يُعد الدراق من الفواكه الشهية والغنية بالعناصر الغذائية، وقد عُرف منذ آلاف السنين، حيث يعود أصله إلى الصين التي كانت أول من زرعته واهتمت به. ثم انتقل عبر طريق الحرير إلى مناطق أخرى من آسيا والشرق الأوسط وأوروبا، حتى وصل إلى لبنان.
وقد احتلت زراعته محليا مكانة هامة بين المحاصيل الزراعية، بسبب ملاءمة المناخ المعتدل والتربة الخصبة، مما جعل إنتاجه وفيراً وجودته عالية. ويُعتبر هذا الموسم مليئاً بالخيرات اللذيذة، حيث تلعب هذه الفاكهة دوراً مهماً في النظام الغذائي الصحي للإنسان، فهي مصدر لا غنى عنه للفيتامينات والألياف، وجزء لا يتجزأ من الطعام الصحي، كما تسهم في دعم المزارعين والمصدرين المحليين، مما يعزز من أهمية شتلها.
الصحة في ثمرة واحدة!
أوضحت اختصاصية التغذية كاتيا قانصو لـ “الديار” ان “الدراق أو كما يُعرف أيضاً بالخوخ، هو فاكهة غنية بالعناصر الغذائية التي تعود بفوائد صحية عديدة على الجسم. ينتمي إلى الفواكه ذات النواة الحجرية، ويعود أصله إلى شمال غرب الصين حيث زُرع للمرة الأولى قبل أن ينتشر في مختلف أنحاء العالم. هذا الصنف ليس فقط شهيا، بل أيضاً غني بالألياف والفيتامينات والمعادن الأساسية ، التي تسهم بشكل كبير في دعم الصحة العامة”.
أضافت “تتضمن هذه الثمرة فيتامينات K، C، وA بالإضافة إلى مجموعة من المعادن مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم، مما يجعلها مصدراً مهماً للحفاظ على توازن المعادن في الجسم. وتساهم الألياف الغذائية التي تحتويها في تعزيز صحة الجهاز الهضمي وتحسين وظائف الأمعاء، إلى جانب شعور طويل بالشبع”.
وأردفت “كما أن الدراق يشمل على مضادات أكسدة مثل البيتا كاروتين والفلافونويدات، التي تلعب دوراً في مكافحة الجذور الحرة ، وتقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة. من بين الفوائد الأخرى، يساعد البوتاسيوم الموجود فيه في خفض ضغط الدم، مما يعزز صحة القلب والأوعية الدموية، بينما يعمل فيتامين C على دعم صحة الجلد من خلال تحفيز إنتاج الكولاجين والحفاظ على نضارة البشرة. إضافة إلى ذلك، ينشط الجهاز المناعي بفضل تركيبته الغنية بالفيتامينات والمعادن، التي تدعم مقاومة الجسم للأمراض”.
وأشارت الى ان”فوائد الدراق لا تقتصر على كل ما ذكرته، بل إنه يلعب دوراً مهماً في الحفاظ على صحة العيون، خاصة في مواجهة مشكلات مثل الضمور البقعي المرتبط بالتقدم في العمر. لذلك، يمكن تضمين هذه الفاكهة اللذيذة والمغذية بسهولة في النظام الغذائي، سواء تم تناولها طازجة، أو ضمن العصائر أو في السلطات، مما يجعلها إضافة مميزة ومفيدة لكل وجبة. بالإضافة الى ان الدراق يمتلك نسبة عالية من الماء، مما يساعد في الحفاظ على ترطيب الجسم، خاصة خلال أشهر الصيف الحارة”.
ادلة علمية تؤكد أهمية هذا الكنز الصحي!
من جانبه، أكد اختصاصي التغذية طه مريود لـ “الديار” ان “الدراسات حول الدراق كثيرة، وتغطي جوانب متعددة من فوائده الصحية، حيث اهتمت الأبحاث بتحليل مكوناته الغذائية وتأثيره في الصحة العامة. ومن بين هذه الدراسات:
1- دراسة حول مضادات الأكسدة ومكافحة السرطان نشرت في مجلة Journal of Agricultural and Food Chemistry عام 2009، حيث تناولت تأثير مركبات الفلافونويد والبيتا كاروتين الموجودة في الدراق في مكافحة الجذور الحرة ، وتقليل خطر الإصابة بالسرطان، خاصة سرطان الثدي.
2- دراسة عن تأثير الدراق في صحة القلب نشرت في American Journal of Clinical Nutrition عام 2010، كشفت أن تناول الفواكه الغنية بالبوتاسيوم، مثل الدراق، يمكن أن يساعد في خفض ضغط الدم. يعود هذا التأثير إلى قدرة البوتاسيوم في تقليل آثار الصوديوم في الجسم، مما يعزز صحة القلب ويخفض من خطر الإصابة بأمراض القلب.
3- دراسة حول تحسين الهضم نشرت في Nutrition Research عام 2015 ،بحثت تأثير الألياف الغذائية الموجودة في الدراق في تحسين صحة الجهاز الهضمي. وبينت أن الألياف القابلة للذوبان في هذه الثمرة تساهم في تنشيط حركة الأمعاء وتخفيف خطر الإمساك واضطرابات الجهاز الهضمي.
4- دراسة نشرت في Dermato-Endocrinology عام 2013 عن أهمية فيتامين C لصحة الجلد، حيث يلعب هذا الفيتامين الموجود في الدراق دوراً أساسياً في إنتاج الكولاجين الذي يحافظ على مرونة ونضارة الجلد، مما يساعد في تقليل علامات التقدم في العمر.
وختم “تسلط هذه الدراسات الضوء على الأثر الإيجابي للدراق في مجالات متنوعة مثل مكافحة الأمراض، وتعزيز صحة القلب، وتحسين الهضم، ودعم صحة البشرة”.
للاقتصاد الوطني “نصيب”!
من جهته، تطرق الخبير الزراعي يحيى الى طرق شتل الدراق، وقال لـ “الديار”: “تتطلب زراعته ظروفا مناخية معينة، حيث يحتاج إلى مناخ معتدل وفترة برودة محددة لتزهر الأشجار بشكل جيد. كما يجب أن تكون التربة المناسبة لغرسه جيدة التصريف وغنية بالمواد العضوية. ويُفضل زراعته في أماكن مشمسة، حيث تساهم أشعة الشمس في تحسين جودة الثمار وزيادة نسبة السكريات فيها”.
وعن أهمية الدراق في الاقتصاد المحلي، أكد انه “في بعض المناطق اللبنانية، يعد الدراق من المحاصيل الزراعية الأساسية التي تنمّي الاقتصاد المحلي، حيث يمكن ان توفر الزراعة التجارية للدراق فرص عمل عديدة في مجالات مختلفة مثل الغرس، التعبئة، النقل، الى جانب التصدير الذي يمكن أن يكون مصدر دخل مهمّاً للمزارعين”.
وختم “يمكن تناول الدراق طازجا كفاكهة منفردة أو استخدامه في العديد من الوصفات الغذائية. كما يدخل في صنع المربيات، العصائر، الحلويات وحتى السلطات. ويعتبر إضافة رائعة للمائدة الصيفية، ويمكن حفظه بعدة طرق مثل التجفيف أو التعليب للاستمتاع به خارج الموسم. لذا، فهو ليس مجرد فاكهة لذيذة، بل مصدر غذائي مهم وله تأثير اقتصادي ملموس في المناطق التي يزرع فيها”.
ندى عبد الرزاق- الديار