الاخبار الرئيسيةمقالات

جريمة حرب

زياد شبيب / النهار

زياد شبيب / النهار

ما حصل في الرابع من آب 2020 هو عمل حربي، هذه الحقيقة أصبحت اليوم أكثر تداولًا وعادت الشهادات التي تصب في هذا الاتجاه إلى الاهتمام الإعلامي، بعد أن سبق لكاتب هذه السطور أن أكّد ذلك منذ البداية وفي أكثر من مقال.

بالنظر إلى طبيعة الهدف الذي أصابه التفجير وهول الدمار والضحايا المدنيين الذين سقطوا أو أصيبوا في ذلك اليوم، يعتبر العمل الحربي المذكور جريمة حرب. وقد آن الأوان للتوقف عن الاستثمار الداخلي والخارجي في هذه القضية وحان وقت التوجه إلى العدالة الدولية صاحبة الاختصاص وتحديدًا المحكمة الجنائية الدولية.

لبنان ليس عضواً في تلك المحكمة لأنه لم ينضم حتى الآن إلى معاهدة روما، لكن هذا الموقف الذي لم يكن مفهومًا، لم يعد قابلًا للتبرير، وعلى الحكومة المباشرة بذلك وعلى أهالي الضحايا جعل هذا المطلب أساسيًا في نضالهم نحو الحقيقة والعدالة. والإنضمام إلى المحكمة متاح في أي وقت. وقد أتاح “نظام روما الأساسي” في المادة 125 منه ذلك: “يُفتح باب الإنضمام الى هذا النظام الأساسي أمام جميع الدول، وتودع صكوك الإنضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة.”

هذا وليس الانضمام إلى معاهدة روما السبيل الوحيد لمنح المحكمة الصلاحية في جريمة المرفأ لأن المعاهدة أتاحت للدول غير المنضمة إليها الحق بقبول اختصاص المحكمة بشأن واقعة جرمية معينة كما تنص المادة الثانية عشر من المعاهدة.

تختص المحكمة الجنائية الدولية بالنظر في جرائم الحرب، والعدوان العسكري، وجرائم الإبادة والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية. وجريمة الحرب هي الفعل الذي يشكل خرقًا لقانون الحرب والقانون الدولي الإنساني والمتكون من مجموعة المعاهدات الدولية والأعراف ذات الصلة ولا سيما معاهدات جنيف للعام 1949 التي صادقت عليها جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، واتفاقية روما التي أنشأت المحكمة الجنائية الدولية. ومن الأفعال التي ينطبق عليها وصف جريمة الحرب، استهداف المدنيين، واستهداف المواقع المدنية، والأعمال العسكرية التي تتم مع الإدراك بأن من شأنها إلحاق الخسائر بأرواح المدنيين أو بالمنشآت المدنية، والفعل القائم على استهداف المدن أو القرى أو أماكن السكن المدنية التي لا تكون محصنة عسكريًا أو لا تعتبر أهدافًا عسكرية.

جميع هذه الأوصاف يمكن أن تنطبق على الهجوم الذي حصل في الرابع من آب، أضف إليه طبيعة السلاح الذي استعمل في التفجير والذي يرجح أن يكون من أسلحة الدمار الشامل المحظرة دوليًا وهو في ذاته جريمة حرب بصرف النظر عن طبيعة الهدف، مدنية كانت أم عسكرية، أو عن حجم الدمار وأعداد الضحايا.

يباشر المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاته وملاحقاته بطلب من الدولة العضو فيها أو بطلب من مجلس الأمن، كما له أن يباشر تحقيقاته تلقائيًا proprio motu على أساس المعلومات التي يتلقاها. والمحكمة لا تعترف بالحصانات التي تمنحها القوانين للمسؤولين في الدول وتعطي الحق للضحايا بأن يكون لهم دور كبير في تحريك التحقيقات عبر المعلومات التي يقدمونها للمدعي العام.

تفجير المرفأ حصل بصاروخ أو أكثر من الجو والبحر والدلائل على ذلك أصبحت متعددة ومتداولة وبالتالي كافية لتوضع بين يدي المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وما على الحكومة اللبنانية إلا أن تباشر الانضمام إلى المحكمة أو على الأقل أن تبلغها قبول الاختصاص، ولهذا على الناشطين في هذا الإطار من أهل الشهداء وغيرهم أن يعدوا ملفًا ويقدموه إلى المدعي العام لدى المحكمة.

زر الذهاب إلى الأعلى