اعتبر محللون اليوم، الجمعة، أن تهجمات وزراء وأعضاء كنيست من الائتلاف ضد قادة الجيش الإسرائيلي، على خلفية تحذيرهم من عواقب خطة إضعاف جهاز القضاء على كفاءات الجيش، وستضعف الجيش، وأن امتناع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عن دعم الضباط ضد التهجمات عليهم يهدف إلى تقويض ثقة الجمهور بالجيش.
وتتركز الأنظار في إسرائيل حاليا على ظاهرة توقف عناصر في الاحتياط عن الامتثال في الخدمة العسكرية احتجاجا على تقدم الحكومة في خطة إضعاف القضاء، وعلى مدى تأثير هذه الظاهرة على كفاءات الجيش وجهوزيته للحرب.
وكتب الباحث في “المعهد للسياسة والإستراتيجية” في جامعة رايخمان في هرتسيليا، ليئور أكيرمان، في صحيفة “معاريف”، أن “الواقع الحاصل في الدولة في هذه الفترة يشكل بالنسبة للجيش تهديدا داخليا متصاعدا عليه، وسيؤدي إلى تفتيته داخليا، إضعافه ونزع الثقة التي يستند إليها كجيش الشعب، من كافة الجهات – بين فئات في الشعب والجيش، بين الذين يخدمون كطيارين وضباط عمليات في الاحتياط وبين المستوى العسكري الرفيع والكابينيت (الحكومة المصغرة السياسية – الأمنية)، وحتى بين الجنود (في الاحتجاجات) والشرطة”.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي في وضع “متهلهل” بالنسبة للقوى البشرية في قسم كبير من الوحدات، قبل أزمة الخطة القضائية. “والكثيرون من العسكريين في الخدمة الدائمة وفي المنظومات القتالية والتكنولوجية غادروا الجيش على إثر الأجور المتدنية وغلاء المعيشة”.
وأضاف أن “ألوية الاحتياط سجلت تراجعا بعشرات النسب المئوية في الامتثال للخدمة بسبب وتيرة غير مألوفة في استدعائهم للخدمة في الضفة الغربية بسبب التصعيد الأمني، إلى جانب الشعور المتزايد باستغلالهم على خلفية عزم الحكومة سن قانون يعفي الحريديين من الخدمة العسكرية. والمحفزات لخدمة قتالية في حالة أفول في أوساط الشبيبة، الذين يفضلون خدمة في وحدات تكنولوجية تفيدهم في المستقبل، إلى جانب الارتفاع في حجم الإعفاءات من الخدمة العسكرية”.
وحسب أكيرمان، فإن تراجع كفاءات الجيش لا ينحصر فقط بتوقف مئات الطيارين الحربيين وضباط الوحدات الخاصة عن التطوع في الخدمة في الاحتياط، “والضرر الأكبر لا يتم الشعور به فقط لدى اختبار القوة العسكرية وصعوبة ممارستها بسبب غياب مقاتلين وضباط وطيارين. وإنما يتم الشعور به في الحرب التي يخوضها الجيش الإسرائيلي من أجل الحفاظ على قيمته الرسمية – الوطني، التي يبدو أنها باتت مفقودة لدى قيادة الدولة، ومن أجل وحدة الشعب والإجماع حول دلالة الخدمة العسكرية ومن أجل شفافية المعلومات ومصداقيتها مقابل الجمهور الإسرائيلي”.
وحول التهجمات ضد قيادة الجيش، رأى أكيرمان أن “المستوى السياسي يتجاهل بالمطلق دلالات الضرر اللاحق بالجيش، ومعظم الوزراء يرفضون وجهة نظر قادة الجيش الذين يحذرون من الأزمة. ورئيس الحكومة يوبخ الضباط ويهددهم باختبارات بوليغراف (جهاز كشف الكذب) كي يمنع تسريبات من لقاءات يعقدها قادة الجيش”.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، إلى أن غضب نتنياهو، عندما “وبخ” رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، خلال مداولات وُصفت بأنها “طارئة” مطلع الأسبوع الحالي، كان سببه أقوال قائد سلاح الجو، تومر بار، خلال لقاء مع عناصر في الاحتياط، يوم الجمعة الماضي، وعبر فيها عن قلقه من تضرر كفاءات سلاح الجو وأن سلاح الجو لن يعود إلى الوضع الذي كان عليه.
وأضاف هرئيل أنه “يبدو واضحا أنه في محيط رئيس الحكومة بدأت خطوة مدروسة، هدفها تقويض ثقة الجمهور بالجيش. وأعلن مكتب نتنياهو في أعقاب تلك ’المداولات الطارئة’ أنه أوعز لرئيس هيئة الأركان العامة بـ’الحفاظ على كفاءات الجيش’”.
وتابع هرئيل أن نتنياهو يعتبر على إثر ذلك إنه “إذا كانت هناك مشكلة منذ الآن، فإنها مشكلة هليفي؛ وإذا تذمر هليفي، فإنه لا يمكن الاعتماد على مصداقيته. وبشكل معاكس لأي منطق، تتسبب الحكومة نفسها بمخاطر حقيقية على أمن الدولة. ولم يعد هناك مجالا للشك. هدفها الأسمى هو مصلحة نتنياهو الشخصية. ومهما كلف الأمر. ورئيس الحكومة مستعد لهذا الرهان، كما هو حال الضرر المرجح باقتصاد الدولة”.