اقتصادالاخبار الرئيسية

تعثر واضح للاقتصاد البريطاني .. الزيادة الحادة للفائدة تعمق أزمة الرهن العقاري

أدت زيادة صادمة في أسعار الفائدة في بريطانيا إلى تعميق أزمة الرهن العقاري، وهددت بمزيد من الألم للأسر التي تعيش ظروفا صعبة.
ويواجه الاقتصاد البريطاني تعثرا واضحا نسبه المتخصصون إلى ضغوط الأسعار التي لا تزال مرتفعة وتزايد علامات التباطؤ خلال الشهر الجاري.
وأشارت بعض التقديرات بأن التكلفة السنوية للذين سيجددون قروضهم العقارية في 2024 سترتفع بقيمة 2900 جنيه استرليني (3700 دولار) مع قيام المقرضين برفع الأسعار استجابة لارتفاع معدلات الفائدة، ما يفاقم معاناة أصحاب المنازل.
وأظهرت قراءة أولية أمس، أن مؤشر مديري المشتريات المركب لستاندرد آند بورز جلوبال، الذي يغطي الأعمال في قطاعي الخدمات والصناعات التحويلية، هبط إلى أدنى مستوى في ثلاثة أشهر عند 52.8 نقطة في حزيران (يونيو) انخفاضا من 54 نقطة في أيار (مايو) متأثرا بتحقيق الطلبيات الجديدة أضعف نمو منذ كانون الثاني (يناير) في ظل صعوبات تواجه المصانع.
وقال كريس وليامسون كبير الخبراء في اقتصادات الأعمال في ستاندرد آند بورز إنتليجينس إن الاستطلاع يشير إلى أن الاقتصاد قد فقد الزخم بعد طفرة نمو قصيرة في الربيع ويبدو أنه يتجه لمزيد من الضعف في الأشهر المقبلة، وفقا لـ”الألمانية”.
وأضاف “من الملاحظ أن إنفاق المستهلكين على الخدمات، الذي كان المحرك الأساسي للنمو في الربيع، تظهر عليه الآن علامات تعثر”. وأرجع السبب في ذلك إلى ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم والمخاوف التي تكتنف التوقعات الاقتصادية.
وأظهرت القراءة الأولية للمسح أن قطاع الخدمات البريطاني نما بأبطأ وتيرة في ثلاثة أشهر، كما انكمش قطاع الصناعات التحويلية بأكبر وتيرة في ستة أشهر. ورفع بنك إنجلترا أمس الأول، أسعار الفائدة للمرة الـ13 على التوالي إلى 5 في المائة بزيادة حادة عن 0.1 في المائة في نهاية 2021.
ومن المتوقع أن يواصل بنك إنجلترا رفع تكاليف الاقتراض في محاولة لمعالجة التضخم الذي سجل 8.7 في المائة في مايو.
وعقد رؤساء البنوك البريطانية اجتماعا مع جيريمي هانت وزير الخزانة، صباح أمس، لمناقشة تأثير رفع الفائدة في أزمة الرهن العقاري من بينها “إتش إس بي سي” وسانتاندر وباركليز، وذلك في مكتبه بداونينج ستريت في وقت مبكر أمس.
ودعا المشاركون الحكومة إلى تخفيف الضغوط، إذ قالت أليسون روز، رئيسة مصرف ناتويست، أثناء مغادرتها الاجتماع “عقدنا اجتماعا مثمرا للغاية نبذل ما بوسعنا لمساعدة العملاء، وللتغلب على مصادر القلق”.
واستبعد رئيس الوزراء ريشي سوناك وهانت تدخلا ماليا من الحكومة، فيما ارتفعت معدلات الفائدة، حيث يحاول البنك المركزي البريطاني خفض التضخم الذي يرتفع بشكل عنيد.
ودعا حزب العمال المعارض إلى إجبار البنوك مساعدة عملاء الرهن العقاري المتعثرين، بينما طالب بعض أعضاء الحزب المحافظ بدعم للمقترضين الذين يتعرضون لضغوط.
ويأتي الاجتماع بعد يوم من إصدار البنك المركزي البريطاني الزيادة الـ13 لمعدل الفائدة على التوالي، بواقع نصف نقطة مئوية هذه المرة من 4.5 في المائة إلى 5 في المائة في أشد زيادة منذ شباط (فبراير).
وتسببت الخطوة في ارتفاع المعدلات لأعلى مستوى خلال 15 عاما تقريبا. وجاء التحرك في محاولة لخفض التضخم، الذي يقيس معدل زيادة الأسعار، الذي ظل عند نسبة 8.7 في المائة في مايو رغم الجهود لخفضها.
وتحسنت ثقة المستهلك في بريطانيا بشكل يفوق التوقعات، حيث وصلت إلى أعلى معدلاتها خلال 17 شهرا، رغم زيادة التضخم وارتفاع معدلات الفائدة.
