كتب مبارك بيضون
تشابه في المهام لكنّ الأول أميركي والثاني فرنسيّ، كلاهما يمثلان الخارج أتيا بمهمة واحدة مع اختلاف التفاصيل والزمان مع بقاء لبنان تحت الرعاية الخارجية.
عودة لودريان تُذكُرني بزمن فيليب حبيب المبعوث الأميركي إلى لبنان إبان الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام ١٩٨٢ وعمل آنذالك على وقف اطلاق النار بين الكيان الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية في عهد الرئيس الاميركي رونالد ريغان ووزير خارجيته اليميني المتطرف ألكسندر هيغ.
تختلف الصورة التي كانت في عهد فيليب حبيب بأن موازين القوى كانت راجحة آنذاك للعدو الإسرائيلي بدولة ما يسمى ب “إسرائيل” التي احتلت لبنان وصولا إلى العاصمة بيروت وفرضت مطالبها بالقوة العسكرية من خلال اجبار اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية دون منافس في تلك المرحلة فكان بشير الجميل رئيساً للجمهورية بعد الضغوط التي مُرست على النواب والتي أسفرت عن انتخاب الرئيس السابع للبنان في نصاب الثلثي من الجولة الثانية للانتخاب.
لكنّ لودريان برغم حنكته الدبلوماسية يستعين بالخارج بمباركةٍ عربيةٍ خليجيةٍ خماسيّة تسعى لملئ الفراغ في رئاسة الجمهورية والتي تجاوزت الثمانية أشهر فالمرحلة الآنية تشهد قوى فاعلة استطاعت فرض مشهد جديد على الساحة اللبنانية ومختلفة عن السابق.
وكلمة الفصل لمحور المقاومة بعدما استطاع فرض معايير تمكنه من اثبات واقع لم يعتاد عليه الكيان الاسرائيلي عبر حصر المواجهة في الميدان والرد المباشر حين يتطلب ذلك عملًا عسكريًا، وفرض واقع سياسي مكّن اللبنانيين من استعادة حقوقهم المائية والنفطية وأجبرت على التعاطي مع الدولة اللبنانية والخضوع للمطالب المخصصة وفرض واقع سياسي مختلف عن أي مرحلة سابقة، وعلى الداخل أن يعي ذلك دون تردد والتوجه نحو مفهوم مستجد وهو عامل القوة. وعلى القوى الخارجية أن تعي أن التهويل الذي تفرضه اللجنة الخماسية لن يفي بالغرض لأنه يتوجه لطرف واحد دون غيره وهذا ما يتنافى مع سياسة لبنان .
عليه، يجب الابتعاد عن ما كان سائدًا في الماضي لأن الماضي قد رحل وانطوت ومقولة أن “لبنان قوي بضعفه” قد ولّت واندحرت. “