كتب د قاسم قصير:
مشهد عودة ابناء جنوب لبنان الى قراهم يوم الاحد الماضي تزامن مع عودة ابناء قطاع غزة الى ارضهم في شمال القطاع ، ورغم كل محاولات العدو الاسرائيلي لمنع العودة واستعمال القوة وسقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى فقد نجح ابناء جنوب لبنان بالعودة الى القرى الحدودية بدعم ورعاية من الجيش اللبناني والمقاومة ، وفي قطاع غزة فرضت المقاومة على العدو تنفيذ قرار العودة فعاد ابناء شمال القطاع في مسيرة حاشدة الى بيوتهم المدمرة والى المخيمات التي قاومت الاحتلال طيلة سنة وثلاثة اشهر .
فما هي دلالات هذه العودة في جنوب لبنان وفي قطاع غزة ؟ والى اين تتجه الاوضاع في المرحلة المقبلة؟
دلالات العودة ؟
في جنوب لبنان حاول العدو الاسرائيلي طيلة سنة وثلاثة اشهر تدمير القرى الجنوبية الحدودية وانهاء كل مظاهر الحياة فيها وتدمير البنى التحتية واقامة منطقة عازلة ومدمرة ، ورغم انتهاء مدة الستين يوما لتنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار والذي يلزم الجيش الاسرائيلي بتنفيذ الانسحاب فان العدو الاسرائيلي حاول تاجيل ذلك والاستمرار في تدمير البيوت والمساجد والبنى التحتية ، لكن اهالي الجنوب لم ينتظروا حصول الانسحاب الاسرائيلي وعادوا بمسيرات شعبية ضخمة ، ورغم اطلاق الجيش الاسرائيلي النار على النساء والاطفال والرجال فقد تحققت العودة واضطر الجيش اللبناني وقوات الطوارىء الدولية لمواكبة العودة ، وقد ادى ذلك الى اتصالات دولية ولبنانية لاعطاء مهلة جديدة لتنفيذ الاتفاق الى 18 شباط لكن الاهالي لم ينتظروا ذلك واعلنت المقاومة الاسلامية دعمها ووقوفها الى جانب شعبها ، وكل ذلك يؤكد ان كل خطط العدو في اقامة منطقة عازلة في جنوب لبنان فشلت وان الشعب اللبناني نجح في فرض معادلة جديدة على الارض وذلك بدعم المقاومة والجيش اللبناني.
وفي قطاع غزة ورغم كل محاولات العدو الاسرائيلي تهجير ابناء شمال قطاع غزة الى الوسط والجنوب وتدمير كل مظاهر الحياة واقامة منطقة عازلة في شمال القطاع فان عودة ابناء القطاع الى الشمال من خلال مسيرة شعبية ضخمة يؤكد فشل العدو في تحقيق اهدافه وان الشعب الفلسطيني يرفض كل اشكال التهجير والنزوح مرة اخرى كما يخطط الاميركيون والاسرائيليون ، وان المقاومة هي الطريق الوحيد من اجل العودة والدفاع عن الارض.
الى اين تتجه الاوضاع في المرحلة المقبلة؟
لكن هل انتهت المعركة ؟ وما هي الاحتمالات المتوقعة وما هو المطلوب ؟
المعركة لم تنته ، لا في جنوب لبنان ولا في قطاع غزة ، فالعدو الاسرائيلي وبدعم اميركي وغربي يريد فرض معادلات جديدة عبر اقامة مناطق عازلة ومنع الاعمار وتهجير ابناء قطاع غزة ومنع عودة الجنوبيين الى المنطقة الحدودية في لبنان، ولذا فان المسؤولية كبيرة سواء في لبنان او في فلسطين لدعم الناس وهناك مهام عديدة امام قوى المقاومة والقوى الداعمة لها .
ومن اهم المهام حماية العودة بكافة الاشكال ، والاسراع باعادة الاعمار وتامين الشروط المناسبة للحياة والعيش ، وهذا يتطلب خططا سريعة وتامين كل اشكال الدعم الشعبي والعربي والاسلامي واستنفار العالم لدعم اعادة الاعمار والعودة الكريمة ، وكما ان احتمال عودة الجيش الاسرائيلي للحرب مجددا احتمال كبير سواء في لبنان او في فلسطين ، وهذا يتطلب تقييم ماجرى خلال معركة طوفان الاقصى ومعركة الاسناد والحرب على لبنان والاستفادة من الدروس والاخطاء واعادة بناء القوة مجددا .
نحن امام معركة متواصلة وخطة تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة والاراضي المحتلة في العام 1948 لا تزال قائمة ، كما ان الحرب على لبنان لم تنته ، وكل ذلك يتطلب المزيد من التحضير والاستعداد لمواجهة اي عدوان اسرائيلي جديد وتقديم كل اشكال الدعم لابناء جنوب لبنان وابناء فلسطين.