لبنان دائمًا أمام مفترق طرق، بعد الرد على الورقة الخليجية، في ظل استمرار الهجمة التي بدأت على المكونات السياسية، واستمرار الاستفزازات والضغوط التي تمارس عليها، والمرتبطة ارتباطًا وثيقًا بها، ولا سيما الإدارة الأمريكية، ذلك أنها تركت استهجانًا وتساؤلات لدى الأوساط السياسية عن حملة التفتيت للمنظومة المناوئة لها، دون أي اعتبارات أو حفظ ماء وجه لها، فعرتها من شرعيتها العربية ومظلتها الدولية.
يبدو أن الرعاية الدولية المتحكمة بمن تبقى لها تسعى إلى ضرب كل المكونات السياسية الداخلية، حتى المقربة منها! مع العلم أن الأوساط السياسية تلك تحمّل بشكل مباشر الإدارة الأمريكية مسؤولية الأزمة، نتيجة هذه الضغوطات التي تمارس وتطال كل الفئات، ولكن الهدف مستمر.. وهو سحق كل تلك المكونات دون استثناء.
مصدر رسمي خاص أكد نقلًا عن جهة دبلوماسية فاعلة في الإدارة الأمريكية ما مضمونه أن الوضع العام في البلاد سيبقى على حاله، وستبقى ممارسة الضغوط على المكونات السياسية دون استثناء، وخاصة التي لم تستطع الوقوف في وجه حركة المحور المقابل، والمقربين منه، لأنها تعتبر أن السيطرة والتأثير في الساحة الداخلية ما زال في إطار الأكثرية المسيطرة المهيمنة، وليس متاحًا إحداث أي تغيير دون عرقلتها وتكبيلها، وهذا لا يُتوصَّل إليه إلا بخلط الأوراق وإيجاد مكونات سياسية تتماشى مع رغبات المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية، وتهميش بعض الأوساط الفاعلة والمؤثرة، والتي تعتبر أنها من خلال لغتها الانتخابية أو التسويات ستكون رافعة لقوى المحور.
ويشير المصدر إلى أن الضغوطات مستمرة حتى النهاية، إما الانهيار التام وإما الانصياع، وفي كلتا الحالتين يمكن إعادة تعويم لبنان خلال 3 أشهر، وإعادته إلى سابق عهده.
يبدو أن هذه الضغوطات القصوى أثرت في الجميع دون استثناء، وجعلتهم يتخبطون في العلاقات الثنائية، على أمل تحصيل امتيازات في مشروع توزيع النفوذ في المنطقة، فكل المنظومة السياسية إضافة الى أن قوى المجتمع المدني وقوى ثورة 17 تشرين، قد ترهلت من الداخل، وبعضها انقسم على نفسه، وبعضها أفل من المشهد السياسي.
الأزمة السياسية الاقتصادية المستفحلة ومفاعيلها الخارجية ما هي إلا شكل من أشكال الضغوط لتفتيت الرموز التي لم تجدي نفعًا، ولم تؤتي أكلها، وكانت تأثيراتها هامشية، حتى تم استثمار واقع هش في محاولة لتحميل المحور نتائج سياسات عفا عليها الزمن.
إلى ذلك تظهر محاولات حثيثة لإقصاء قسم من اللبنانيين، في محاولة لشرذمة ما تبقى من مؤسسات عاملة، لتصبح غير قادرة على إعادة إنتاج نفسها من خلال الانتخابات النيابية أو الرئاسية .
وعلى ما يبدو، وفي حال فشلت كل المحاولات لفوز مشروع الهيمنة في الانتخابات القادمة، قد يعاد إحياء قرارات أممية سابقة الذكر، والتي بدأت منذ الآن تظهر الى العلن عبر إجتماع أممي سيعقد قريبًا للغاية نفسها، إضافة الى النزاعات المتنقلة بين أهالي الجنوب وقوات حفظ السلام، والتي يُعمل على تحويلها إلى قوة ردع.
ومع العلم أن المحاولات الأمريكية للتواصل مع قوى فاعلة في المحور ما هي إلا للتصويب الإعلامي في حال إتمامها قبيل الانتخابات، على مبدأ العداء العلني والمفاوضات المباشرة السرية، في محاولة أخيرة لضرب الصدقية، والعمل على تأطير القدرة على المناورة السياسية، لعدم القدرة على شد العصب.
في المحصلة، يبدو أن كل الملفات الساخنة من ترسيم للحدود واستخراج النفط والنهوض الاقتصادي والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي في طور التأجيل الى مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، أي مرحلة تبلور العناوين التي تؤسس للمرحلة المقبلة.
فهل يتحمل لبنان وشعبه عض الأصابع؟!… يرونه بعيدًا ونراه قريبًا بإذن الله.