وذكرت مؤسسة “جي.إف.كيه” للدراسات التسويقية، أن مؤشرها لقياس ثقة المستهلك ارتفع بواقع ثلاث نقاط ليصل إلى سالب 24 في يونيو الجاري.
وكان خبراء الاقتصاد يتوقعون أن يسجل المؤشر سالب 26 نقطة. ونقلت بلومبيرج للأنباء عن جوي ستاتن، مدير استراتيجية العملاء في “جيه.إف.كيه” قوله “أظهر المستهلكون مرونة ملحوظة في مواجهة التضخم الذي يرفض التراجع في الوقت الحالي”.
وأضاف “إذا استمر المستهلكون في التعامل مع العاصفة الاقتصادية الحالية، فسيرسي ذلك قواعد راسخة للعودة إلى النمو”.
وذكر ستاتن أن أبرز الدلالات في قراءات المؤشر هي مقياس النظرة المستقبلية للماليات الشخصية، حيث سجل زيادة صحية بواقع سبع نقاط، وشارف على الوصول إلى المنطقة الإيجابية، وذلك للمرة الأولى منذ كانون الأول (ديسمبر) 2021.
وجاء مؤشر التوقعات بشأن الوضع الاقتصادي العام في المرتبة الثانية من حيث معدلات الزيادة، حيث ارتفع بواقع خمس نقاط ليصل إلى سالب 25، في زيادة بواقع 32 نقطة عن معدلاته قبل عام.
وارتفعت مبيعات التجزئة في بريطانيا بشكل غير متوقع الشهر الماضي، في إشارة إلى قوة الاقتصاد، وسط مخاوف من بنك إنجلترا (البنك المركزي) أن يؤجج ذلك معدلات التضخم في البلاد.
وذكر المكتب الوطني للإحصاء أمس، أن حجم السلع التي بيعت من خلال المتاجر ومنصات التسوق الإلكتروني ارتفع بنسبة 0.3 في المائة في مايو الماضي، بعد زيادة نسبتها 0.5 في المائة في الشهر السابق عليه.
وقالت هيزر بوفيل، مسؤولة إحصاء بالمكتب الوطني، “مراكز التسوق في الحدائق والمتاجر شهدت نموا في المبيعات، حيث شجع الطقس الجيد المستهلكين لبدء إجراء تحسينات في منازلهم وحدائقهم”.
وأوضحت بوفيل أن “مبيعات الملابس الصيفية والأغراض التي تستخدم خارج المنازل حققت أداء جيدا بصفة خاصة، كما شهد مايو عودة نمو مبيعات الوقود بعد تراجعها في نيسان (أبريل)”.
ونقلت بلومبيرج عن روث جريجوري، المسؤولة لدى مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” للدراسات الاقتصادية، قولها إن “تعافي مبيعات التجزئة في مايو يشير إلى أن مرونة النشاط الاقتصادي التي حدثت أخيرا لم تتبدد، لكننا نعتقد أنه لا يزال من المبكر أن نستخلص أن تعافي مبيعات التجزئة سيستمر، وأن الاقتصاد سيتفادى الوقوع في دائرة الركود”.
في غضون ذلك، أعرب أكثر من 50 في المائة من البريطانيين عن اعتقادهم بأن المملكة المتحدة كانت مخطئة في الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد سبعة أعوام من استفتاء الخروج، وفقا لاستطلاع رأي جديد.
واستنادا إلى استطلاع شمل 1525 بالغا وتم إجراؤه في بداية يونيو، تبين أن 34 في المائة ممن شملهم الاستطلاع ما زالوا يعتقدون أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان القرار الصحيح، وفقا لوكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا).
وتشير نتائج الاستطلاع الذي أجرته شركة دلتابول، ونشرها معهد توني بلير إلى أن 18 في المائة من الناخبين الذين صوتوا لمصلحة الخروج يعتقدون الآن أن القرار كان خاطئا.
ويعتقد ما يقرب من 80 في المائة أن المملكة المتحدة يجب أن تكون لها علاقة أوثق مع الاتحاد الأوروبي في المستقبل، بينما يريد 43 في المائة أن تنضم المملكة المتحدة مرة أخرى إلى الاتحاد الأوروبي و13 في المائة يفضلون العودة إلى السوق الموحدة فقط.
ووجد الاستطلاع أن ما يزيد قليلا على خمس الأشخاص يؤيدون علاقة أوثق مع الاتحاد الأوروبي، لكن دون الانضمام إلى عضوية التكتل أو أن تصبح المملكة المتحدة جزءا من السوق الموحدة.
وتشكل هذه البيانات جزءا من تقرير جديد، الذي ينظر في كيفية تحسين المملكة المتحدة لعلاقتها بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.

زر الذهاب إلى الأعلى