمعالجة آثارها لأكبر مدة ممكنة، وبالتالي تحييد جبهة القطاع عن أيّ حضور مقاوم لعشرات السنين.