الاخبار – رلى ابراهيم
بين عامي 2005 و2018، كانت معركة «عاصمة الموارنة»، كسروان، تدور بين التيار الوطني الحر وقوى 14 آذار. لكن، بعد 17 تشرين 2019، تبدلت الخريطة الانتخابية: حاد التيار عن الصراع مكتفياً بجمهوره فيما صارت قوى 14 آذار من قوات وكتائب وأمانة عامة ومستقلين تتصارع في ما بينها من جهة، ومع المجتمع المدني الذي يدور في فلكها من جهة أخرى. وعلى هامش هذه الصراعات، تخوض القوات صراعاً إضافياً بين مرشحيها أنفسهم على اللائحة الواحدةجرت العادة أن يكون صيت الخلافات الداخلية للتيار الوطني الحر والفعل له أيضاً. لكن يبدو هذه المرة أن الصيت والفعل انتقلا إلى القوات اللبنانية، فلا تكاد تسلم لائحة في كل الدوائر من صراع قواتي – قواتي بين المرشحين. وكما في زحلة وبيروت الأولى والمتن الشمالي، كذلك في دائرة جبل لبنان الأولى (جبيل- كسروان) حيث رشّحت معراب النائب شوقي دكاش وشادي فياض. والأخير شقيق فادي فياض أحد مديري الماكينة الانتخابية للنائب المستقيل نعمت أفرام ومرشحه السابق إلى رئاسة بلدية جونيه. طلب أفرام من فادي الإيعاز لشقيقه بعدم العمل في جونيه، فكان له ما أراد، لينتقل المرشح القواتي للعمل في وسط كسروان وجردها ويصطدم بزميله الدكاش الذي اعتبر الأمر اعتداء على منطقته وجمهوره. تبنّي القوات ترشيح فياض أثار، من جهة أخرى، حساسية المرشح على اللائحة نفسها أنطوان صفير. هذا الأخير كان يطمح إلى حلوله ثانياً بعد الدكاش إذا ما نالت اللائحة حاصلين، قبل أن يقضي ترشيح فياض على آمال صفير المدعوم من حزب الأحرار.
في المقابل، تكاد الخلافات العونية في الدائرة تنعدم للمرة الأولى. ويعود ذلك أساساً إلى تبني مرشحة حزبية واحدة هي الوزيرة السابقة ندى البستاني مقابل 4 مرشحين قريبين من التيار، يعمل كلّ منهم في منطقة مختلفة عن الأخرى. فالمرشح ربيع زغيب ينشط في حراجل وجوارها، والمرشح وسيم سلامة ينشط في كفرذبيان، وعماد عازار في الفتوح وطوني الكريدي بين جونية والفتوح العالي. التحدّي الرئيسي بالنسبة للتيار، على ما تقول المصادر، هو العمل لضمان الحاصل الثاني إلى جانب الحاصل المحسوم لبستاني. إذ إن تركيز الأصوات على مرشح واحد لنيل عدد أكبر من الأصوات وتصدر المرتبة الأولى لتسجيل نقطة على الخصوم، سيضرّ ببقية اللائحة وسيحبط أي فرصة لنيل حاصل أو كسر حاصل. علماً أن مقعد التيار الماروني من أصل 5 كان مهدداً قبيل حسم اللوائح بعدما جهد رئيس مجلس إدارة سوسييتيه جنرال أنطون صحناوي، بالتنسيق مع أفرام والقوات، لتشكيل لائحة جامعة لكل قوى 14 آذار (أفرام والقوات والكتائب والأحرار والكتلة الوطنية والمستقلين من منصور البون إلى فارس سعيد). لائحة مماثلة، وفقاً للخبراء، كان يمكن لها بلوغ أربعة حواصل ليبقى النزاع على المقعد الخامس بين التيار ولائحة فريد هيكل الخازن. إلا أن تشكيل منصور البون وفارس سعيد للائحة بمفردهما خدم كلاً من التيار وحزب الله، ومنع قرارهما بالاستمرار في الترشح القوات من الحصول على «دوبل سكور». إذ إن انسحاب سعيد يعني اقتراع جزء كبير من قاعدته لصالح القوات، والأمر نفسه بالنسبة إلى البون، ما يعني خروج القوات في 15 أيار لإعلان زيادة شعبيتها في «عاصمة الموارنة». وهو سيناريو غير قابل للتطبيق بعد اليوم مع بروز نحو 5 لوائح للقوات («معكم فينا للآخر») وأفرام («صرخة وطن») وسعيد – البون («الحرية قرار»)، وفريد الخازن وشامل روكز وشاكر سلامة («قلب لبنان المستقل») والمجتمع المدني («نحو التغيير»). إذ إن اللوائح الخمس تأكل من بعضها البعض، إلى جانب صراع مستتر بين لائحة أفرام والكتائب ولائحة «نحو التغيير».
توحيد قوى 14 آذار و«التغييريين» كان يمكن أن يظفر بأربعة حواصل
ففيما كانت المجموعات تسعى إلى تشكيل لائحة واحدة تحت سقف 17 تشرين من دون التحالف مع أفرام الذي تصنفه في خانة مرشحي السلطة الذين بدلوا بندقيتهم مع تبدّل الجو السياسي، نزحت المرشحة جوزيفين زغيب إلى أفرام من دون إبلاغ رفاقها، مما خلق توتراً بين الاثنين. وتجهد اللائحتان اليوم إلى استمالة أصوات المستقلين والمؤيدين لـ«التغيير» ليثبت كل منهما شرعيته على حساب الآخر.
وإلى هؤلاء، ثمة لائحة لـ«مواطنون ومواطنات في دولة» تحمل اسم «قادرين». وهي، كما لوائح «ممفد» في كل الدوائر، تأتي في إطار تبني مرشحين في كل لبنان يحملون البرنامج السياسي نفسه تمهيداً لإنشاء مجلس وطني مدني يضم الفائزين.