تفاهم ام اتفاق كامل المواصفات

كتب مبارك بيضون

كتب مبارك بيضون

مشهد يطغى على كل التطورات في المنطقة، بما فيها التحليلات والاستنتاجات التي تواكب الأحداث فيما تسارعت البيانات والتصريحات لدول عدة، وذلك عشية الإعلان عن الاتفاق بين كل من إيران والسعودية الذي جمع كل من الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني ومستشار الأمن الوطني السعودي مساعد بن محمد العيبان في الصين.

ردود الفعل كانت متوقعة على مستوى رؤساء الدول بما في ذلك المتمثلة بالدبلوماسية الخارجية لكل دول المنطقة، باستثناء الإدارة الأمريكية، ورد فعلها المتفاجئ على اعلان الاتفاق بين السعودية وايران من الصين التي كانت السباقة بحل النزاع وهو ما يخولها دخول منطقة الشرق الأوسط بعد نزاعات خلفتها الإدارة الأمريكية تحت عنوان الربيع العربي في الشرق الأوسط، بينما تعتبر الولايات المتحدة هذه الخطوة تسلل يوجب رفع بطاقة حمراء في وجه الصين مع العلم أن المفاوضات بدأت منذ سنتين، وكانت الإدارة الامريكية تزود من حليفتها إسرائيل بخطواتها والتي كانت تعقد بسرية في دول عدة من بينها العراق وعمان.

الدور الصيني الجديد في توطيد العلاقات بين ضفتي الخليج، شكّل صفعة على وجه الإدارة الأمريكية، ومن خلفها إسرائيل، اذ كانوا في غياب كامل عن مجرى الأحداث في العاصمة الصينية، والتي بدأت تلعب دورًا محوريًا في منطقة الخليج على حساب تراجع الدور الأمريكي الذي يصب كل جهده في الحرب الأوكرانية، والتي بدأت تشكل استنزافًا عسكريًا وإقتصاديًا للولايات المتحدة الأمريكية التي تعاني من تضخم مفرط بديونها.

لم يكن إختيار الصين إعتباطيًا، فالعلاقات الإيرانية الصينية في أوجها، حيث تم بحث موضوع اللقاء هذا خلال زيارة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الى بكين الشهر المنصرم، كما أن توتر العلاقات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية كان سبب قبول الرياض بالصين وسيطًا، مضافًا إلى الدور الاقتصادي الصيني في رؤية بن سلمان 2030.

وليس خافيًا على أحد أن انعكاس هذا الإتفاق سيطال دول المنطقة، بدءً من لبنان، فقد نجد لينًا سعوديًا في الملف الرئاسي الذي يدور في حلقة مفرغة منذ خمسة أشهر، والذي يشكل إنطلاقًا واقعيًا لعملية الإصلاح وصولا الى النهوض، إن كان عبر الدعم الدولي او المساعدات الخليجية وبشكل خاص السعودية، والتي كان لها الدور الأساسي في النهضة الاقتصادية للبنان في التسعينيات.

الإيجابيات ستلحق الملف اليمني بشكل أكبر، بهدف منع اشتعال الجبهات، إذ سمحت السعودية للأمم المتحدة بلعب دور أكبر في إدخال المحروقات إلى اليمن، مع ترتيب لقاء جنيف الذي يسعى وضع إطار لتبادل الأسرى بين أطراف النزاع في اليمن.

العراق هو الآخر سيكون ملتقى إقليمي لحل النزاعات، بدءً من استضافته أولى جولات الحوار السعودي الإيراني وصولًا الى الحوارات التي لها شأن عربي وإقليمي، نظرًا للاستقرار السياسي النسبي في عهد السوداني، والذي تحمل كرة اللهب التي تركها الكاظمي بين يديه.

أما سوريا قلب العروبة النابض فلن تكون بعيدة عن أجواء الحوار، خاصة بعد الانفتاح السعودي على دمشق، إذ يشير مصدر مطلع الى أن دمشق كانت قد احتضنت لقاءً على مستوى أمني بين الرياض وطهران، إلا أن أجواء اللقاء وصلت الى تل أبيب وواشنطن فتم تغيير المكان.

في المحصلة، يبدو أن سياسية ولي العهد السعودي قائمة على تصفير مشاكل السعودية مع دول الجوار قبيل استلامه دفة حكم المملكة، بالتزامن مع محاولات إيران التملص من أثر العقوبات الأمريكية عبر الإنفتاح على الجميع بما فيها السعودية.

Exit mobile version