تركيا على مشارف انتخابات بلدية حاسمة في نتائجها، قد تغير الوجه السياسي للبلاد في المرحلة المقبلة، في وقتٍ تتجه فيه أنظار حزب العدالة والتنمية الحاكم، إلى استرداد كرسي أسطنبول.
تقف تركيا اليوم على أبواب انتخابات بلدية من المزمع عقدها في 31 آذار/مارس الجاري، بعد أشهر على الانتخابات العامة التركية التي وصفت بأنها “الأصعب في تاريخ تركيا الحديث”، وانتهت بفوز تحالف حزب “العدالة والتنمية” في البرلمان، ورجب طيب إردوغان بولاية رئاسية جديدة.
واليوم، يبدو أن الانتخابات البلدية في تركيا سترسم ملامح مستقبل البلاد السياسي للسنوات المقبلة، بعد أن باتت أكبر بكثير من استحقاق محلي داخلي، إذ يأمل حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في استعادة كبرى البلديات (إسطنبول وأنقرة وإزمير)، التي خسرها لصالح المعارضة في انتخابات العام 2019.
ومن يتابع تصريحات الرئيس التركي بشأن رئاسة بلدية إسطنبول- منذ خسارتها في 2019- يدرك حجم الأثر السلبي الذي خلفته تلك الخسارة على موقعه السياسي والشعبي، وهو ما يدفعه بقوة إلى خوض الانتخابات البلدية هذا العام، لاسترجاعها.
وهذا ما أكده في اجتماع لرؤساء فروع حزب “العدالة والتنمية” نهاية تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم، حين قال إن الهدف الرئيسي للحزب، هو استعادة إسطنبول، وأنقرة. فأيّ أهمية سياسية لهذه الانتخابات؟ وكيف سترسم مستقبل البلاد بعد أقل من عام على الانتخابات العامة؟
الثقل السياسي للانتخابات المحلية التركية
الباحث في الشأن التركي محمد أبو طالب، أكد للميادين نت، أنّه مع تنامي قوّة تركيا السياسيّة والاقتصادية والعسكرية خلال السنوات العشرين الماضية، وانخراطها بشكل مباشر في قضايا المنطقة وقدرتها على التأثير الحاسم في العديد من الساحات كأذربيجان مثلاً، أو تأثير فعّال كسوريا وليبيا، أضف إلى ذلك، اندلاع الحرب الروسية- الأطلسية على أراضي أوكرانيا، زاد من ثقل تركيا ووزنها ودورها، مع حاجة الأطراف المتصارعة لكسب أنقرة إلى جانبها.
وأضاف أنّ كلّ هذه القضايا، جعلت من الانتخابات التركية، بكل أنواعها، محطّ نظر القوى الإقليمية والعالمية، لإدراكها أن الواقع الذي تُنتجه الانتخابات، سواء العامة أم المحلية، ستنعكس نتائجه على السياسة الخارجية، خاصة مع وجود صراع سياسي وثقافيٍ (هوياتيّ) محتدم داخل تركيا.
وعن أطراف الصراع، قال أبو طالب، إنّ الأول هو محافظ قومي يقوده حزب “العدالة والتنمية” مع حليفه حزب “الحركة القومية”، وهو تيارٌ تتلاقح نظرته بين العمق القومي والإسلامي التاريخي للأتراك، والواقع البراغماتي الذي يرفض الانحياز الكلي إلى الشرق أو الغرب، أو مطلق أي محور، بل يتعامل معها قطعة قطعة بحسب مصالحه وأهدافه السياسية.
والثاني هو المعارضة التي تمثل مجموعة من التيارات المنقسمة الجذور والرؤى والأهداف، من اليسار إلى اليمين، ومن العلمانية إلى الإسلام السياسي، ومن الغرب إلى الشرق، ومن الأتراك إلى الكرد، لكن تجمعها قضيّةٌ واحدة: “التخلص من سيطرة رجب طيب إردوغان”.