الاخبار الرئيسيةالصحافة اليوممقالات

جرائم إبادة الكلاب الضالة تتوالى… أين السلطات؟

جرائم إبادة الكلاب الضالة تتوالى... أين السلطات؟

كتبت ندى عبد الرازق في “الديار”:

تعتبر الكلاب الشاردة جزءا من الواقع في العديد من المدن والمناطق الريفية حول العالم، وتتكاثر في الطبيعة نتيجة لعدة عوامل، منها غياب برامج تعقيم فعالة، وتوافر الغذاء في النفايات والمخلفات، ونقص الوعي المجتمعي حول أهمية الرعاية البيطرية للحيوانات. وبالرغم من ذلك، تؤدي دورا مهما في النظام البيئي، حيث تساهم في السيطرة على أعداد بعض الحيوانات الصغيرة مثل القوارض، مما يساعد في الحفاظ على التوازن البيئي.

في مقابل ذلك، تثير مسألة التخلص منها بطرق غير إنسانية، مثل التسميم أو القتل العشوائي جدلا كبيرا، لان ذلك يعتبر جريمة. وبدلاً من ذلك، يمكن تبني حلول مستدامة، مثل برامج التعقيم والتطعيم، وإنشاء ملاجئ لرعايتها وتوفير فرص التبني.

بالموازاة، تكمن الأهمية البيئية لهذه الحيوانات في قدرتها على التفاعل مع محيطها، لكن من الضروري التعامل معها بطرق تحترم حقوقها، وتضمن في الوقت عينه سلامة وصحة الناس. لذلك، يجب أن تتعاون الحكومات والمنظمات غير الحكومية والجمعيات الحيوانية والمجتمع ككل، لإيجاد تسوية منتجة وإنسانية للتصرف مع هذه الكائنات الحية.

ما حقيقة تسميم 27 كلباً في بحمدون؟

وفي هذا المجال، كشف رئيس بلدية بحمدون السيد وليد خير الله لـ “الديار” عن “ان مجهولين أقدموا على تسميم من 3 الى 4 كلاب في خراج بلدة بحمدون، و7 في بحمدون المحطة، وما قيل عن تسميم 27 كلبا يصب في إطار التضخيم من قبل الجمعيات”. وأضاف “نتابع هذا الموضوع عن كثب، ورفعنا شكوى ضد مجهول، وننتظر انتهاء التحقيقات في هذه القضية لمعرفة الفاعلين”.

حماية وتوازن بيئي!

في موازاة ذلك، قالت الناشطة في مجال حماية حقوق الحيوانات في منطقة حمّانا مي نعيمي لـ “الديار”: “من المؤكد ان الكلاب الشاردة، يمكن ان تساهم إيجابا في البيئة والحياة الإيكولوجية إذا تمت ادارتها بشكل صحيح، لأنها تتحكم بأعداد بعض الحشرات المضرة وغير النافعة، مما يساعد على تحقيق التوازن البيئي، وإعادة تدوير النفايات كونها تتغذى غالبا على بقايا الطعام والمخلفات العضوية، وهذا يؤدي الى تقليل انتشار القمامة في الشوارع. وهي بذلك تصون تنوع الأنواع من خلال التفاعل مع الحياة البرية المحلية، رغم أن ذلك قد يتطلب مراقبة لضمان عدم تأثيرها السلبي في تلك الأصلية”.

وأشارت الى “ضرورة محاسبة أولئك الذين يزهقون أرواح الحيوانات عمدا، سواء باستخدام المواد المهلكة او بأساليب أخرى كرشقها بالرصاص، لان قتلها ليس حلاً مستداماً للمشكلة. ويجب على البلديات والمنظمات الإنسانية تبنّي برامج للسيطرة عليها، من خلال تعقيمها وتقديم الرعاية الصحية والتطعيمات، إضافة إلى التوعية المجتمعية حول كيفية التعامل مع هذه الكلاب بطرق إنسانية وآمنة، معتبرة ان هذا العمل من الناحية الأخلاقية متوحشا وغير إنساني”.

وتطرقت الى “الجهات المسؤولة عن حماية الكلاب الشاردة وتشمل عادة الوزارات المعنية، والجمعيات الحيوانية، والمنظمات غير الرسمية، والمطلوب من هذه الإدارات التكاتف معا لضمان الرفق بالحيوان وإحصاء أعدادها. ويكون ذلك من خلال الاتي:

1- البرامج الحكومية: تتمثل بتوفير حملات تطعيم للكلاب الشاردة للحماية من الأمراض المعدية مثل داء الكلب، وتعقيمها لتقليل تكاثرها بشكل إنساني.

