توغّلٌ “استطلاعي” جنوباً يمهّد للمعركة الكبرى

توغّلٌ “استطلاعي” جنوباً يمهّد للمعركة الكبرى

كتبت صحيفة “النهار”:

اختلف مشهد ما سمي “توغّلاً إسرائيليا” عبر الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل عن كل التجارب والاجتياحات والتوغلات التي حصلت في حقبات سابقة بدليل أن أي اقتحام أو تقدم للمشاة أو بالآليات والدبابات لم يحصل أو لم يكن ظاهراً أقله حتى ليل أمس. الانطباع الذي تكوّن لدى المراقبين والخبراء العسكريين كما لدى الأوساط الرسمية والدبلوماسية التي رصدت بدقة متناهية تطورات الساعات الـ 24 الفائتة، هو أن الجيش الإسرائيلي وضع خطة توغّل “جراحية” وشديدة الحذر بحيث لا يزال يطغى على مرحلتها الأولى الطابع الاستطلاعي لسبر غور الوحدات المقاتلة لدى “حزب الله” لا سيما منها وحدة الرضوان، كما الوحدات الصاروخية المضادة للآليات. كما أن اثارة الجيش الإسرائيلي أمس لموضوع الأنفاق، وحديثه عن اكتشاف خرائط تمتد حتى عمق الجليل الأعلى، يسلّط الضوء أيضاً على النمط الطارئ الذي تتبعه القيادة الميدانية الإسرائيلية في جس نبض “حزب الله” تحسباً لكمائن قاتلة قد يكون الحزب أعدّها إلى خطط أخرى لن يكشفها الا في حال توغّل جدي.

ويعتقد المراقبون انفسهم أن المعركة لم تنطلق بعد، وأن احتمال اندلاعها يبدو مؤكداً لدى زج إسرائيل بقوى آلية وبشرية كبيرة إذ عندها سيكون الاختبار الحاسم لمدى جهوزية “حزب الله” وما اذا كانت قدراته لا تزال في المستوى العملاني والميداني نفسه قبل تعرّضه لضربات قاسية لم يسبق له أن تعرض لها في كل المعارك مع إسرائيل. وأما ما يدأب الجانب الأميركي على ترداده من أن حجم التوغّل أو العملية البرية الإسرائيلية في الجنوب سيكون محدوداً جداً ولن يستمر أكثر من أيام، فإن ثمة شكوكا عميقة حياله أولاً لترجيح أن تكون الخطط الإسرائيلية أبعد بكثير من مجرد توغّل موقت بل تتصل بأهداف يعلنها المسؤولون السياسيون والعسكريون وتتصل بضرب البنية العسكرية والتسليحية لـ”حزب الله”، الأمر الذي يعني أن مدة الاحتلال المتجدد للجنوب وحجمه يصعب أن يكونا على الشكل المثار. ثم أن حجم الفرق الإسرائيلية المحتشدة على الحدود مع لبنان تشي بالاستعداد لغزو طويل المدى ولو صح أن الضوء الاخضر الأميركي أعطي لعملية محدودة مبدئياً.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن صباح أمس أن الفرقة 98 بدأت أنشطة موجهة ومحددة في منطقة جنوب لبنان، كما نشر مشاهد من تحضيرات قوات الفرقة.

في المقابل، أعلن “حزب الله” اطلاق “نداء لبيك يا نصر الله” عبر صليات صاروخية من نوع “فادي 4″ على قاعدة غليلوت التابعة لوحدة الإستخبارات العسكرية 8200 ومقر الموساد التي تقع في ‏ضواحي تل أبيب، كما استهدف تجمعاً للجنود الإسرائيليين قرب مستعمرة روش بينا وتجمعاً للقوات الاسرائيلية في ثكنة دوفيف بصاروخ فلق 2، وتجمع جنود بين موقعي الرمثا والسماقة في تلال كفرشوبا بـ 32 صاروخ ‏كاتيوشا وتجمعاً في موقع المطلة ومستعمرة كفار جلعادي.

وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنه استهدف عشرات الأطنان من المواد المتفجرة وممتلكات ومقار قيادية لـ”حزب الله”. وأكد أن “قيادة الشمال نفذت عشرات من عمليات الدهم لمواقع قوة الرضوان التابعة لـ”حزب الله” وعثرنا على خريطة ونفق يتجه نحو حدود إسرائيل بهدف احتلال بلدات ظهرت على الخريطة”. ورد الحزب موضحاً أن نشر صور وأفلام من داخل ما سماه الجيش الإسرائيلي “مخازن وأنفاق “حزب الله” جاء في اطار الحرب النفسية والدعائية المكشوفة” وأكد الحزب أن “هذه الأفلام والصور قديمة للغاية ولا علاقة لها بأي عمل عسكري حالي عند الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة”.

وبعد الظهر أعلن الجيش الإسرائيلي إطلاق صواريخ من لبنان وسقوطها في مناطق مفتوحة وسط إسرائيل من دون تفعيل صفارات الإنذار، ثم تحدثت معلومات مساءً عن دوي انفجار كبير في منطقة تل أبيب الكبرى. كما قصف الحزب تجمعاً للجيش الإسرائيلي شرق موقع الناقورة البحري.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني رداً على “معلومات غير دقيقة حول انسحاب الجيش من مراكزه الحدودية الجنوبية لكيلومترات عدة في ظل تحضيرات العدو لتنفيذ عملية برية داخل الأراضي اللبنانية أن الوحدات العسكرية المنتشرة في الجنوب تنفذ إعادة تموضع لبعض نقاط المراقبة الأمامية ضمن قطاعات المسؤولية المحددة لها. كما تُواصل القيادة التعاون والتنسيق مع قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان”.

Exit mobile version