كتب مبارك بيضون
دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر يومها الـ 43، في ظل حملة جنونية من القصف والتدمير لم تبق ولم تذر سوى أطلال من الركام والشهداء، مع تعنت غربي لمنع مزيد من إراقة الدم الفلسطيني، بالتوازي مع صمت عربي وخذلان اسلامي لشعب يقف أمام آلة القتل الصهيونية بدعم حلفائه العابر لحدود الأرض المحتلة. وبالرغم من الجرائم والإبادة مازال الموقف العربي المتخاذل هو الحاضر الأساسي في المشهد، في إطار الدعم لعدم اتخاذ أي إجراءات تدين عدوان الكيان الصهيوني على عكس الغرب الذي باتت التظاهرات المنددة بحمام الدم في غزة مشهدًا من المشاهد اليومية في الدول الأوروبية فضلا عن الولايات المتحدة الأمريكية، والتي باتت تشكل ضغطًا على دوائر صنع القرار في الغرب، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والإحراج الذي وقع به بايدن لجهة فشل الإسرائيلي تحقيق أي انجازات تذكر، سوى رفع عداد الشهداء من الأطفال والنساء. هذه التظاهرات انعكست على الساحة الدولية، فمن فرنسا التي عدلت موقفها من الدعم الكامل للعدوان الى مطالبة حكومة نتنياهو بعدم استهداف المدنيين وتجنب ضرب المشافي والبنية التحتية، وصولًا الى ادانة المستوطنين في الضفة الغربية والذين باتوا ينهجون سياسة إرهابية بحق الفلسطينيين، ناهيك عن الحكومة البريطانية التي ضحت بوزيرة خارجيتها سويلا برافرمان، والتي تعتبر رمزًا متطرفًا وداعمًا للكيان، ليحل محلها رئيس الوزراء السابق جيمس كاميرون والذي يعتبر من وجوه الاعتدال في محاولة اخيرة لعدم انهيار الحكومة ريشي سوناك أمام ضغط الشارع. هذه التغيرات تصب مصب الحفاظ على المصالح الداخلية للدول، وذلك لا يعني بأي حال من الأحوال الخروج عن الخطوط الحمراء في العلاقة مع تل أبيب، والتي تلقفت المتغيرات الدولية حيث أشار وزير خارجية الاحتلال الى أن المدة باتت تضيق أمام الحرب المفتوحة على غزة، واضعًا سقف أسبوعين لتنتهي الحرب، خاصة مع الخسائر الضخمة التي باتت حديث الداخل الإسرائيلي في حرب باتت وجودية على الكيان. ساحة المعركة باتت تتحكم بتوقيت انتهاء الحرب المفروضة، حيث الاستزاف الي يتعرض له الاسرائيلي على جبهته مع غزة لم يعد يحتمل، مع وجود هدف وحيد وهو استهداف البنية التحتية لمدينة غزة، في سبيل التهجير وإعاقة عملية البناء في المرحلة المقبلة، كي لا تبقى اي آمال بعودة الحياة الى سابق عهدها. وبالرغم من التستر على الأرقام الحقيقية للقتلى والجرحى في العملية البرية تبقى الخسائر صادمة على الجيش الذي لا يقهر، فضلَا عن الخسائر المادية والاقتصادية نتيجة الجهد الحربي المستمر، وهكذا تحتسب نتائج الحرب. من جهة أخرى بات الكيان يخوض حرب استنزاف على جبهته الشمالية مع حزب الله والذي يعتبره العدو الأول له في المنطقة، إضافة الى الجبهة اليمنية التي تتماشى مع وحدة الساحات حتى بات لها نصيب من المسامير التي تدق في نعش الكيان. فضلًا عن الغليان الذي تعيشه الضفة الغربية، والتي تتميز عن قطاع غزة بعدم وجود قيادة مركزية تتحكم وتسيطر على الوضع، وهذا ما يجعل الكيان في تلبك واضح أمام ما يجري في مخيمات الضفة، كي لا يتكرر ما حصل في معركة سيف القدس، حيث التحمت غزة مع الضفة مع عرب 1948، وصولًا إلى البدء بتنفيذ العمليات الاستشهادية والتي تشكل القلق الأكبر لأجهزة العدو العسكرية والاستخباراتية، لتكون ضمن دافع ردة الفعل، خارجة عن العمل المقاوم المنظم. وفي ضوء ذلك، بات من المؤكد أن ما قبل السابع من أكتوبر ليس كما بعده، وأن نتائج الحرب على غزة لن تغير من حجم الصفعة التي تلقتها دولة الاحتلال، ومن يقف خلفها، لتكشف لنا حقيقة دامغة قوامهًا ان الكيان غير مؤهل ليكون دولة خاصة مع الدوس على الشرائع الدولية بدعم من المتبجحين بالحرية والديمقراطية، وهذا ما سيكشف في قادم الأيام,