تفاؤل فرنسي بانتخاب رئيس في لبنان قبل آخر السنة

تفاؤل فرنسي بانتخاب رئيس في لبنان قبل آخر السنة

أبلغ مصدر سياسي رفيع إلى “الجمهورية” قوله: “إنّ التسوية بالصيغة التي انتهت إليها، تحظى بموافقة كلية من قبل لبنان وضمناً من قبل حزب الله ولاسيما أنّ إنضاجها كما هو معلوم، مرّ عبر مصفاة عين التينة، التي عصرتها وشدشدت مفاصلها، بإدارة مباشرة من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، وطعّمتها بمفردات وملاحظات لتخرج بمضمون لا يتعارض أو يمسّ من قريب أو بعيد بالسيادة الوطنية للبنان”.

ورداً على سؤال عمّا إذا كانت تعتري التسوية اي ثغرات، قال المصدر عينه: “الرئيس بري أدار المفاوضات بحنكة عاليه، وكان شديد الوضوح والحزم لجهة تثبيت نص يراعي بالدرجة الأولى مصلحة لبنان، وتنقية التسوية من أي الغام لغوية او بنود تتعارض مع مصلحة لبنان او تمسّ سيادته بأدنى تفصيل. حيث كان يقف عند كل مفردة لغوية وحتى على النقطة والفاصلة. ومن هنا أدّى ثبات الرئيس في هذه المفاوضات والملاحظات التي طرحها بالتنسيق مع حزب الله، إلى الخروج بتسوية تلبّي المتوخّى منها لناحية وقف العدوان الإسرائيلي والتنفيذ الكامل والشامل لكلّ مندرجات القرار 1701، من دون زيادة أو نقصان، ونشر الجيش اللبناني وتعزيزه في منطقة عمل القرار بالتعاون والتنسيق مع قوات اليونيفيل”.

وعمّا إذا كانت ثمة ضمانات لسريان التسوية بشكل نهائي دون عراقيل، قال: “لبنان ملتزم بالتسوية نصاً وروحاً، ولكن في المقابل يبقى الرهان والمسؤولية على الحصانة الأميركية – الفرنسية لهذه التسوية، في منع إسرائيل من تخريبها بخروقات للقرار 1701، وإدخالها في لعبة المماطلة والتسويف، وخصوصاً في ما يتعلق بانسحاب جيشها من المناطق التي توغّل اليها في الجنوب اللبناني”.

الوجع كبير، يقول مرجع كبير لـ”الجمهورية”، “لكن المهمّ الآن، هو الّا يخرج البلد من مأزق العدوان، ليدخل في مأزق داخلي لا يقلّ خطورة عنه، يعلّقه على حبل التوتر العالي. أقول ذلك لأنّني أخشى أن ينحدر الخطاب السياسي إلى سجال بين منطقي الانتصار والانكسار، وهذا ما أحذّر منه كل الأطراف لأنّه لن يؤدي الّا إلى تعميق الفرقة والانقسام. في وقت أحوج ما يكون البلد فيه إلى تلاقي الجميع. فآثار العدوان أصعب ممّا نتخيّل، والخسارات مهولة، والنكبة كبرى تمتدّ على مساحة لبنان كلّه. كلّ ذلك يستوجب من الجميع جهداً، وشغلاً كبيراً وشاقاً في شتى المجالات، وقدراً عالياً من المسؤولية الوطنية والحكمة السياسية، ولاسيما في هذا الوقت”.

وعلى ما تؤكّد مصادر موثوقة لـ”الجمهورية”، فإنّ الرئيس بري، وضع ملف الرئاسة الأولى، على سكة الحسم السريع وانتخاب رئيس جمهورية توافقي، إنفاذاً لما سبق ووعد بأنّ حسم الملف الرئاسي هو الخطوة الأولى التي يشكّل إنجازها أولى الواجبات بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي. والتوجّه لدى رئيس المجلس هو أن يتمّ هذا الحسم في غضون فترة قصيرة.

وكان لافتاً في هذا السياق، ما بدا انّه استعجال فرنسي للحسم الرئاسي، الذي تجلّى في مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى مزامنة الإتفاق على وقف إطلاق النار، بإيفاد الوسيط الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت.

وبحسب معلومات ديبلوماسية موثوقة لـ”الجمهورية”، فإنّ “المبادرة الفرنسيّة منسقة بالكامل مع الأميركيين، حيث أنّ واشنطن وباريس اجتمعا على جهد مشترك، فصله الأول اتفاق وقف اطلاق النار، وفصله الثاني حسم الملف الرئاسي في لبنان على وجه السرعة”.

واكّدت مصادر المعلومات، انّ إيفاد لودريان تمّ تنسيقه مع المراجع اللبنانية وكذلك مع سفراء اللجنة الخماسية الذين سيلتقي بهم لودريان في مستهل حركة مكوكية له بين الأطراف السياسية في الساعات المقبلة، لبناء توافق على ما يسمّى الخيار الرئاسي التوافقي، على أن تبدأ هذه الحركة بلقاء مع الرئيس نبيه بري.

وقالت مصادر دبلوماسية من العاصمة الفرنسية لـ”الجمهورية”، إنّ “زيارة لودريان إلى بيروت اليوم، مختلفة بشكل جذري عن سابقاتها، وخصوصاً انّ الظروف اختلفت بشكل جذري عمّا كانت عليه من قبل، فضلاً عن أنّ الارضية اللبنانية باتت حالياً مهيأة أكثر من ذي قبل للتعجيل في انتخاب رئيس للبنان”.

وعكست المصادر عينها “تفاؤلاً يسود الإيليزيه، حيال إمكان نجاح لودريان في مهمته”.

وقالت: “إنّ توجيهات الرئيس ماكرون تشدّد على بذل أقصى جهد ممكن لإنهاء أزمة الرئاسة اللبنانية قبل آخر السنة الحالية، مؤكّداً انّ باريس، وكما سيكون لها الدور الفاعل في قوات حفظ السلام في جنوب لبنان (اليونيفيل)، ولجنة المراقبة (المتصلة بتنفيذ القرار 1701)، وضمان تنفيذه لتوفير الامن والاستقرار على جانبي الحدود، ستكون، إضافة إلى ما أسّست له في مؤتمر باريس لدعم لبنان، حاضرة بقوّة على خطّ توفير دعم إضافي في ما يتطلّبه من مساعدات تمكّنه من عبور ازمته الصعبة ووضعها على سكّة الإنتعاش”.

Exit mobile version