بمواكبة لقاء باريس: اتصالات محليّة وإقليمية لانضاج الحل اللبناني

الكاتب: قاسم قصير

رغم التقييمات المتضاربة حول نتائج لقاء باريس الخماسي بين الفشل والنجاح، فان مجرد انعقاده بدعوة فرنسية وحضور ممثلي خمس دول (فرنسا واميركا والسعودية وقطر ومصر) شكّل رسالة ايجابية على عودة الاهتمام الدولي والاقليمي بالشأن اللبناني في ظل انشغال العالم والمنطقة بتطورات كثيرة وليس آخرها تداعيات الزلزال الكبير الذي ضرب سوريا وتركيا.

وتشير مصادر مطلّعة في العاصمة الفرنسية إلى ان هذا اللقاء التشاوري هو الخطوة الأولى في مسار اقليمي ودولي من أجل البحث عن حلول للازمة اللبنانية، وانه ليس لدى الدول التي اجتمعت في باريس وصفة سحرية للحل في ظل تباين وجهات النظر وغياب طرف اقليمي هام عن الاجتماع وهو ايران، لكن هذا اللقاء قد يفتح الباب امام المزيد من الاتصالات والمشاورات للوصول الى رؤية موحّدة للحل في الاسابيع المقبلة.

ومواكبة واستكمالا للقاء باريس، فهناك جهود متعددة محلية واقليمية تجري من أجل تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف اللبنانية للوصول الى رؤية مشتركة للحل، إضافة لتأمين الدعم الاقليمي والدّولي لأي حل يمكن التوصّل إليه ويؤدي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة انقاذية قادرة على تنفيذ خارطة الاصلاحات المطلوبة واعادة ترتيب العلاقات بين لبنان والدول العربية وعلى الصعيد الدولي.

فما هي أبرز التحركات المحلية والاقليمية الجارية حاليًا لمواكبة لقاء باريس؟ وهل يمكن أن تساهم هذه التحركات في انضاج الحل اللبناني؟

ويمكن الإشارة الى أبرز هذه التحرّكات على الشكل الآتي:

أولاً: تحرّك بكركي والبطريرك الراعي الهادف الى تعزيز الحوار بين المكوّنات المسيحية اولا وعلى الصعيد الوطني ثانيًا، ورغم العقبات الكثيرة والخلافات بين الأطراف المسيحية حول تقييم هذا التحرك وإمكانية التجاوب معه، فإنه يشكّل دافعًا معنويًا من أجل الحث على التواصل واللقاء والبحث عن حلول للأزمة، وهناك تواصل مستمر بين البطريرك الراعي وعدد من القيادات السياسية والأطراف الحزبية والمرجعيات الدينية لتفعيل هذا التحرك.

ثانيًا: حراك الرئيس نبيه بري بالتنسيق والتعاون مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وبالتواصل مع حزب الله وعدد من القوى السياسية والحزبية، وهذا التحرك يهدف للبحث عن الخيار الرئاسي الافضل والذي يحظى بدعم داخلي وخارجي، وقد عمد جنبلاط الى تقديم طرح عملي للخروج من الأزمة من خلال طرح اسماء ثلاثة مرشحين غير النائب ميشال معوض وهم الوزيران السابقان زياد بارود وجهاد أزعور وقائد الجيش العماد جوزيف عون وتم بحث ذلك مع وفد حزب الله اولا وثانيا مع الرئيس نبيه بري ومن ثم مع بكركي، وتشير المعلومات الخاصة إلى أن هذا الطرح يحظى باهتمام كبير من الرئيس نبيه بري وهو يتواصل مع قيادة حزب الله لحسم الخيارات العملية والوصول الى رؤية موحدة، كما شكّل اللقاء بين المستشار السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل والسفير السعودي في بيروت وليد البخاري فرصة للتداول في الاوضاع كافة، ورغم ان الرئيس بري وحزب الله لم يحسما خيارهما بالتخلي عن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية فإن مجرد البحث في خيارات أخرى يؤكد إمكانية التوصل الى حلول، ولا سيما في حال لم يحصل فرنجيّة على الدعم الداخلي والخارجي المطلوب.

ثالثًا: تواصل حزب الله مع التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل وعدد من القيادات السياسية والحزبية والدينية، ورغم الاشكالات التي تحيط العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر فإن التواصل لم ينقطع والحزب حريص على عدم الذهاب الى اي خيار رئاسي بدون التنسيق مع التيار ، كما حرص حزب الله على متابعة الجولات على كل المرجعيات الدينية المسيحية ومواكبة كل التحركات الداخلية والخارجية والاستعداد للحوار حول كل الخيارات .

رابعًا: اتصالات وحوارات إقليمية ودولية ومشاركة أطراف محليّة فيها، وهي تتم من خلال الدبلوماسية الفرنسية اولا وبالتعاون مع قطر ومصر، كذلك لقاءات حوارية بعيدًا من الاعلام بين السعوديين والايرانيين، اضافة الى الحراك الفرنسي مع كل الاطراف المحلية وخصوصا حزب الله، وهناك مساعٍ داخلية وخارجية من اجل تعزيز هذه الحوارات للوصول الى رؤية موحدة ومشروع متكامل للحل، وان كانت بنود الحل لم تنضج بعد حتى الان.

وفي خلاصة هذه المعطيات فان الاتصالات واللقاءات ستكثف في الاسابيع المقبلة، وكان لافتًا التصريحات التي أطلقها الوزير السابق نهاد المشنوق بعد زيارته لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وحديثه عن مشروع عربي ودولي لحل الازمة خلال الاشهر المقبلة.

كل ذلك يفتح الباب أمام امكانية حصول حلول في المرحلة المقبلة وخلال فصل الربيع بأقصى حد كما تسير مصادر مطلّعة في بيروت، فهل ستصدق هذه التوقعات أو ان التطورات الاقليمية والدولية قد تطيح بالحلول؟

Exit mobile version