حبس أنفاس في أسبوع الإستحقاق الرئاسي الذي يُصنع خارجياً.. والحسم في اللحظات الأخيرة
كتب كمال ذبيان في “الديار”:
يفصل اللبنانيين والعالم اقل من اسبوع على موعد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في 9 كانون الثاني الحالي، وتحمل الرقم 13 بعد الانقطاع عن آخر جلسة تمت في 14 حزيران 2023 ، فقرر رئيس مجلس النواب نبيه بري ان يدعو الى جلسة انتخا، كي لا توجه اليه سهام التعطيل برفع الجلسة بعد اول دورة انتخاب ووضع الكتل النيابية امام مسؤولياتها ، بعد ان تعذر عليها وصول مرشحها الى الرئاسة الاولى، فدعاها الى الحوار والتوافق فلم تلب.
وهذه الجلسة ستكون حاسمة لجهة حصول الانتخاب فيها، لا سيما وان بري دعا الى حضور السلك الديبلوماسي في لبنان، واعتبرت دعوته بان الانتخاب سيتم فيها، اذ سبق وان حضر ديبلوماسيون وسياسيون ومتابعون جلسات انتخب فيها رئيس للجمهورية، الذي ما زال اسمه مجهولا ،وان كان التداول بالاسماء كثيرا. وهي المرة الاولى في الاستحقاقات الرئاسية التي يحصل فيها هذا الازدحام الرئاسي ، مما عطل المرور نحو القصر الجمهوري، الذي غادره الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الاول 2022 ولم يدخله اي رئيس بعده.
وتترافق الدعوة الى الجلسة مع مواكبة خارجية، وهذا ما يؤكد ان رئيس الجمهورية ليس صناعة لبنانية ، وافصح عن ذلك البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الذي قال في عظة له قبل اسبوعين، بأن النواب ينتظرون ان تأتيهم كلمة السر من الخارج ، وهذا صحيح وتؤكده وقائع الانتخابات الرئاسية منذ العام 1943 بانتخاب اول رئيس للجمهورية بعد الاستقلال بشارة الخوري الى الرئيس رقم 13 وهو الرئيس عون.
فالرئيس 14 للجمهورية، هل ينتخب في الجلسة 13 ؟ هذا ما تتم متابعته داخليا وخارجيا، اذ ان السيناريوهات والاحتمالات والتحليلات والافتراضات متعددة، بما يترك هذا الاستحقاق في مرحلة ضبابية، بالرغم من تقدم اسماء مرشحين محتملين للوصول الى الرئاسة الاولى، وآخرين مستبعدين، وبعضهم كاد ان يقترب من رئاسة الجمهورية، الا انه في الربع الساعة الاخير تغير كل شيء، ومنعت الظروف الداخلية والخارجية ذلك، وان رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية اكثر السياسيين الواقعيين، الذي يربط فوزه بالرئاسة بالظروف، وهو عاش تجارب معه شخصيا وفي عائلته كما في المشهد الرئاسي اللبناني، وهو وصل الى ان يعلن انسحابه من الترشيح، لكنه فضل الانتظار حتى تنقشع الرؤية الرئاسية.
فالرئيس المنتظر لن يكون صناعة لبنانية، بل تصنيع خارجي، او تجميع له بين القوى الدولية والاقليمية والعربية الفاعلة والمؤثرة في لبنان ، والمتمثلة بدول “اللجنة الخماسية” وهي اميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، وهؤلاء استنفروا ديبلوماسيتهم ليس عبر لجنة السفراء في لبنان، بل مباشرة منهم ، فسيحضر الى لبنان وفد سعودي برئاسة وزير الخارجية فيصل بن فرحان ويرافقه الامير يزيد بن فرحان آل سعود، الذي حل مكان نزار العلولا في متابعة ملف لبنان، مما يؤشر الى ان السعودية ما زالت جاهزة في لبنان، ولم تتأخر يوما عن مساعدته منذ نحو نصف قرن مع وقوع الحرب الاهلية فيه، لكن بمقاربة مختلفة واسلوب آخر، بعد مراجعة لسياساتها السابقة فيه، اذ تقول مصادر سياسية متابعة بأن المملكة تنظر الى موضوع رئاسة الجمهورية ليس من باب الاشخاص فقط، بل من مدخل الاصلاح وتطبيق اتفاق الطائف وتعزيز المؤسسات ومحاربة الفساد.
من هنا، فان الحراك الخارجي هو الذي سيكون له تأثيره في حصول انتخاب رئيس الجمهورية والتوافق على اسمه، بعد ان فشلت الكتل النيابية كما في كل استحقاق عن انجازه محليا، حيث يتزامن وصول الوفد السعودي مع عودة الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين، الذي اضافة الى مهمته، مواكبة تطبيق وقف اطلاق النار، فانه لا يغيب دوره عن الاستحقاق الرئاسي الذي يلقى اهتماما من الادارة الاميركية الحالية ، التي باتت على تفاهم مع فرنسا حول لبنان كما سوريا بعد سقوط النظام فيها، فجرى اتصال بين وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكين ونظيره الفرنسي مان نويل بارو، حيث بحثا بالملفين اللبناني والسوري، فتقاربا بمسألة انتخاب رئيس للجمهورية، وان تكون جلسة 9 كانون الثاني مختلفة عن سابقاتها بانجاز الانتخاب، الذي سيحضر ايضا الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف – لودريان لمتابعته عن قرب قبل الجلسة التي من المرجح ان يحضرها.
فحبس الانفاس هو الذي يسيطر على اسبوع الاستحقاق الرئاسي ، الذي يرافقه سؤال داخلي وخارجي حول نضوج طبخته، ام انه سيؤجل الى ما بعد استلام الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب مهامه في البيت الابيض في 20 من الشهر الحالي، وفق ما اعلن مستشاره للشؤون العربية مسعد بولس؟
وبات من المؤكد ان رئيس الجمهورية لن يكون صناعة لبنانية بل خارجية، كما في كل انتخابات رئاسة الجمهورية.