كتب مدير “مركز بيروت للأخبار” مبارك بيضون:
تحت “راية الصح”، وفي لقاء “موحَّد” للموحِّدين الدروز، رفع الرئيس السابق لـ”الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط راية موقف حازم لصالح “المقاومة”.
هي ليست المرة الأولى التي يصدر عن “بيك المختارة” “موقف حق تجاه المقاومة”، لكنه ورغم أنّ البعض يعتبر “طائفة الموحّدين” من الأقليات، إلا أن وليد جنبلاط بين الحين والآخر يُعيد توجيخ البوصلة، ويركن “على جنب” ملفات الداخل والخارج، إعلاءً للقضية الأولى ونصرة للحق الذي لا صوت يعلو على صوته، وهو “الصراع الأبدي مع العدو الصهيوني”.
ينصح “البيك” جميع الأطراف بأن ييمموا وجوههم شطر القضية الأساس، متناسين ومتجاهلين التشويش والانتقاد، واعتبار أنه نقل البندقية من كتف إلى أخرى، لذلك أعلن “نجل المعلم” أنّه لن “يزيح عن خط المقاومة” بالأمس واليوم وغداً، بل سيستمر في دعمها، خاصة أنّ المنطقة تمر في لحظات مفصلية خطيرة، نتيجة تبعات العدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة والأراضي الفلسطينية ككل.
كلام جنبلاط لم يقتصر على “لقاء الصلح الدرزي”، بل كرره وأكده خلال لقاءات متعدّدة مع أجنحة مختلفة، عسكرية وسياسية، مشدّداً على “دعم المقاومة” في الداخل الفلسطيني وجنوب لبنان، وموجّهاً رسائل إلى الجولان وباقي المناطق، وصلت إلى الأردن من خلال زيارته الأخيرة، وغيرها من العواصم العربية التي أرسل نجله النائب تيمور إليها ليعيد توضيح خط النضال الذي رسمه الزعيم كمال جنبلاط، والسعاي إلى الحفاظ على الخط الوطني والعروبي والقومي، ولا يزيح قيد أنمله صوب اتجاهات معاكسة.
يلفت الزعيم الدرزي إلى كتب من التاريخ، سُطِّرَتْ فيها بطولات وملاحم تماهت مع المراحل المتطورة منذ قيامة “المقاومة” حتى يومنا الحالي، مذكراً بأنّ فلسطين “أرض المحشر والمنشر”، وبداية القضايا الإنسانية وآخرها، وآخر دولة مستعمرة في التاريخ، وتستحق النضال من أجلها دون حياد، وهو ما أوصى به “المعلم” كمال جنبلاط، الذي شدّد على ضرورة عدم وقوع الشقاق بين بين الضيوف والأراضي “الشقيقة” والمستضيفة، وهو ما يشكل أحد أهم مبادئ “الحزب التقدمي” في كل أزمنة نضال القوى الوطنية اللبنانية.
وكم كرّر “جنبلاط الجد” رفضه لتحويل “الجبل” إلى مفترق طرق يستطيع العدو التسلل إلى الداخل اللبناني من خلاله، بل استمر في تأكيد – وأورّثها من بعده – أنّ “الجبل ووحدة الجبل من المهام الأساسية للصمود والتصدي لمشاريع الفتنة، ودعم المقاومة التي نؤمن بها ونقف إلى جانبها”، أما البعض الذي لا يروقه هذا الكلام، ويثير بلبلات هنا وهناك، فله مطلق الحرية بترك الحزب والتوجه إلى إطارٍ آخر.
المواقف ثابتة ولن تتزعزع لرؤى وليد “بيك” جنبلاط في رسالة واضحة إلى كل مَنْ يعنيهم الأمر بأنّ “الجبل هو جبل الصمود والتصدّي” منذ أن وُجِد والتاريخ شاهد ينصف دائماً أهل الجبل ولاسيما بلدة بيصور، التي صمدت في وجه الاحتلال الإسرائيلي وقدمت الشهداء، وكانت مثالاً أعلى ورسالة تتماهى مع ما نعيشه اليوم، من صورة مستعادة لإجبار العدو إلى الانحساب من بيروت بعد اجتياح العام 1982.
صحيح أنّ “زعيم المختارة” يتمتع برؤية خاصة لا يمتلكها البعض الآخر، لكنه يؤكد أن المقاومة في هذه المرحلة لا تشبه أي مرحلة من المراحل السابقة، خاصة أنّ العمل المقاوم اختلف في بأسلوبه وقوة ردعه، فارضاً على العدو التراجع إلى الوراء، نتيجة قدرات المقاومة التي وصلت إلى عمق الأراضي المحتلة في لبنان وفلسطين، و”ما عاد به الهدهد” شاهد على ما نقول.