الاخبار الرئيسيةمقالات

بين الديمان ومار مخايل.. ومعارك الشرعية والشراكة والدور

الجريدة - رندلى جبور

لا يمكن قراءة لقاء الديمان بسذاجة، بل نحن مُلزمون بالقراءة بين سطوره.

ليس عابراً أن يصطحب رئيس حكومة مستقيلة غير أصيلة، حدودها تصريف الأعمال، ستة عشر وزيراً معه، ويذهب الى المقر الصيفي للبطريركية المارونية، بغياب رئيس الجمهورية، تحت عنوان “لقاء تشاوري”.

لجأ نجيب ميقاتي إلى رأس الكنيسة ليتلطى ويتغطى، وتعتبر شريحة كبيرة وأساسية من اللبنانيين أنه “يجمع حكومته بما يخالف الأصول، ويضع توقيعه تحت خانة رئيس الجمهورية ليبتدع لنفسه توقيعين، فيطلق بذلك الرصاص على الدستور ويغتصب صلاحيات الرئاسة، المغتصبة أصلاً بوقاحة كبرى في اتفاق الطائف، والذي كانت غطّته بكركي كذلك في مطلع التسعينات على الرغم من معارضة أكثرية المسيحيين وقيادتهم المتمردة من أجل الحرية أي ميشال عون”.

وكأن البطريركية التي وافقت على الطائف الذي، برأي شريحة أساسية من اللبنانيين، أدى إلى “قطع رقبة” الدور المسيحي في الدولة واغتيال صلاحيات الرئيس المسيحي، وغضّت النظر في ما بعد عن ممارسات “الترويكا”، ولم تخض ثورة حقيقية في وجه ضرب الشراكة والميثاقية طوال خمسة عشر عاماً، ومن خاض هذه المعركة هو العماد ميشال عون منذ عودته في 2005، تستقبل رئيس حكومة يخوض “التيار الوطني الحر” معركة في وجهه لأنه يعتدي على ما تبقى لدى الموقع المسيحي الاول.

والاسئلة تكون كالتالي:

ألا يعني استقبال سيدنا بشارة الراعي للوفد الوزاري الناقص مسيحياً، تطبيعاً مع تعدّي رئيس الحكومة المستقيلة على موقع الرئاسة الماروني عرفاً؟

أي نتائج سيؤدي إليها هذا اللقاء؟

هل فعلاً يمكن أن تنطلق الحلول من تشاور نصف مجلس بربع صلاحيات في مقر ديني؟ واذا كان الجواب لا، فماذا كان الهدف من اللقاء إذاً غير تشريع اللاشرعي وتأمين الغطاء للاعتداء على المسيحيين من مقر مسيحي؟ والاكتفاء بإطلاق النداءات بلا أي فعل عملي؟

وتزامناً مع لقاء الديمان، كان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يستكمل الحوار المستأنف مع “حزب الله” منذ منتصف حزيران، ويؤكد أنه لا يغطي أحداً ولا يتراجع ولا يتنازل ولا يعقد صفقة، بل يحاول التفتيش عن مخرج رئاسي قائم على التوافق بعيداً عن أسماء الاصطفافات أولاً، ومشروط بتأمين بندين ينقلان البلد ككل إلى ضفة أخرى ثانياً، وعندها يصبح الاسم مسألة ثانوية:

البند الأول، اللامركزية الادارية والمالية الموسعة. والبند الثاني، الصندوق الائتماني لحفظ وادارة أصول الدولة، وهذا ما قدّم به التيار تصوراً الى قيادة “حزب الله” في لقاء هو الثالث من نوعه في هذا الصيف وينتظر الجواب. بالتالي يكون التيار مبادِراً لا paravent لأحد، وواضعاً خريطة طريق واضحة فيما غيره يكتفي بإطلاق التوجيهات والصرخات والأسف، ويغطي اللاشرعي ويدعو إلى عدم القراءة بين السطور.

السطور وما خلفها واضحة، وكان الأجدى بالبطريركية المارونية أن تكون شريكة أساسية في ملفات مسيحية ووطنية كبرى، وأن تكون مع من يخوض معارك إعادة النازحين وإرساء اللامركزية وإنشاء الصندوق الائتماني، لا الاكتفاء بالشعارات والاستقبالات غير البريئة، أو أن تكتفي بالدور الروحي وبالمسائل الدينية، وكذلك بالنسبة لباقي المرجعيات الطائفية.

زر الذهاب إلى الأعلى