مع أن المقارنة لا تجوز، إلا أنه في ظل الخلط القائم ووضع الجميع وكأنهم متساوون في القيادة وخصوصاً في المجتمع المسيحي، لا بدّ من الإضاءة على الفرق بين قيادية الرئيس ميشال عون وزعامة سمير جعجع.
فالقائد هو من يمتلك الرغبة بينما الزعيم هو العاشق للسلطة. والجنرال عون كان دائماً صاحب الرغبة في أن يكون مخلّصاً لوطنه ولو حاربوه، ولم يكن يوماً هاوي سلطة، ولو كان كذلك لأخذ الرئاسة منذ نهاية الثمانينات حين عرض عليه الاخضر الابراهيمي أن يجلس على يمين الملك السعودي في الطائف ويعود رئيساً فرفض لأنه بذلك يكون خائناً لشعبه. أما جعجع فمسكون بالسلطة ولو لم يحصل عليها لعدة أسباب، وهو مارس الإلغاء تلوَ الالغاء ليكون هو الرئيس ولو لحزب، ويترجى اليوم السعوديين وغيرهم لنقله من قصر معراب الخاص إلى قصر بعبدا العام.
والقائد هو الذي يبث الحماس في نفوس الناس أما الزعيم فهو الذي يزرع الخوف في دواخلهم. والجنرال عون هو مصدر تفاؤل وأمل دائم وإيمان بأن المستحيل سيكون ممكناً، وبإيمانه هذا حقق الحرية والسيادة والاستقلال وهو مؤمن بأنه يضع حجر الاساس لبلد خالٍ من الفساد بمؤسسات نظيفة وقوية. أما جعجع فلا يعيش إلا على التخويف، أمس من سلاح حزب الله واليوم من الاحتلال الايراني وقيسوا على ذلك.
القائد هو النحن أما الزعيم فهو الأنا. وقد وضع الجنرال في أسس التيار الوطني الحر قواعد القرار الجماعي ولو أنه هو صاحب الرؤية والبصيرة، بينما هل تمارس قوات جعجع حداً أدنى من تلك الديمقراطية؟
القائد يبحث عن الحلول أما الزعيم فيلوم الآخرين على المشاكل. فالجنرال هو الطارح الدائم للحلول، من القوانين التي قدّمها إلى المبادرات السياسية والخطط الاقتصادية والمشاريع الانمائية وملفات الفساد التي رفعها للقضاء والتدقيق الجنائي والدعوات إلى الحوار، أما جعجع فلم يطرح حلاً واحداً بل يعيش على شعارات تحميل الآخرين المسؤولية والمطالبة بتنحيهم وإزاحتهم. بربّكم هل من يقول لنا أي خطة قدمها وزراء القوات في وزاراتهم؟ وأي اقتراحات قوانين قدّموها في مجلس النواب؟ وما هي مبادراتهم السياسية ورؤاهم الاقتصادية؟
القائد يواجه أما الزعيم فيهرب من المشاكل. فالجنرال عون رغم الحروب عليه، قرر أن يواجه وأن لا يستسلم منذ قيادة الجيش وحتى رئاسة الجمهورية وما بينهما ولم يستقل تحت الضغط على رغم مطالبته بذلك، أما جعجع فكل تاريخه وحاضره هروب، من المعارك في زحلة وشرق صيدا، إلى السياسة حيث قفز إلى المعارضة رافضاً الانخراط في حرب إعادة بناء الدولة ولا ينفك يطالب الآخرين بالاستقالة ويهلل للمستقيلين المجبرين عليها.
القائد يحب أما الزعيم فمجرد من العاطفة. ويكفي أن تسألوا من يعرفون الجنرال عن كَمّ المحبة في قلبه، وأن تسألوا المقرّبين من جعجع إذا شعروا يوماً بأي عاطفة أو محبة في حضرته. أليس السيد المسيح هو القائد الأول وقد جاء في يو:13:1 “أن يسوع قد أحبّ خاصّته”؟
القائد يشجّع أما الزعيم فيعاقب. ويكفي أن نشير إلى أن الرئيس عون صفح حتى عن من حاول قتله في 12 تشرين الاول 1990 ولم يعاقب أحداً فيما بعد حتى مَن اكتشف خيانتهم أو تورّطهم بأمور كبيرة، بينما جعجع يعاقب من يخالف مجرد قرار انتخابي.
القائد مرتبط بالانسانية أما الزعيم فبمزاجيته. وأترك لكم التفكير في هذين التعبيرين.
القائد صاحب خيار أما الزعيم فصاحب رهان. كم مرة اتخذ الجنرال خيارات ولو غير شعبية ولكنها كانت صائبة ولمصلحة الوطن، وكم مرة خاب رهان جعجع على مشاريع خاصة خارجية.
القائد صاحب رؤية أما الزعيم فإبن الآنية. ألم يصِب الجنرال عون في كل رؤاه؟ من الانسحاب السوري إلى عدم سقوط بشار الاسد وما بينهما وخصوصاً انتصار لبنان في حرب تموز وما بعدهما، أما جعجع فلا يزال يضع موس الحلاقة في جيبه، وحياة شواربه!
أكتفي بهذه المقارنة، وليختار المواطنون بين القائد والزعيم.