كتب ميشال نصر في “الديار”:
اذا كان الحدث “سوري – حلبي” بامتياز، بعدما “زاح” لبنان من المشهد الاقليمي غداة اعلان وقف إطلاق النار ونفاذه رغم الخروقات، من غارات وتوغلات واطلاق نار، والتهديدات، من ان نسب الانهيار توازي نسب النجاح، بعد اربعة ايام على دخولها حيز التنفيذ، يستمر النقاش و “الجدل البزنطي” حول البنود وتفسيرها، مع تكشف المزيد من خفايا كواليس التفاوض، والاهم آليات التنفيذ، والتي اتخذت واشنطن بالامس خطوة مفاجئة بشانها.
مصادر ديبلوماسية واكبت المفاوضات عن كثب، كشفت، ان الاتفاق ما كان لينجز بسرعة لولا “الجندي المجهول” العراقي، حيث ان النقاط الـ13 في الورقة، كما المقدمة جرت مناقشتها مع الاطراف الاقليمية والدولية المعنية في النزاع، بمتابعة وتدخل مباشر من رئيس الوزراء العراقي محمد الشياع السوداني، الذي تدخل شخصيا اكثر من مرة لتدوير زوايا “لغوية”، علما ان دوره كان بدأ نتيجة تقاطع اميركي وايراني منذ اجتماعات الهيئة العامة للامم المتحدة في نيويورك، واستمر رغم الاخفاقات المتكررة، ووصول الامور الى الحائط المسدود اكثر من مرة.
وتتابع المصادر بان الورقة التي وضعت في بغداد سلمت بعدها الى الطرفين اللبناني والاسرائيلي لبحثها وبتّها، وهو ما عبرت عنه عين التينة يومذاك “بضرورة ادخال تعديلات لفظية لجعلها تتمشى والدستور والقانون اللبناني”، متحدثة عن نقطة محورية في هذا الاطار وهي اصرار الثنائي على ان تكون الورقة بصيغة “ترتيبات امنية” لا اتفاقية بين طرفين او قرارا دوليا معدلا، نظرا لان ذلك يجعلها تسمو على القوانين الوضعية الداخلية وحتلى على الدستور، في معركة استباقية لما يمكن ان يطرأ لاحقا خلال مناقشات البيان الوزاري والصيغ التي يمكن ان يتضمنها.
وفي هذا الاطار دعت المصادر الى التوقف باهتمام عند السيرة الذاتية التي وزعت للجنرال “غاسبر جيفيرز”، الذي سيشغل منصب نائب رئيس اللجنة الخاصة المشرفة على آلية تنفيذ ومراقبة وقف الاعمال العدائية بين اسرائيل ولبنان، نقطتان اساسيتان، الاولى، قيادته لواء الخاص بعملية “العزك الصلب” في العراق وسوريا، والخبرة التي اكتسبها في التعامل مع ملفات المنطقة وتشعباتها، وهو امر لافت في ظل الاحداث المستجدة في الشمال السوري، والثاني، خدمته في القيادة الخاصة المركزية، حيث يشغل منصب نائب مدير العمليات الخاصة ومكافحة الارهاب في هيئة الاركان المشتركة.
وسالت المصادر عن السبب في عدم اختيار احد ضباط القيادة الوسطى، التي عمليا يقع كل من لبنان “إسرائيل” وايران وسوريا ضمن نطاق عملياتها، وحصر دورها بتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي للجنة، وهو ما طرح الكثير من علامات الاستفهام، خصوصا ان لبنان يحظى بمكانة خاصة لدى ضباط تلك القيادة، وتحديدا الجيش اللبناني.
وليس بعيدا، رأت المصادر في اعلان واشنطن المفاجئ قرارها بتعيين ديبلوماسي لرئاسة اللجنة على ان يكون نائبه عسكريا، بعدما كانت كل التصريحات والمعلومات تحدثت بغير ذلك، امرا لافتا، من دلالاته، “انتزاع” الصفة العسكرية الخاصة عن اللجنة، واعطاؤها بعدا سياسيا، بعدما كان سبق لبيروت ان اعترضت مرارا على اضفاء اي طابع سياسي على اي لجنة تشكل بين لبنان واسرائيل، متخوفة من ان تشكل تلك الخطوة “نقزة” للبنان، وبالتالي شدا للحبال ينعكس على الوقف الهش لاطلاق النار.