2- الجمعيات الحيوانية والمنظمات المدنية: يقع على عاتق هذه الروابط زيادة الوعي بين المواطنين، حول كيفية التعامل مع هذه الحيوانات وأهمية التعقيم والتطعيم، وتقديم المساعدة الطبية والطعام والمأوى للكلاب الشاردة، وتشجيع الناس على تبنيها عوضا عن شرائها. ويجب تأسيس “الشرطة البيطرية”، لمراقبة تطبيق القوانين واللوائح المتعلقة بحماية الحيوانات ومحاسبة المخالفين.

4- المجتمع المحلي: من واجبه تشجيع الأفراد على التطوع في رعاية الكلاب الشاردة، والمشاركة في برامج التطهير والتلقيح، والتعاون مع السلطات عن طريق ابلاغ الجهات المختصة عن حالات سوء المعاملة أو الحيوانات المصابة بأدواء معينة.

الحادثة تتكرر!

بالموازاة، أخبر الناشط الاجتماعي نسيم من بلدة شملان “الديار” ان “مسألة تسميم الكلاب الشاردة ليست جديدة، اذ ان هذه الواقعة حدثت في منطقتي قبل حوالي 3 سنوات، حيث قام بعض الأشخاص بقتل عشرات الكلاب عن قصد. ورش هؤلاء الاسطح وشرفات البيوت والبساتين بمواد قاتلة، بهدف التخلص من عشرات الكلاب الضالة. لكن وجهاء البلدة رفضوا هذه الحادثة البشعة وتحركوا حينذاك، ووضعوا حدا لهذه الممارسات الوحشية ضد كائنات حية لها روح مثل الانسان”.

وأضاف “في تركيا تتشارك العائلات الاسطنبولية الطعام مع هذه الحيوانات، اذ توضع بقايا الأطعمة في عبوات بلاستيكية بالقرب من المنازل والاحياء السكنية. واللافت ان البلدية أطلقت مشروعا حضاريا، يتمثل بتزيين المدينة بأطباق مخصصة للحيوانات الضالة، بحيث تكون مثبتة تحت الأشجار بشكل دائم”.

“لانيت” سم شرس!

في سياق متصل، علمت “الديار” ان العقار الذي استخدم لقتل الكلاب الشاردة في بلدة بحمدون اسمه Lannate، وتركيبته تفتك بالحياة البشرية والبيئية والحيوانية. وفي هذا السياق، أوضح الصيدلي رافي “ان Lannate هو اسم تجاري لمادة كيميائية تُعرف علميا باسم ميثوميل (Methomyl)، وهي مبيد حشري يُستخدم عادة في الزراعة للسيطرة على مجموعة واسعة من الحشرات. كما يتم استعماله بشكل غير قانوني وخطر لتسميم الحيوانات الضالة، مثل الكلاب والقطط”.

واكد لـ “الديار” ان “اعتماد هذه المادة غير قانوني لأنها تؤثر سلبا في الحيوانات، والبشر والكائنات الحية الأخرى التي قد تتعرض لها، بما في ذلك البيئة والتربة والمياه. وبناء على كل ما تقدم، يجمع الأطباء على ان استعمال مواد كيميائية مثل “لانيت” للتخلص من الحيوانات السائبة، يُعد تصرفا غير أخلاقي وبهيمياً، وهناك حاجة ملحة لتعزيز الحلول المستدامة والإنسانية للتعامل مع هذه المعضلة”.

التشريعات المحلية!

بالموازاة، قال أحد المحامين لـ “الديار” من “وجهة نظر قانونية وإنسانية، يعتبر التعامل مع الكلاب السائبة بطرق غير إنسانية جريمة ضد الحيوان، وتتعارض مع القوانين الدولية والمحلية المتعلقة بالرفق بالحيوان”. مشيرا الى “ان الحلول الفاعلة تتضمن تنمية برامج التعقيم والتطعيم، إنشاء ملاجئ ودعم برامج التبني، وتوعية المجتمع بأهمية هذه الامور. ورغم وجود جهود إيجابية من قبل منظمات المجتمع المدني، إلا أن التحديات المرتبطة بنقص الموارد والوعي ما زالت قائمة، مما يتطلب تعاونا أكبر بين الحكومة والمنظمات المعنية لتحقيق تحسينات ملموسة”.

الأديان توصي بالرحمة!

على مقلب آخر، تتفق الأديان السماوية على انه لا يجوز اعدام الكلاب والحيوانات الضالَّة إلا اذا تحقق الضرر منها، كأن تهدد أمن المجتمع وسلامة المواطنين، بشرط أن يكون القتل هو الوسيلة الوحيدة لكف أذاها ومخاطرها، مع مراعاة الإحسان في قتلها، فلا تُقتَل بطريقة فيها تعذيب ، لكن الافضل اللجوء إلى جمعها في أماكن مخصصة لتخليصها ووقايتها مِن عذاب الجوع، حتى تستريح بالموت أو الاقتناء”.

 

زر الذهاب إلى الأعلى