تصعيد غير مسبوق يتزامن مع زيارة لودريان… ما هي الاهداف الحقيقية؟
كتبت دوللي بشعلاني في “الديار”:
يبدو أنّ التصعيد غير المسبوق الذي هو عبارة عن “أحزمة نارية” يحصل للمرّة الأولى منذ فتح “جبهة الإسناد”، والذي شهدته قرى الجنوب والبقاع الغربي الإثنين، يُنبىء بحرب مفتوحة على لبنان، خصوصاً وأنّ الغارات المكثّفة طالت منازل المدنيين بحجّة أنّها تحوي على أسلحة لحزب الله، سيجري الردّ عليها باستهداف أهداف محدّدة بدقّة. وتزامن هذا التصعيد الخطير الذي أدّى الى استشهاد وإصابة عدد كبير من المدنيين مع وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت بعد ظهر أمس للقاء المسؤولين اللبنانيين ومناقشة التطوّرات الأمنية الأخيرة، والملف الرئاسي معهم.
وإذ أعلن الإسرائيلي” أنّ الهدف من التصعيد عند جبهة الشمال هو إعادة السكّان الى المستوطنات الشمالية، يقول خبراء عسكريون إنّ توسيع الحرب، أو ضرب لبنان بغارات جويّة مكثّفة لن يؤدّي الى تحقيق هذا الهدف، بل على العكس الى تهجير مئات آلاف الجنوبيين، وأكثر من مليون مستوطن “إسرائيلي”. وتقول مصادر سياسية مطّلعة بأنّ هذا التصعيد المفتوح الذي شلّ الحركة في جميع القرى الجنوبية والبقاعية، وأدّى الى نزوح مئات آلاف الجنوبيين في اتجاه المناطق “الأكثر أماناً”، على ما يُفترض، أظهر أنّ لبنان دخل مرحلة جديدة من المواجهات العسكرية هي مرحلة “الحرب المفتوحة” في كلّ الإتجاهات.
وترى بأنّ هذا الوضع الأمني الخطير سبق وأن حذّر منه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة الى تلّ أبيب، إذ قال لنتنياهو، وفق المعلومات، بأنّ “هذه الحرب لن تؤدّي سوى الى المزيد من الدمار”، متمنياً عليه “تجنّبها”. غير أنّ نتنياهو مضى في هذه المغامرة التي لن توصله الى تحقيق هدفه، على غرار ما حصل في قطاع غزّة الذي تستمرّ فيه الحرب من أكثر من 11 شهراً من دون أن يتمكّن “الإسرائيلي” من تحقيق أهدافه الثلاثة من حربه في غزّة. رغم ذلك قام بهذه المغامرة، ويُهدّد لبنان بغزوات بريّة سوف يقوم بها عند الحدود تباعاً، إنطلاقاً ممّا أعلنه “نحن لا ننتظر التهديد بل نسبقه”، وذلك بهدف إقامة ما يُسمّى بـ “الشريط الحدودي”.
وتستبعد المصادر نفسها أنّ يتمكّن العدو من الدخول الى لبنان عبر البرّ، وتجد بأنّ التصعيد الذي طال المدنيين بحجّة تدمير أسلحة حزب الله، وتوسيع دائرة قصفه الى 120 كلم، يهدف الى أمرين أساسيين:
1″- تهجير أكبر عدد ممكن من السكّان من القرى الجنوبية والبقاعية من خلال إثارة الرعب في النفوس عبر الغارات المكثّفة على 400 موقع والتي حصدت في إحصاءات أوليّة رسمية 274 شهيداً و1024 جريحاً (حتى السادسة من مساء أمس). وكان العدو قد طلب من أبناء البقاع الغربي إخلاء المنازل التي تضمّ أسلحة لحزب الله، من وجهة نظره، والإبتعاد عن “مراكز ومخازن الأسلحة” مسافة كيلومتر واحد على الأقلّ.
2″- خلق منطقة عازلة وخالية من السكّان جنوب الليطاني، التي يقول عنها “الإسرائيلي” أنّها”تُشكّل حدودنا”، من وجهة نظره لضمان أمن المستوطنين بعد إعادتهم الى منازلهم في المستوطنات الشمالية. غير أنّ حزب الله لن يبتعد عن حدود لبنان المعترف بها دولياً والمثبتة في الإتفاقيات والخرائط الدولية، مهما قام به العدو من خطط واستهدافات.
وإذا تمكّن “الإسرائيلي” من إبعاد عدد من اللبنانيين، كما من السوريين، الذين نزحوا من منازلهم في قرى الجنوب والبقاع، على ما أضافت، غير أنّ هذا النزوح سيكون مؤقّتاً، ويهدف الى الضغط على حزب الله لكي يعود الى الإتفاق البرّي. كذلك استطاع الحزب من خلال تصعيده في الداخل أن يُقابل النزوح اللبناني بنزوح كثيف من قبل سكّان حيفا بعد استهدافها من قبله، فضلاً عن مناطق أخرى محدّدة بدقّة. وهذا يعني بأنّ أي عودة للسكّان من الجانبين لن تتحقّق قبل وقف إطلاق النار عند الجبهة الجنوبية.
وأكّدت المصادر السياسية أنّ الحزب أعلن مراراً أنّه لا يريد حرباً شاملة بل فتح جبهة الجنوب بهدف “إسناد” حركة حماس في قطاع غزّة، وكان يلتزم بمعادلة “ضربة مقابل ضربة”، ويحترم “قواعد الإشتباك”. غير أنّ تكثيف الغارات من قبل العدو على الجنوب وقرى صيدا وصور والبقاع أظهر أنّه ذهب كثيراً الى الأمام، في مغامرة غير محسوبة النتائج، رغم عدم إرادة الحزب أن يُجرّ الى حرب مفتوحة، ما يشير الى أنّه سيكون هناك ردود قوية من الحزب أيضاً، وأنّ هذا الوضع سيطول لأيّام.
أمّا لودريان الآتي الى لبنان على وقع المرحلة الجديدة التي تختلف عن المرحلة السابقة وتتسارع وتيرتها، على ما أوضحت، فلا يُعرف إذا ما كانت تحذيراته من امتداد هذه الحرب وتطوّرها سيكون لها آذان صاغية لدى الطرفين، أو ما هو اقتراح الحلّ الذي قد يطرحه مع تطوّر الأمور نحو الأسوأ. علماً بأنّ “اليونيفيل” قد حذّرت مع تفاقم الوضع الأمني، من “عواقب “الإسرائيلية” على لبنان بعد رفع “الفيتو” من قبل الولايات المتحدة الأميركية ضدّ إدانة حليفتها “إسرائيل”.