كتبت زينة أرزوني في “اللواء”:
سيناريوهات عدة طُرحت عن اهداف تفجير “البيجر” من بينها ان اسرائيل ستنفذ عملية واسعة على الحدود الشمالية بعدما قطعت أوصال الاتصال بين عناصر حزب الله وقادته، وأحدثت حالة من الارباك والصدمة، ولكن “البيجر” لا يستخدم الا للإستدعاء وبعض المهام الضيقة، ولا ترتبط هذه المهام بالإطار العسكري للحزب.
وهنا يأتي السؤال الاهم هل هذه العملية السيبرانية نُفذت قبل موعدها المحدد؟، وما الاسباب التي ادت الى ذلك؟
من يراقب التصريحات الاسرائيلية على مدى الايام القليلة الماضية، وتلويحها بإحداث تغيير جذري على الحدود الشمالية، وحديثها عن حرب شاملة مع لبنان تزامناً مع التحشيد العسكري على الحدود، هدفه الاول ابقاء حزب الله على كامل جهوزيته جنوباً، وهو ما يردده دائما امين عام حزب السيد حسن نصرالله ان عناصر الحزب على أتم الجهوزية لمواجهة اي عدوان على لبنان.
الرواية الاقرب الى المنطق انه بعد إبلاغ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الإثنين، المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكستين، خلال زيارته إسرائيل بأنه يسعى إلى “تغيير جذري” على الحدود مع لبنان، وانه “لن يكون ممكنًا إعادة المستوطنين من دون هذا التغيير في الوضع الأمني شمالاً، كان سيعمد نتنياهو الى تسخين الجبهة الجنوبية عبر تكثيف الغارات والايحاء بأنه سيقدم على عمل بري عند الحدود اللبنانية، عندها سيعمل حزب الله على حشد عديده وعناصره لصد هذا الهجوم، فتقوم إسرائيل بتفجير “البيجر” اثناء تواجد غالبية العناصر والقادة الذين يحملونه عند الحدود، ليحدث نتنياهو ارباكاً لدى الحزب ويستكمل هو مخطته بتنفيذ عملية برية باتّجاه لبنان، ودخول جيش الاحتلال من القطاعات الثلاثة (الشرقي والغربي والأوسط)، وتحديداً من القرى والمناطق المدمّرة كلّياً والخالية من السكان، والتي هي بحدود 5 إلى 10 كيلومترات، وذلك بهدف مقايضة مسألة انسحابه من هذه القرى بعودة المستوطنين إلى المستوطنات في الجليل بعد وقف إطلاق الصواريخ والمسيّرات، ولكن يبدو ان تفجيرات “البيجر” في “لحظة استغلال الفرصة أو خسارتها”، كما وصف أحد المسؤولين الاميركيين الأسباب التي قدمتها إسرائيل للولايات المتحدة بشأن توقيت الهجوم، أحبطت هذا المخطط.
ضربة افتتاحية مفاجئة
من الواضح اذاً ان أجهزة المخابرات الإسرائيلية خططت لاستخدام الـ”بيجر” المفخخة كضربة افتتاحية مفاجئة في حرب شاملة لمحاولة شل حزب الله، وتحقيق تفوق استراتيجي، الا ن اسرائيل وبعد جمعها معلومات بأن عنصرين من حزب ولسبب ما إكتشفا اختراق شحنة “البيجر” التي وصلت اليهم قبل أشهر قليلة، هو ما جعلها تنفذ اقذر عملية امنية استخباراتية بتفجيرها الاجهزة خوفاً من خسارتها، وعوضا من تحقيق تفوق استرايجي على الحدود، تستعرض قوتها التكنولوجية وتوصل رسالة الى الحزب وجمهوره انها تستطيع الوصول الى اي مكان واي الشخص، وانها ادخلت الحرب في معادلة جديدة وخطيرة ولن تميز بعدها بين مدني وعناصر الحزب، اضافة الى رسالة الى الدولة اللبنانية بأنها ليست خارج المعادلة، والدليل على ذلك ان من انفجرت فيهم الاجهزة كانوا متواجدين بين المدنيين وفي اماكن عملهم.
اما عن نوع الرد الذي سينفذه حزب الله ضد اسرائيل، وهو ما سيلمح اليه امين عام حزب الله غداً في خطابه، فمن المؤكد سيكون قاسي وعلى نفس المستوى الاستخباراتي، ولكن حتما اسرائيل لن تنجح في جر حزب الله الى حرب واسعة على توقيتها، فالساعة لا تزال على توقيت المقاومة وقرار توسعة الحرب بيدها وهي من ستختار اللحظة المناسبة.